لا يفصلنا عن يوم الامتحان الانتخابي العسير للاستحقاقات الجماعية والجهوية للرابع من شتنبر الجاري سوى ساعات قليلة، ستَعرفُ بعده الأحزاب السياسية المغربية حجمها الحقيقي وستقيس شعبيتها لدى المغاربة، كما ستقيس الدولة مدى استرجاع المواطنين لثقتهم في سياسيي بلادهم. فمن من الأحزاب سيصنع الحدث ويُثبتُ أنه "الأقوى" في مشهد سياسي مغربي مُبلقن؟ وهل سيُحافظ حزب العدالة والتنمية على الصدارة؟ أم ستكون هناك مفاجئات لم تكن في الحسبان؟ من وجهة نظري كمتابع للمشهد السياسي المغربي، أرى أن حزب العدالة والتنمية أهلٌ بصدارة نتائج الانتخابات الجماعية والجهوية المقررة في 04 شتنبر الجاري لعدة أسباب أُوردها كما يلي: أولا، عندما بُثَّ مقطع فيديو لمحمد حنيني، المنتمي آنذاك لحزب العدالة والتنمية، والذي كان رئيسا للمجلس الجماعي لمدينة ميدلت، وهو يمدُّ يده ذات يوم لتسلم "رشوة" من أحد الأشخاص، تم تجميد عضويته على الفور وطرده إخوان بنكيران من بينهم، وأعلنوا: "لا مكان لمثل هؤلاء بيننا". ثانيا، عندما ثبت على رئيس جماعة أخرى بالجنوب المغربي، ينتمي لحزب "المصباح"، فساد في تدبير أمور الجماعة، جرده على الفور من عضوية الحزب وأعلن بنكيران وإخوانه مرة أخرى: "لا مكان لمثل هؤلاء بيننا". ثالثا، عندما تتحدث الصحافة الوطنية ب"سوء" عن مستشار جماعي من "البيجيدي" أو عضو آخر، بمن فيهم الأمين العام للحزب، عبد الإله بنكيران، تتحرك مسطرة المحاسبة الداخلية، وتقرر على ضوء صحة المعطيات المنشورة ما ستتخذه بشأن العضو المعني. في المقابل، عندما قرر القضاء متابعة خالد عليوة، القيادي في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والرئيس المدير العام السابق للقرض العقاري والسياحي، بسبب ملف للفساد بالمؤسسة، تطوع الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والمحامي، إدريس لشكر، شخصيا للدفاع عنه، بدل تجميد عضويته إلى حين النظر في قضيته، وغيرها من القضايا التي تورط فيها أعضاء في حزب الوردة لكنهم ما زالوا ينعمون بالوقوف تحت مظلته. وعلى غراره تصرف حليفه الاستراتيجي والأمين العام لحزب الاستقلال، حميد شباط، عندما دافع بشدة على عبد اللطيف أبدوح، القيادي والبرلماني في حزب الميزان، عندما ادانه القضاء ب 5 سنوات سجنا نافذا واداء غرامة مالية قدرها 50 ألف درهما بتهمة تتعلق ب"تبديد أموال عمومية"، ورمى شباط القضاء بالتهم بدل أن يرمي باستمارة العضوية في حزب علال الفاسي في وجه "أبدوح"، وغيرها من القضايا متورط فيها اعضاء من حزب شباط يسيرون جماعات قروية أو برلمانيين، لا يتسع المجال لذكرها. أما حزب الأصالة والمعاصرة، فما زالت تُطارده "خطيئة الميلاد"، و"الهجرة الجماعية" لمجموعة من البرلمانيين الذين وُصفوا من قبل الصحافة الوطنية ب"المتملقين المتسلقين"، وتخلوا عن قبعاتهم الحزبية المختلفة ولبسوا قبعة "الجرار". وما زال حزب مصطفى الباكوري لم يقم بعد بتمرين "حسن نية" بسيط بتنقيته من "الوصوليين" والاعتذار للمغاربة عن "نية التحكم" و"نهج الحزب الوحيد"، الذي وأدته رياح الربيع الديمقراطي في مهده. أما حزبي الحركة الشعبية والتجمع الوطني للأحرار، فقد اتضح في الانتخابات المهنية الأخيرة أن لا سلطة لهما على بعض "مناضليهما"، وأن أشخاصا كثرا يُوظفون قبعاتهما "انتخابيا" فقط، ولا يتشربون "إيديولوجيتيهما"، ويغيرونها عند اقرب فرصة سانحة، خصوصا عندما يدخل المال الحرام على الخط، وتبدأ قصة شراء الذمم الذي قطع الطريق أكثر من مرة على تنزيل تحالف الاحزاب المشكلة للحكومة على مستوى الغرف المهنية بمجموعة من جهات المملكة. وإذا ما أضفنا إلى كل المعطيات السالفة الذكر ما حققه حزب العدالة والتنمية من إنجازات على أرض الواقع على مستوى الجماعات الحضرية والقروية التي يدبرها، والإنجازات الحكومية، فإنني لا أبالغ إذا قلتُ إن "البيجيدي" سيتصدر نتائج الانتخابات الجماعية والجهوية للرابع من شتنبر 2015، إن لم أقل إنه سيكتسحها.