مما لاشك فيه أن قضية الإرهاب تعتبر من بين القضايا التي شغلت بال البشرية مند أمد ليس بالقصير، وتعد هذه القضية من أكبر مصادر القلق الذي يهدد المجتمعات الإنسانية في الوقت الراهن نظرا للدينامية التي تعرفها بمباركة الأهداف السياسية. فما معنى الإرهاب؟ ومامعنى الاستحمار؟ وما العلاقة التي تربط بينهما؟. لكي نجيب عن السؤال المطروح سيكون من المنهجي توضيح مفهومي الإرهاب والاستحمار. أولا:"الإهاب" نظرا لعدم وجود تعريف شامل ومتفق حوله للإرهاب سنكتفي بتوصيف الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب 1998 التي حددته على أنه كل فعل من أفعال العنف؛ أو التهديد به أيا كانت بواعثه وأغراضه وتقع تنفيذا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس. ثانيا:"الاستحمار" هو مصطلح أطلقه الدكتور علي شريعتي في كتابه «النباهة والاستحمار»، وعرفه بأنه: «تزييف ذهن الإنسان ونباهته وشعوره وحرف مساره عن النباهة الإنسانية والنباهة الاجتماعية فردا كان أو جماعة». وبناء عليه فقد يستغرب البعض؛ لماذا نطرح مفهوم « الإرهاب والاستحمار» العلاقة التي تربط بينهم؟. هذا سؤال قد يستغرب القارئ من طرحه، لكن دعونا نقول أن الإرهاب قد أخد مسارا خطير وأضحى آلية محورية لاستحمار الشعوب العربية ومن على شاكلتها، حيث بلغ الاستحمار درجة كبيرة من القوة والشيوع وتم هذا باختيار الإرهاب كآلية استغفال استطاعت تجهيل الشعوب وإلهائها عن المصير وشغلها في دوامة وهمية لاستغلال خيراتها ومواردها الطبيعية وإبعادها عن التنمية والتطور المنشودين. وعلى هذا الأساس فإن الإرهاب أداة استحمار جديدة أحسن الغرب توظيفها لإلهاء المجتمعات عن القضايا المصرية والوعاية الاجتماعية، حيث شكل الإرهاب وسيلة لتحقيق الهدف" الاستحمار" الذي يضمن استمرار الاستعمار ، وهذا ما يتضح في الاختلاف القائم في توظيف الإرهاب على أرض الواقع من طرف الدول المتحكمة في القرار العالمي من خلال إلصاقه بمن تريد متى أرادت حتى تشرعن لأفعالها الاستعمارية. ترتيبا على ماسبق نستطيع القول أن قصة الإرهاب لاتعدو أن تكون إلا صناعة غربية من أجل السيطرة على الدول المستهجلة وهذا ما أكده كل من الفيلسوف الألماني يوغن هابرماس والفرنسي جاك دريدا في حوارهما مع الباحثة الأمريكية ذات الأصل الإيطالي جيوفانا بورادوري في كتابها «الفلسفة في زمن الإرهاب» ،حيث تحدث كل من هما عن «كيفية استغلال القوى العظمى للإرهاب وكيف أن الولاياتالمتحدةالأمريكية ألبسته تعريفا فضفاضا بحيث تستطيع أن تفسره بحسب مصالحها وما يلاءم سيايتها» وحاصل الكلام يتضح أن خدعة الإرهاب يتم رعايتها وحرصها لضمان استمرار استحمار الشعوب سياسيا واجتماعيا…،ولن تتحرر الأمم من هذه المسرحية إلا بوعيها بلحظتها التاريخية وبواقعها الاجتماعي.