لا يكاد رئيس الحكومة، عبد الإله بن كيران، ينتهي من شوط في مسار تدبير تجربته الحكومية حتى يجد نفسه أمام جبهة من جبهات التصدي للإجراءات التي يباشرها رفقة فريقه الحكومي، وهي الإجراءات التي ترى فيها هذه القوى تهديدا لمصالحها، وتدخلها في إطار القرارات الشعبوية ذات الخلفية السياسوية. فبالكاد نجح بنكيران في التخلص من "شبح" حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، الذي أوفى بوعده بالانسحاب من التحالف الحكومي الأول مخلفا وراءه أشهرا من الانتظار بسبب المفاوضات العسيرة للملمة تحالف جديد. التحالف المعارض الجديد الذي يضم أربعة أحزاب سياسية، انضمت إليه لأول مرة، أربع مركزيات نقابية ذات تمثيلية كبيرة، مما يشكل تهديدا "حقيقيا" لاستمرار حكومة عبد الإله بنكيران بالنظر إلى الثقل السياسي والاجتماعي والتغيير الذي يمكن أن يحدثه هذا التحالف على الأرض، من زاوية نظر مهندسيه وصناع قراره. غير أن حزب العدالة والتنمية المتزعم للحكومة لم يتأخر في الرد، معلنا عن "تحديه" لهذا التحالف، الاستمرار في درب تنزيل الإصلاحات في مختلف الميادين. وهناك سيناريوهان محتملان أمام رئيس الحكومة للتعامل مع هذا المستجد الأول من نوعه في المغرب. السيناريو الأول، هو أن يشهد هذا التحالف انقساما، أي نفس مصير تحالف G8 لاختلاف التوجهات السياسية للهيئات المشكلة له، خاصة بعد التذمر السائد وسط زعماء المركزيات النقابية من الجمع بين رئاسة حميد شباط لحزب الاستقلال ونقابته الاتحاد العام للشغالين. السيناريو الثاني، هو نجاح هذا التحالف في حشد الجماهير والضغط على الحكومة بالإضرابات في القطاعين العام والخاص، وإحداث شلل في الإدارة العمومية، ينتهي بأمرين: إما باستجابة رئيس الحكومة لمطالب التحالف بتأجيل الإصلاحات الكبرى (إصلاح صناديق التقاعد وصندوق المقاصة والإصلاح الضريبي ..)، أو يتمسك عبد الإله بن كيران ببرنامجه الحكومي والسير فيه بعيدا، وهو السيناريو المشابه للطبعة الأولى من الحكومة، والتي انتهت بالتعديل والتحاق حزب جديد بالحكومة.