استعرض والي بنك المغرب، السيد عبد اللطيف الجواهري، أمس الاثنين بالعاصمة البرتغالية لشبونة، وضع المغرب المستقر، مشيرا إلى أنه استطاع بفضل اختياراته تعزيز صورته كبلد مستقر ينهج سياسات اقتصادية ومالية ملائمة. وقال الجواهري، خلال مشاركته في مؤتمر نظمه البنك المركزي البرتغالي حول موضوع ''المغرب أمام محك التغيرات الاقتصادية والاجتماعية'' إلى مدير البنك، كارلوس كوستا، وسفيرة المغرب بالبرتغال كريمة بنيعيش، (قال) أن المغرب يحظى اليوم ب "الثقة المتجددة دائما من قبل شركائه الأجانب والأسواق الدولية". وأضاف والي بنك المغرب، في حديثه أمام حشد من المسؤولين وممثلين عن البنوك ورجال أعمال برتغاليين، أن الانتقال السياسي بالمغرب "تم بشكل سلس وهادئ"، في وقت "عرفت فيه كل أنحاء العالم حركات احتجاجية بل ثورات، لا سيما في البلدان العربية بفعل الأزمة الاقتصادية شهدت سنتي 2010 و2011".، منوها إلى أن ذلك "شكل خصوصية المملكة"، واستعرض "الإصلاحات السياسية بالمملكة والمستجدات التي تضمنها الدستور الجديد". وبخصوص الانتقال الاقتصادي والمالي، أشار الجواهري إلى أن معدل النمو "عرف خلال العشر سنوات الأخيرة تغيرا كبيرا"، موضحا أنه أصبح "أقل اعتمادا على القطاع الفلاحي وبالتالي أقل تقلبا"، وأكد في هذا الصدد على "أهمية الطلب المحلي، والذي ساهم إلى حد كبير في هذا التغير، وكذا مواصلة تنويع القطاعات التي يعتمد عليها الاقتصاد". وأشار إلى إن هذا التغيير "رافقته سياسة مالية توسعية"، مضيفا أنه "من حيث الاستثمارات الأجنبية المباشرة، يعتبر المغرب من بين البلدان الإفريقية الأكثر جاذبية". وأكد الجواهري أن القطاع البنكي المغربي "مرن وقوي"، كما أن البنوك المغربية "أبانت عن أداء قوي"، مشيرا إلى أن القطاع "عرف توسعا على الصعيد الدولي، وخاصة في إفريقيا". وقال إنه في ظل التحديات التي تواجه البلاد، تم خلال السنوات الأخيرة اعتماد استراتيجيات جديدة للتنمية، إلى جانب العديد من التدابير والإصلاحات الاقتصادية، مذكرا، في هذا الصدد، بالعديد من المخططات القطاعية، وخصوصا مخطط "المغرب الأخضر" والاستراتيجية الطاقية ورؤية 2020 الخاصة بقطاع السياحة. وأوضح والي بنك المغرب أنه تم دعم مختلف الاستراتيجيات القطاعية الرامية إلى تحسين التنافسية، من خلال إجراء عدد من الإصلاحات في مجالات الضرائب والمالية وأنظمة الصرف. واعتبر أنه "بالنظر للانفتاح المتزايد للاقتصاد المغربي، فإن المرور من نظام صرف قار إلى نظام صرف متغير خيار يفرض نفسه بشكل منطقي، وهو ما تشتغل عليه حاليا وزارة الاقتصاد والمالية وبنك المغرب". وقال "إن المغرب انخرط، بشكل كامل، في العولمة، واختار بحزم التأقلم مع الوضع الدولي، آخذا بعين الاعتبار الإيجابيات والسلبيات المرتبطة بهذا الأخير"، مشيرا إلى أنه "في ظل حالة الجمود على مستوى المغرب العربي، فإن المغرب توجه نحو إفريقيا جنوب الصحراء ونحو بلدان الخليج". وذكر أيضا أن بنك المغرب بدأ، خلال سنة 2007، دراسات حول استراتيجية تنمية القطاع المالي المغربي بالنسبة للعقد المقبل، وهو ما أفضى إلى مشروع تموقع الدارالبيضاء كمركز مالي إقليمي يخدم مناطق المغرب العربي وإفريقيا جنوب الصحراء وشركائه، كما يوفر واجهة بين الشمال والجنوب وبين دول مجلس التعاون الخليجي والجنوب. وأبرز الجواهري أيضا العلاقات بين المملكة والاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى أن المغرب كان أول بلد من الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط يستفيد من الوضع المتقدم مع المجموعة الأوروبية. وبخصوص العلاقات بين المغرب والبرتغال، أبرز أن العلاقات التجارية بين البلدين تعززت بشكل كبير خلال العشر سنوات الأخيرة، لاسيما فيما يتعلق باتفاقية التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي. وأشار عبد اللطيف الجواهري إلى أن المغرب والبرتغال يواجهان بعض الانشغالات المشتركة التي تقتضي زيادة التعاون، خصوصا وأن الظروف ملائمة لذلك، على المستويين العام والخاص على حد سواء. وأبرز أن القرب الجغرافي يشكل عامل تقارب طبيعي ينبغي الاستفادة منه، كما أن تعزيز التجارة والاستثمار بين البلدين سيساعد على تنويع الفرص للفاعلين في الضفتين، مؤكدا أن البرتغال يمكن أن يشكل نقطة ارتكاز في أوروبا بالنسبة للمغرب مثلما يمكن لهذا الأخير أن يكون واجهة مع إفريقيا وبلدان الخليج بالنسبة لهذا البلد الأوروبي.