فتح التحاق خمس من القيادات السلفية بالعمل السياسي، نهاية الأسبوع المنصرم، نقاشا واسعا حول حيثيات هذه الخطوة ودواعيها وانعكاساتها على المشهد السياسي المغربي، في سياق زمني مازال فيه الانتقال الديمقراطي بالبلد يراوح مكانه. ولئن كانت مساعي الدخول إلى العمل السياسي لدى جزء كبير من السلفيين تصطدم بأسباب متعددة مركبة بين ما هو ذاتي، ويتمثل في عدم حسم التيار السلفي لسؤال العمل السياسي من الناحية الشرعية في نظرهم، وبين أسباب موضوعية في مقدمتها تهميش الدولة لهذا التيار واعتمادها معه مقاربة أمنية وتارة "تشويهية" عبر وسائل إعلام مرتبطة بأجندتها، فإن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح، يتعلق بما إذا كانت هذه المحاولة تندرج في إطار المراجعات التي قام بها جزء من التيار السلفي، وليست محاولة من جهات عليا في الدولة بتواطئ مع محمد خليدي أمين عام حزب النهضة والفضيلة، لاستدراج جزء من التيار السلفي لخلق توازن سياسي جديد. وكان انضمام خمسة من الأسماء السلفية المحسوبة على السلفية الوسطية، قد سبقته مشاورات ماراطونية قبل الاتفاق على الانضمام إلى حزب الشمس الذي أسسه محمد خليدي سنة 2005، بعد استقالته من حزب العدالة والتنمية. بالنسبة لمحمد مصباح، الباحث في علم الاجتماع، والمتخصص في الحركات الإسلامية، فإنه يعتقد أن دخول أحد مكونات التيار السلفي للمشاركة السياسية المباشرة لم يكن مفاجئة في حد ذاته بقدر ما كان التوقيت، مشيرا إلى أن خطوتهم ستكون بمثابة اختبار لمقولة إدماج السلفيين في الحياة السياسية سيؤدي إلى اعتدالهم". وفي ضوء هذه الفرضية، قال مصباح في تصريح لجريدة "الرأي"، "إنه من السابق التكهن بشكل المسارات التي يمكن أن تأخذ هذه المشاركة وأيضا حدودها، باعتبار اختلاف السياق السياسي في المغرب عن نظيره المصري". مضيفا "كما أننا بصدد انتظار مواقف مكونات التيار السلفي الأخرى، خصوصا تيار المغراوي، والتي ستؤكد فعلا هل هناك تغير داخل "كل أو جل" التيار السلفي، أم أفراد ورموز داخل فصيل واحد من التيار السلفي". وحول التوقعات التي صارت في اتجاه التشائم من خطوة أبو حفص ورفاقه، قال الباحث المغربي الزائر في المركز الألماني للدراسات الدولية ببرلين، "إن تزامنها مع الظرفية الحساسة التي تنامت فيها الضغوطات على الحكومة، جعل البعض يقرأ الخبر في سياق معركة الاستنزاف التي تمارس ضد حكومة العدالة والتنمية، ويبدي تخوفه من لعب ورقة السلفيين من أجل خلق نوع من التوازن إزاء تنامي قوة حزب العدالة والتنمية بعد فشل التيارات العلمانية في إضعافه".