رفضت قيادات إسلامية إصدار الحكم على تجربة التيار الإسلامي في السلطة "بالفشل"، على ضوء الانقلاب العسكري وإنهاء حكم حركة الإخوان المسلمين في مصر، وما تتعرض له حركة النهضة التونسية من ضغوط لإجبارها على الاستجابة لمطالب المعارضة والتي تعتبرها محاولة انقلاب عليها. وخلال أشغال المؤتمر الوطني الخامس لحركة النهضة الجزائرية، استطلعت الجزيرة نت آراء بعض القيادات الإسلامية المشاركة في المؤتمر، حول تقييمهم لتجربة الإسلاميين في الحكم على ضوء تجربة الإخوان المسلمين في مصر التي انتهت بانقلاب عسكري والزج بقياداتهم في السجون، وما تشهده تونس أيضا من خلال إصرار المعارضة على رحيل رئيس الحكومة، ومحاولة فرض مجموعة من الشروط لمواصلة الحوار، وهو ما تعتبره حركة النهضة الإسلامية محاولة للانقلاب عليها. ويعتقد القيادي في حركة النهضة التونسية ووزير الخارجية السابق رفيق عبد السلام أن الحكم على تجربة التيار الإسلامي بالفشل هو حكم مسبق، والسبب في ذلك برأيه أن هذا التيار استلم جزءا من السلطة ولم يستلم السلطة بصورة كاملة، كما أنه واجه تحديات انتقال كبيرة في مرحلة تحول كبيرة تشهدها المنطقة العربية، من خلال ما حدث في مصر وتونس. ولا يجزم عبد السلام بأن التيار الإسلامي كان موفقا ولم يرتكب أخطاء بحكم أن التجربة كانت جديدة في مجال الحكم، لكن رغم ذلك يشدد على أن هذا التيار ما زال يمتلك المشروعية الأخلاقية والسياسية لقيادة المرحلة الراهنة والمراحل القادمة، فإزالة الإخوان عن الحكم في مصر برأيه لم يكن نتيجة صناديق الاقتراع، ولكن بقوة الدبابة، وهذا ما يمنحهم أكثر المشروعية الأخلاقية والسياسية، ويجعلهم تيارا له حظوظ في مستقبل المعادلة السياسية في مصر وفي عموم المنطقة العربية، على حد قوله. ورفض القول بأن التيار الإسلامي تسرع في استلام الحكم لأن طبيعة المرحلة فرضت متغيرات جديدة في المنطقة، فثورات الربيع العربي قلبت المعادلة رأسا على عقب، وهذا التيار جزء من هذا التحول في المنطقة، وهي الأحداث التي غيرت الأجندات والمشاريع السياسية لمجمل التيارات السياسية، بما في ذلك الحركات الإسلامية. حكم مبكر من جانبه يرفض عضو الأمانة العامة لجماعة العدل والإحسان المغربية حسن بناجح القول بفشل تجربة الإسلاميين في الحكم، فالوقت برأيه ما زال مبكرا للحكم عليها، وهو يرى أن المدة التي أتيحت للتيار الإسلامي من أجل تدبير الحكم في الأقطار العربية قصيرة جدا. وأوضح أن الإسلاميين واجهوا في بداية فترة حكمهم عراقيل ومحاولات إجهاض مشروعهم بترتيب من قوى داخلية وخارجية لا تريد نجاح المشروع الإسلامي في العالم العربي، وبالتالي ليس من المنطقي ولا المعقول -حسب رأيه- أن يتهم الإسلاميون بالفشل لأنهم لم يحصلوا على الفرصة كاملة. وحسب بناجح فإن دعاة الديمقراطية أثبتوا أنهم أبعد الناس عن ممارستها، فبعدما كان الإسلاميون يتهمون بأنهم يتخذون الديمقراطية سلما للوصول إلى الحكم وبعد ذلك يأخذون السلم معهم، اتضح الآن أن "الديمقراطيين" هم العدو الأول للديمقراطية وللتداول على السلطة. ولا يخشى بناجح على مستقبل التيار الإسلامي في العالم العربي في ظل تجربتي مصر وتونس، لأن الحركة الإسلامية برأيه متجذرة في الشارع والمجتمع، والتجارب السياسية تثبت أن كل تيار في مرحلة صعود ونزول، ولكن ما حدث من انقلاب على الشرعية سيزيد من تجذر الحركات الإسلامية. وفي نفس السياق يرفض رئيس مجلس شورى حركة النهضة الجزائرية يزيد بن عائشة القول بفشل الإسلاميين في الحكم نظرا لقصر تجربتهم في السلطة. ويرى بن عائشة أن التيار الإسلامي لم يكن مخيرا في استلام السلطة بل أجبر على ذلك، لأن الحتمية الواقعية التي فرضها الربيع العربي أجبرتهم على دخول المعترك الانتخابي، "فأحيانا قد لا تريد المعركة لكنها تفرض عليك". وشبّه استلام الإسلاميين للحكم في هذه الظروف "بالعملية القيصرية"، معتبرا أن الظروف التي وصل فيها هؤلاء إلى الحكم غير مناسبة. المصدر: الجزيرة