في ظل تسارع الأحداث التي تعرفها الساحة السياسية ببلادنا وأمام استمرار الأزمة الحكومية على حالها منذ انسحاب حزب الاستقلال قبل شهور من الأغلبية التي يقودها حزب العدالة والتنمية ذو المرجعية الإسلامية، تزداد الشكوك حول موقف الماسكين بالقرار من دولة عميقة ومن معها، من تجربة حكومة عبد الإله بن كيران، وما إذا كانت ستضع حدا لحلم الربيع الذي لم يزهر بعد في المغرب، وتنقلب على الإسلاميين الذين أبدعوا خيار الإصلاح في ظل الاستقرار إبان العواصف التي هزت أركان الأنظمة السلطوية بالمنطقة العربية. الأزمة الحكومية عمرت لشهور حتى الآن، وحزب التجمع الوطني للأحرار، بقيادة صلاح الدين مزوار، مازال لم يتوصل إلى اتفاق نهائي مع رئيس الحكومة، يقضي بدخول الحزب القريب من السلطة لتعويض حزب الاستقلال المنسحب، بإيعاز من جهات نافذة في الدولة، قيل إنها تسعى لإفشال التجربة التي يقودها الإسلاميون المغاربة. فمنذ تنفيذ الانقلاب العسكري في مصر، بقيادة الجنرال عبد الفتاح السيسي، على الشرعية والرئيس المنتخب محمد مرسي، ومعه جماعة الإخوان المسلمين، ضدا على الإرادة الشعبية ونتائج الصناديق التي منحت ثقتها للإسلاميين في بلاد الفراعنة، والعديد من الجهات السياسية في المغرب، بل حتى العليا منها لم تخف إعجابها بما آلت إليه الأوضاع في مصر من انقلاب على الإسلاميين وإفشال تجربتهم بالقوة، وذلك بتحالف مع عدد من اللبراليين والعلمانيين من النخب المصرية، في رسالة سلبية لرئيس الحكومة وحلفائه بخصوص استمرار تجربتهم. بن كيران وإخوانه التقطوا الإشارات بطرق مختلفة، حيث اختارت حركة التوحيد والإصلاح الإعلان المباشر ومنذ الوهلة الأولى عن رفضها للانقلاب العسكري في مصر والتضامن مع إخوان مصر في محنتهم ضد الانقلاب العسكري وما لحقه من مجازر استهدفتهم بسبب إصرارهم على رفض الانقلاب العسكري ومطالبتهم بعودة الشرعية والتشبث بمطلب عودة الرئيس المعزول، محمد مرسي، فيما رأى حكيم الحزب، عبد الله بها، منحى آخر في التعبير عن موقفه مما جرى في مصر بعد "ثورة 30 يونيو"، حيث حمل جماعة الإخوان المسؤولية فيما آلت إليه الأوضاع في مصر، متهما إياهم بالنزوع نحو الهيمة والاستحواذ على الحكم بشكل منفرد. موقف بها، رغم إثارته الكثير من الجدل في صفوف أبناء المصباح والتوحيد والإصلاح ساعتها، لم يمنعه الأمر من تأكيد ذلك الموقف، حيث لم يجد أي مشكل في مطالبة شباب "التجديد الطلابي" بعدم رفع شعارات رابعة العدوية محذرا إياهم من استدعاء مشاكل مصر إلى المغرب، في أشبه ما يكون بصيحة من أمين سر رئيس الحكومة، تعبر عن حجم الضغوطات والتهديدات التي تواجهها تجربة الإسلاميين في المغرب. ولتكتمل الصورة شيئا فشيئا، خرج حزب الاستقلال بزعامة حميد شباط، في مسيرة ضد حكومة بن كيران في العاصمة الرباط، عبر في تصريحات منشورة على موقع "اليوتوب"، عن مطالبته بحل حزب العدالة والتنمية وإسقاط الحكومة ورئيسها الذي اتهمه بالموالاة للخارج وتنفيذ تعليمات المرشد العام للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين، في مشهد يعيد إلى الأذهان مقدمات سيناريو الانقلاب على مرسي وعودة الدولة العميقة للحكم وبسط نفوذها على الحياة السياسية بمصر وإعلان عودة نظام مبارك المطاح بشكل أقوى مما كان عليه، فهل تكون مسيرة "الحمير" بالرباط انطلاقة العد العكسي لإسقاط حكومة الإسلاميين بالمغرب؟