قد يبدوا العنوان للقارئ الكريم مند الوهلة الأولى غريبا بعض الشيء، فكيف للحكومة المغربية التي فتحت نقاشا واسعا عبر وزيرة التضامن، السيدة بسيمة الحقاوي حول ظاهرة التحرش الجنسي، ولولا بعض الاكراهات، لكان الشباب اليوم يعتقل بتهمة التحرش الجنسي كجريمة يعاقب عليها القانون . لكن المواطن العادي البسيط الذي لم توفر يستقل المواصلات العمومية يوميا، ذاهبا إلى عمله سيفهم مباشرة علاقة الدولة بالتحرش الجنسي. إن الحمام المختلط الذي تعيشه حافلاتنا كل يوم برعاية رسمية من وزارة التجهيز والنقل، لا يمكن أن يكون مسموحا به أي دولة ترفع شعارات الحرية والكرامة ومحاربة الفساد. لقد أصبحت حافلاتنا اليوم وبدون مبالغة مرتعا للباحثين عن التحرش بالنساء لفظيا وجسديا وجنسيا، والمواطن المغربي ن الدرجة الثالثة أو حتى الثانية مطالب كل يوم باجتراع هذه المعانات. ذات يوم وأنا أستقل حافلة "ستاريو" التي كان مسئولو مدينة الرباط يعدون بأنها ستكون الحافلة الوردية التي تحترم كرامة المواطن، وتجعل لكل راكب مقعدا مخصصا له قبل أن يكتشف المواطن أنها أسوء من سابقاتها بكثير، فجأة اشتعلت إحدى النساء بالصراخ داخل الحافلة .. واك واك أعباد الله.. اللهم ان هذا لمنكر ، علاش هاد الناس ما يزيدوش لينا طوبيسات .. ونمشيو بكرامتنا ..واش حنا حيوانات باش نمشيو هاكا ... بعدها توالت صرخات المواطنين الموجهة الى "الروسوفور" و"الشيفور" باعتبارهم الممثل الوحيد للشركة داخل "الطوبيس" .. فاستأسد "الروسوفور" دفاعا عن ماء وجهة الشركة التي تعطيه "طرف ديال الخبز" بالقول .. اذا زدنا الطوبيسات را الشركة غادي تدير فاييت .. حيت را في الليل كايرجعوا الطوبيسات خاويين .. بمعنى فلتذب كرامة المواطن المغربي الى الجحيم ..المهم هو الشركة ما تديرش فاييت.. انه الحال عندما تفوض الدولة هذا المجال الى الخواص الذين لا يعرفون الى لغة الدرهم والدينار ولا يعيرون أي اهتمام لكرامة المواطن. لكن يبقى كل ما قلناه في حق الحافلات العمومية بمثابة الجنة، إذا ما قارناه ب"الطاكسي البيض"، انه أرخص حانة ليلة يمكن الولوج إليها ، ضوء خافت وموسيقى صاخبة وعناق هنا وهناك و الثمن 4 دراهم، انه مشهد لو عرض في فيلم سينمائي على شاشاتنا التلفزية لتضمن ملاحظة للبالغين فقط، وذلك لمشاهد الاستثارة الجنسية التي يضمه . قبل أن تفكر الدولة في قانون يجرم التحرش الجنسي، يجب عليها أولا التفكير في سياسة جدية لتدبير النقل العمومي تحمى في كرامة المواطن المغربي.