في يونيو من السنة الماضية، كنا قد كتبنا مقالا صحفيا حول زيارة الملك إلى روسيا حللنا خلاله الأبعاد الإستراتيجية لهذا التوجه، فلعل كل قارئ لأبجديات السياسة الدولية يعلم علما تاما التداخل بين السياسة الروسية و الصينية في صياغة معادلات جديدة في الساحة الدولية بدا ًء من منطقة الشرق الأوسط مرورا بعمق إفريقيا و انتها ًء بشمال إفريقيا التي تعتبر معبرا مهما للصين كقوة .و كانت من بين النقط التي قمنا باستشرافها هي التوجه القريب إلى الصين لأبعاد استراتيجية مهمة لهذا البلد .تجارية عظمى، و لكونها تشكل حقلا خصبا مشكلا سوقا نموذجيا لطوفان السلع الصينية الرخيصة فعند مقاربتنا للإنفتاح المغربي على روسيا ، ذكرنا البعد العسكري لهذا الإنفتاح و دور روسيا في رأب الصدع بين المغرب و الجزائر و لعب دور إيجابي في ملف الصحراء عملا بالقاعدة الذهبية " لا تضع بيضك في سلة واحدة"، كما كان للأمر وقع على الشركاء الغربيين و رسالة مفادها أن العالم لم يعد أحادي القطبية و أن التوجه نحو شركاء المعسكر الشرقي يبقى أمرا و قبل ذلك قد زار وفد مغربي يترأسه الملك الهند، لذلك فالمشهد بات جليا، انفتاح المغرب بزيارة هرم سلطته على الثالوث الأهم في المعسكر الشرقي "روسيا و الهند و الصين" مشكلين حوالي ثلاث مليار نسمة، أي ما يقارب نصف إجمالي ساكنة الكرة و لنزع الإبهام عن هذا الأمر، نود أن نذكر بمجموعة من الوقائع التي حصلت نهاية العام الماضي، بدا ًء من إلغاء المحكمة الأوروبية لصفقة التبادل الحر في المجال الفلاحي و الصيد البحري، و تعتم الموقف الغربي حول ملف الصحراء، الذي يشكل .الأرضية، بات يشكل رسالة قوية للحلفاء التقليديين و هم الولاياتالمتحدةالأمريكية و الإتحاد الأوروبي .المحور الأهم للساسية الخارجية للمغرب و على ذكر ملف الصحراء، فقد دأبت الصين على اتخاد موقف حيادي في جل الملفات الدولية من بينها ملف الصحراء، و لعبت دور القوة الصاعدة المسالمة متهمة بالبعد الإقتصادي أكثر مما هو سياسي، لكنها اتجهت مؤخرا إلى صف المغرب في آخر تصويت في مجلس الأمن على ملف الصحراء. و لعل هذا الإتجاه يعتبر نوعا من المشاكسة التي تقوم بها الصين تجاه الدول .الغربية بعد تراجع موقفهم من الصحراء المغربية أما بخصوص البعد الإقتصادي، فتواجد الصين في المنطقة المغاربية قد يقلق بال الشركاء الأوروبيين الذين اتخدوا من هاته المنطقة حقل استثمار مهم بيد عاملة رخيصة و مدرة للأرباح. و خاصة و أن الصين لها من المقومات التنافسية و التاريخية ما يجعلها مقبولة بشكل كبير في هاته المنطقة، لعدم وجود أي إرث استعماري و لعدم تدخلها في السياسات المحلية و تميزها لذا، فأمام كل هاته المعطيات، نود أن ننوه على هذا الإتجاه السياسي للمغرب دون أن نضخم من الأمر، و نرجو أن تكون المقاربة السياسية للمغرب كما ذكرنا و ليس فقط نوعا من المشاكسة لأجل استمالة الحلفاء التقليديين، كما أن الجانب الجغرافي و التاريخي يحتم على المغرب إعادة تأسيس لعلاقات غير قائمة على التبعية مع الإتحاد الأوروبي، قوامها الإنفتاح على كل قوة