أصدر معهد الدراسات الاستراتيجية التابع للكلية الحربية للجيش الأمريكي دراسة حول الصحراء الغربية يوصي فيها بضرورة البحث عن نزاع لهذا الصراع يضمن مصالح المغرب والجزائر والبوليساريو، ويدعو القادة العسكريين الأمريكيين الى الاستفادة عسكريا من هذا النزاع. والدراسة الواقعة في 110 صفحة صدرت خلال الأسابيع الماضية وتحمل عنوان ‘الحرب والعصيان في الصحراء الغربية'، وتقدم عرضا مسهبا لتطورات هذا النزاع وعلاقة الولاياتالمتحدة به سواء في مرحلة الحرب الباردة أو خلال الحرب ضد الإرهاب. ويؤكد مدير المعهد دوغلاس دوفلاس في تقديم الدراسة انها تأتي بسبب أهمية الصراع الذي يعتبر من أطول الصراعات في العالم وبسبب أهمية المغرب للولايات المتحدة وضرورة إحلال السلام في شمال إفريقيا. وتعتبر الدراسة أن واشنطن لعبت دورا هاما في الصحراء من خلال شحنات الأسلحة والمساعدات العسكرية التي توصل بها المغرب وجعلته الثاني في إفريقيا بعد مصر الأكثر استفادة من المساعدات العسكرية، ثم الاهتمام الذي أولاه وزراء الخارجية للنزاع وخاصة جيمس بيكر وهيلاري كلينتون. وتقدم الدراسة توصيات متعددة، أولها ذات طابع عسكري، إذ تدعو البنتاغون الى الاستفادة من هذه الحرب لأنها جرت بين جيش مجهز بآليات عسكرية ومحمي بجدار أقامه لمنع التسلل ثم حرب العصابات التي شنتها البوليساريو في الماضي. وكيف لم يتكمن الجدار من وقف هذه الهجمات ولم يلحق هزيمة حاسمة لمسلحي البوليساريو. وترى الدراسة أن الولاياتالمتحدة قد تتدخل مستقبلا في منطقة الساحل، ولهذا عليها الاستفادة من تكتيك البوليساريو في حرب العصابات. في الوقت ذاته، تدعو الدراسة الى تعميق المعرفة بالجيش المغربي والاستفادة من تجربته في محاربة الإرهاب في المنطقة. في الوقت ذاته، تصر الدراسة على مراقبة تطورات الصحراء وعلاقتها بالساحل، مصدر الإرهاب، وضرورة تطوير وتقوية التنسيق الحاصل مع الأجهزة الاستخباراتية المغربية. وحول خطر الإرهاب، تحذّر الدراسة من اليأس المسيطر على أغلبية الشباب في مخيمات تندوف وخطر تفويت معرفتهم الجغرافية والثقافية الى التنظيمات الإرهابية. لهذا تدعو الى ضرورة البحث عن الحل. وتبرز الدراسة دور الولاياتالمتحدة في نزاع الصحراء وخاصة قرارات الأممالمتحدة، وإن كان لا يلفت الانتباه كثيرا، وتعتبر الدول الأوروبية مطالبة بالاهتمام أكثر بهذا الملف الذي يقع في دائرة نفوذها التاريخية للبحث عن حل لتفادي تطورات سلبية مستقبلا. والمثير أن الدراسة تعتبر أن القانون يقف الى جانب جبهة البوليساريو نسبيا ولكن استقلال الصحراء ليس بالحل الواقعي نهائيا، وترى أن أحسن حل هو الذي يضمن مصالح المغرب والجزائر والبوليساريو. وتدافع الدراسة عن الحكم الذاتي كحل مناسب للنزاع ولكن ترفضه في صيغته الحالية التي يقدمها المغرب، بل يجب أن يتضمن تحسينات في حقوق الإنسان وسياسية. وحول هذه النقطة، تدعو الدراسة الى ضرورة تشجيع الأوروبيين وخاصة فرنسا والمغرب على تنفيذ الحكم الذاتي. كما تدعو الى ضرورة أن يبدي المنتظم الدولي اهتماما بنزاع الصحراء حتى لا يدفع البوليساريو الى مغامرة غير مرتقبة. وهذه الدراسة،التي توصي بضرورة الاعتناء بنزاع الصحراء حتى لا ينفلت من السيطرة السياسية، هي من أولى الدراسات المهمة حول نزاع الصحراء من وجهة نظر عسكرية واستراتيجية أمريكية.