استنكرت مصادر مقربة من ملف سجناء السلفية الجهادية، الذين تم استثنائهم من برنامج المصالحة الذي بسطت الدولة سيطرتها عليه، ما وصفته ب"الحالة الإنسانية المزرية" التي بات يعيش عليها سجناء محكومون بمدد طويلة وسط هذا التيار السلفي، والتي أدت ببعضهم من الذين بلغوا سنا متقدمة، إلى الإصابة بأمراض مزمنة، تسببت لهم في فقدان بصرهم وعقولهم. واتهم عبد الكريم الشاذلي، أحد شيوخ السلفية الجهادية، في تصريح ل"أخبار اليوم"، جهات لم يكشفها، بأنها تريد أن "تقتات من هذا الملف ولا ترغب في الكشف عن الصورة الحقيقية التي يعيش عليها السجناء"، مستنكرا إبعاد الشيوخ عما يدور داخل السجون من مصالحات وصفها ب"الانتقائية"، التي لا تأخذ بعين الاعتبار الوضعية الصحية لهذا النوع من السجناء والذين شاخوا داخل السجون، وقال الشاذلي مستنكرا : "مازالت الأمور على حالها، رغم أن أغلب المعتقلين يريدون الخروج من السجن، ولكن ليس بالضرورة من خلال برنامج الدولة". واستنكر الشاذلي الذي يرأس الجمعية الوطنية للإدماج والإصلاح، وهو يستعرض الوضعية الصحية التي يعاني منها سجناء السلفية الجهادية، "حالة كل من يوسف أوصالح، أحد المتهمين في ملف تفجيرات 16 ماي، العضو في حزب العدالة والتنمية بالقنيطرة، والمحكوم بثلاثين سنة، الذي يعاني من وضعية صحية ونفسية خطيرة، بعد أن قضى 14 سنة في زنزانته في الوقت الذي تجاوز فيه 66 سنة". كما كشف الشاذلي "الحالة الصحية التي أصبح يعيش عليها السجين حسين بريغش، الذي يبلغ من العمر 80 سنة، وهو أحد السجناء المحكوم عليهم في ملف عبد القادر بلعيرج، والذي يعاني من أمراض متعددة فقد بسببها بصره، مثيرا الحالة الصحية للسجين رخا عبد الرحيم المحكوم في نفس الملف، والذي فقد عقله، وهي الحالات الصحية المتدهورة التي حمل المسؤولية فيها لسعد الدين العثماني رئيس الحكومة، باعتباره المشرف الأول على مندوبية السجون". وأوضح المتحدث أن مشروع المصالحة مازال قائما، تمسك به كل من مندوبية التامك والرابطة المحمدية للعلماء، مشددا على وجود ما سماه ب"الانتقائية" في استفادة بعض السجناء من العفو في إطار برنامج الدولة، خصوصا في وسط من حسنت نياتهم وأبدوا ليونة في مواقفهم من الثوابت، موضحا أن هذه المصالحة لم تعط أكلها، لأنها تستثني سجناء في وضعية صحية خطيرة وفي سن متقدمة. وأكد الشاذلي في اتصاله مع الجريدة، أن "هذا البرنامج بالنظر لعدد المعتقلين الذين ما زالوا وراء القضبان والذين يتجاوزون 600 معتقل، فإنه لم يقدم ما كان منتظرا منه وهو الإفراج عن كافة السجناء". وأعلن المتحدث ذاته، أن "برنامج المصالحة استثنى شيوخ السلفية الذين قادوا المراجعات وأشرفوا على مبادرات للمصالحة وسط السجناء، مستغربا عدم إشراكهم في برنامج الدولة، من أجل لقاء سجناء التيار السلفي الذين يحظون وسطهم بثقة عالية"، معتبرا أن "مشروع المصالحة ولد ميتا، لأنه من الصعب على المندوبية أن تفكك العقائد التكفيرية، التي لا بد لها من أهل الاختصاص، خصوصا وأن البرنامج كان سريعا يصعب فيه القيام بمراجعات فكرية عميقة". وأكد المتحدث أن السجناء يطالبون بإعادة محاكماتهم وبالإدماج، وليس ببرنامج المصالحة الذي يبقى في اعتقاده برنامجا "من أجل الاستهلاك وتلميع الصورة"، مؤكدا على ضرورة بذل "المزيد من الجهود الفعلية من داخل السجن لتغيير المعتقدات، ومساعدة من يخرج من السجناء على الإدماج، لأن هناك سجناء استفادوا من العفو وما زالوا يعانون من مشاكل اجتماعية كثيرة"، داعيا إلى الإعلان "عن مصالحة حقيقية ومحاربة كل ما يمكن أن يسقط ضحايا جدد في مستنقعات التطرف والإرهاب من جديد، عبر فتح حوار جدي يقوده علماء يحظون بثقة وسط التيار السلفي الجهادي".