ازداد فنان الملحون المغربي، محمد بوزوبع، الذي وافته المنية اليوم، الأربعاء 21 يناير، بعد صراع طويل مع المرض، سنة 1946 ب"العدوة"، أحد الأحياء العريقة بالعاصمة العالمية فنية. ونشأ بوزوبع وسط عائلة فنية بالحي المذكور أبا عن جد. وعن ذلك يقول الفنان الراحل، في حديث لبرنامج "في الذاكرة": "جدي كان فنانا وأبي كان فنانا وعمي كان فنانا". فقد كان والد المرحوم محمد بوزوبع "مقدما" لفرقة عيساوية مما جعل الفقيد يتأثر به ويتبع مسارا شبيها، خصوصا أن الطريقة العيساوية تتغنى هي أيضا بقصائد الملحون. وتابع دراسته الابتدائية بمدرسة "بني عدس" وانتقل لثانوية "إدريس" التي تابع بها دراسته الثانوية. وكان الفنان الراحل إلى جانب الدراسة يرافق أباه في تجارته، فتعلم على يد الوالد أصول التجارة والفن أيضا. فغادر مقاعد الدراسىة عندما كان طالبا بالجامعة ليمارس مهنة أبيه. فاكترى له الأخير محلا تجاريا بفاس الجديد يبيع فيه الأثواب. وبدأ بوزوبع في حفظ وأداء الأغاني، غير أنه كان يخفي ذلك عن والده، احتراما له. يقول الراحل: "كان الحياء من الوالد منعني من إظهار ذلك.. ولم أغني أمام الوالد بل فقط مع الأصدقاء". وكان الفقيد مولعا بالطرب العربي الأصيل، ودائم الاستماع لعبد الحليم حافظ وعبد الوهاب وأم كلثوم وغيرهم. شارك في مسابقة فنية بأغنية لعبد الوهاب قبل أن يُغني الملحون. وتكشفت علاقته شبه الرسمية مع الملحون عندما اصطحبه والده إلى أحد تداريب مجموعته، وهي المرة الأولى التي ينصت فيها بوزوبع لأبيه وهو يغني. وكانت هي المناسبة ذاتها التي يكتشف فيها الوالد موهبة ولده في أداء قصيدة الملحون. يقول المرحوم محمد بوزوبع إن والده خلال التمرين غنى قصيدة "فاطمة إن شاء الله معاك بين الأيام"، بقالب جزائري، وأنه لما بدأ بغنائها ارتكب فيها أخطاء، "فقلت له يا أبي هذه القصيدة لا تُؤدى هكذا، ثم أديت أمام الطريقة الصحيحة.. وهنا كانت أول مرة يسمعني فيها أبي أغني". وشكلت وفاة والد محمد بوزوبع عام 1961 لحظة فارقة في حياة الفقيد، حيث اقترح عليه أعضاء مجموعة الأب وأصدقائه مواصلة مشوار الوالد، وأقنعوه بذلك. وكانت أولى قصائد الملحون التي أداها الراحل هي قصيدة "خديجة"، الذي يعترف هو نفسه بصعوبتها، لأنها كانت تميل إلى القالب الجزائري. لكن مجايليه أكدوا أنه أحدا قبله ولا بعده أداها مثله وهو الشاب الوحيد بين رواد تقدم بهم السن. وبدأ نجم الفقيد محمد بوزوبع يلمع في سماء الملحون بالمغرب وخارجه بعدما أصبح يجدد في قصائد هذا النوع من الطرب المغربي الأصيل. وتم تعيين الفريق عام 1968 رئيس جوقة إذاعة فاس، الذي سبق أن رأسه والده أيضا. وبفضله، يقول أحد مجايليه، دخل الجوق على فن الملحون. وقدم برفقة جوق إذاعة فاس أعمالا يبلغ عددها حوالي 272 قصيدة ك"زاوية" و"الجنة" وغيرها جلها من كلمات عبد الملك اليوبي. وفي سنة 1975 تم تعيين لفقيد محمد بوزوبع مديرا لمعهد الملحون بمدينته فاس، وهو المنصب الذي لم يستمر فيه طويلا بحكم التزاماته الفنية والتجارية، ورئاسة لجوق إذاعة فاس في الوقت ذاته. وكان الفقيد أول من اقتحم من فناني الملحون حفلات الأعراس التي خلط الرجال بالنساء، حينما كان "الجوق" يخصص لرجال و"اللعبات" للنساء. نجم رياضي أيضا ورغم أن الفقيد محمد بوزوبع ارتبط اسمه أكثر بالفن وبه عرف إلى ان وافته المنية اليوم، الأربعاء 11 يناير، إلا أن كان نجما كرويا أيضا لما لعب لمدة 7 سنوات لفريق الاتحاد الرياضي الفاسي. واشتهر بوزوبع خلال هذه الفترة بين أقرانه وأنصار فريق الاتحاد الرياضي الفاسي، قبل أن تخطفه التجارة بعيدا عن الكرة الساحرة. لكن حبه للكرة بقي يسكنه، حيث كان يتابع المباريات ويهتم بتفاصيل الفرق خصوص فريق العاصمة العلمية "المغرب الفاسي".