في الأيام القليلة التي تسبق يوم عيد الأضحى في المغرب، يتغير إيقاع الحياة كليا ليركز الجميع على هدف أول واحد، الظفر بأفضل خروف ليوم العيد، وزيادة في قيمة هذه المناسبة الدينية السنوية، يسميها المغاربة ب"العيد الكبير". فقبل يومين اثنين من يوم ذبح أضاحي العيد، زارت "العربية.نت" سوقاً في العاصمة الرباط لبيع خرفان العيد. أول ما يشد الانتباه رائحة قوية للخرفان تزكم الأنف وتخلق جوا استثنائيا، يتسابق في قلبه الصغار والكبار، وكل خروف يغادر السوق يدفع العابرين إلى طرح السؤال: "كم ثمن هذه الأضحية؟"، وعندما يسمع السائل الجواب، يسارع بالدعاء "اللهم اجعله أضحية عيد مباركة".. مشهد يتكرر مئات المرات. أسواق خاصة بالأضاحي وأسواق عيد الأضحى هي ساحات تخصصها المدن المغربية من أجل دخول باعة الخرفان القادمين من مختلف المناطق القروية لفتح أبواب شاحناتهم وعرض أضاحيهم على الراغبين في الشراء. وأساس البيع والشراء هي "مفاوضات ماراثونية"، يبرز خلالها الكساب (الفلاح) "مجهود عام في تسمين الخروف"، فيما يبحث الشاري عن "مناورات للتنقيص من الثمن الأول للبيع" للحصول على "أفضل أضحية بالمبلغ المالي المتوافر". ويتحول الخروف إلى "النجم رقم واحد" مغربياً في عيد الأضحى، يحمله المغاربة على أكتافهم، أو يكترون له عربات بمحرك ليصل إلى البيت. ويحظى الخروف بمرافقة استثنائية، من الكبار والصغار، ويأتي الجيران للمشاركة في جلسة "تقييم جماعي لجودة الخروف".. ولا تُسمع في الأحياء السكنية إلا أصوات الخرفان، فيما يقضي الأطفال "سويعات مرح" مع الحيوان الذي ينشر السعادة موسميا في البيت، امتثالا لشعيرة دينية ترافقها منذ قرون تقاليد محلية مغربية. وإلى جوار الخروف، تنشط مهن صغيرة و"مناسباتية"، مثل شحذ السكاكين وبيع الفحم الخشبي ومأكل الخروف الذي يقضي أياماً ولو قليلة في البيت، فيما يتزايد الإقبال مغربياً على كل شيء يمكن أن يكون مفيداً في العيد، بدءا من شراء سكين كبير الحجم للذبح، وقطعة قنب لعملية تعليق الخروف بعد الذبح والسلخ، وكميات من البصل الأساسي لإعداد وجبات الشواء التي ستمتد لأسبوع على الأقل، مرورا عبر التوابل والفواكه الجافة، التي ستزين طواجين اللحم. التفاصيل في عيد الأضحى وتركز النساء بربات الأسر في يوميات الإعداد التي تسبق يوم النحر، في تذكر كل لوازم أيام العيد، لتنفق الأسرة المغربية ميزانية لا تنخفض في المتوسط عن مبلغ 500 دولار أميركي لقضاء عيد سعيد. وعند اقتراب الساعة الثالثة بتوقيت المغرب في سوق الأضاحي، تتوالى المشاهد.. عشرات من الداخلين الآملين في خروف سمين وبثمن مواتٍ، وسط أحاديث عن الغلاء المستشري في السوق، فيما آخرون يغادرون السوق إما بخيبة أو بخروف ينشر فرحة سنوية وموسمية، بينما إحصائيا يتوفر المغرب على اكتفاء ذاتي، من قطيع الخرفان والماعز، ومن سلالات مختلفة، ويفوق بضعفين اثنين حاجيات السوق المغربية. وكإجراء لمساعدة الموظفين الحكوميين على شراء أضحية العيد، قررت الحكومة صرف الرواتب الشهرية استثنائياً، يومين اثنين قبل يوم العيد. أما المدارس فتوقفت فيها الدراسة بقرار وزاري من التربية والتعليم، ل10 أيام، لأن المغاربة ينفذون جماعة أكبر هجرة موسمية سنوية، من المدن الكبرى في اتجاه مساقط الرأس في المدن الصغيرة أو المدن الأخرى أو في اتجاه قرى في أعماق المملكة. وبالنسبة إلى المغاربة، فإن الاحتفال بعيد الأضحى أكبر مناسبة للفرح الجماعي خلال عام كامل، أي أنه الاحتفاء الأهم في أجندة عام كامل من المناسبات الدينية والوطنية. * المصدر: العربية