المغرب كبلد عابر للقارات يشهد في العقود الأخيرة تحولات عميقة بحكم موقعه الاستراتيجي فهو الجسر الجغرافي بين أفريقيا و اوروبا وبالتالي ففي ظرف عقدين تحول المغرب من بلد عبور إلى بلد استقبال، وإقامة لعدد كبير من المهاجرين مع ارتفاع واضح كذلك للمواطبين الأوربيين خاصة للأسبان بمدن الشمال بسبب تداعيات الأزمة الاقتصادية .فمنذ إغلاق الحدود الأوروبية في وجه مهاجري دول الجنوب من سنة 1990 ونتيجة لتدفق المهاجرين من دول جنوب الصحراء الساعين للهجرة الى القارة العجوز مهما كلف الثمن أصبد المغرب موطن عبور واستقرار للاآلاف من الأفارقة القاصدين أوربا فالمغرب كان على الدوام ملتقى للحضارات وملتقى لهجرات متعددة وموجات متعددة من المهاجرين وقد تطورت السياسة المغربية حول الهجرة عبر التاريخ حسب طبيعة موجات المهاجرين ونفس الشيء بالنسبة لحقوق المهاجرين التي دبرها المغرب بانسانية متميزة ولعل اهمها استقبالها لليهود عندما طردوا من إسبانيا. وقد عرف شهر شتنبر 2013 وقائع مبشرة تسير في هذا الاتجاه تؤكد إرادة قوية لتدبير مسؤول للملف وضمان حقوق المهاجرين بالمغرب0فبعد الإعلان عن المبادرة الملكيةمن اجل بلورة استراتيجية جديدة للهجرة بالمغرب وإصدار المجلس الوطني لحقوق الانسان خلاصات وتوصيات تقريره حول :" الأجانب وحقوق الانسان في المغرب : من اجل سياسية جديدة جذريا للجوء والهجرة في المغرب " انعقد اجتماع حكومي ترأسه جلالة الملك محمد السادس تبعه صدور بلاغ عن الديوان الملكي اكد ان جلالته أعطى تعليماته من اجل بلورة استراتيجية وبرنامج عمل ملائم حول الهجرة وتفعيلها على ارض الواقع يتشاور مع جميع الفاعلين الاجتماعيين. وفي إطار هذا التوجه الجديد للمغرب ولقرن الأقوال بالأفعال أعلنت الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة على قرار تسوية وضعية الأجانب المقيمين بصفة غير قانونية بالمغرب كأول إجراء للحكومة المغربية تفعيلا للمبادرة الملكية بإعلان اعتماد المملكة المغربية سياسة جديدة للهجرة بالمغرب وبهذا تكون المملكة اول بلد ينهج سياسة جديدة في التعامل مع قضايا الهجرة،الذي يتباشره وزارة الداخلية بسائر عمالات المملكة ابتداء من فاتح يناير 2014 . حسب المعطيات الرقمية الأولية المقدمة من طرف ممثل وزارة الداخلية بلجنة الهجرة واللجوء والأشخاص المتنقلين للجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا بالرباط تفيد ان المغرب ادى ثمنا اجتماعيا غاليا جراء التزامه منذ 1993 بالاتفاقية الموقعة بين المغرب والاتحاد الاوروبي من اجل محاربة الهجرة السرية جعلته يحتضن اكثر من 20000 مهاجر غير قانوني يتوزعون على جهات المملكة. الرسالة المهمة من هذا قرار تسوية المهاجرين المقيمين بطريقة غير قانونية هي أنه بالإضافة للمهاجرين الأوروبيين الذين سيسوون وضعيتهم خاصة من الجارة إسبانيا ، جزء كبير من المستهدفين من هذا القرار هم من القارة الإفريقية، وهذا قرار يجب قراءته في بعدين البعد الأول هو أن المغرب يوجه رسالة على المستوى الوطني والدولي مفادها ان احترام التزاماته الدولية ومبادى حقوق الانسان خاصة وانه البلد الوحيد من الجنوب الموقع على اتفاقية الدولية لحماية المهاجرين وأسرهم لسنة 1993 وهذا امتحان للمغرب من الضروري ان يجتازه دون تردد. البعد الثاني هذا سيتيح للمغرب استدراك غفلته في علاقته التي كانت معززة عبر قرون مع إفريقية فهو لم يكن بلد عنده فقط علاقات معززة ومتجدرة في إفريقيا بل كان بلدا إفريقيا بحق، ولدينا كبلد وجود في الذاكرة الإفريقية، وهذه الخطوة ستسمح لنا باستعادة واستدراك هذا الوجود على المستوى المؤسساتي، بحيث أن هذا الإعلان سيقتضي أننا سندخل في مفاوضات مع البلدان التي ينحدر منها هؤلاء المهاجرين، بالتالي عقد اتفاقيات معهم والتي تسمح لهم بالشروط التي يمكن عبرها إعطاءهم أوراق الإقامة وهذا سيعزز العلاقات الثنائية بين كل دولة إفريقية والمغرب. فضلا ان المغرب تعامل بمسؤولية مع الابتزاز الجزائري لان حكام الجزائر منذ مدة وهم يغرقون المغرب بالهجرة السرية بكل الوسائل لكنهم تناسوا ان المغرب يؤسس للميكانيزمات الحقوقية التي توهله للتصرف بمسولية وجدية مع ما يعتقد الخصم انه توريط بل اقول ان وجود اخوتنا الافارقة فرصة لنا سنتغلب على حوانبها الاجتماعية الصعبة مع الشركاء الاستراتيجيين للمغرب والهيءات المانحة التي ابدت تعاونها مع المغرب حال اعلانه على المبادرة الاستباقية0 ثم أن المغرب سيرسل رسالة للمنتظم الدولي، مفادها أنها إذا كانت الجزائر قد فكرت في وقت ٍما بأن بإغراقها المغرب عبر مدينة وجدة أو مدن أخرى بالهجرة السرية، فهو خاطئ فالمغرب اليوم بالعكس في مشروعه الإصلاحي يؤكد مرة ثانية، وبكل الإشكالات التي نعرفها أنه ملتزم ولديه إرادة قوية لالتزام بالوثيقة الدستورية في بعدها الحقوقي، وهذا يعني أنه سواء بالنسبة للاجئين بالمغرب من الشقيقة سوريا أو من الجيران الأفارقة، سيتمكنون من الانتقال من المفوضية العامة التي تعطيهم التوقيع بموجب اتفاق سنة 2007 إلى الاعتراف الرسمي باللاجئ وهذا له ما له على المستوى القانوني، وبالنسبة للمؤسسة التشريعية ستشتغل في المدى القريب على الإطار القانوني الذي سيسمح بتجليات الوضع القانوني للاجئين، ومسألة أخرى خاصة بالنسبة للأفارقة المغرب يعطي اليوم رسالة للمنتظم الدولي وعلى المستوى الداخلي، أن تعامله سيكون على الأقل سيجتهد لتحقيق تناول آخر غير التناول السيئ الموجود في الدول الأوروبية. الهجرة المغربية فرصة وليست تهديد ولعل اهم هذه الفرص ان يصبح المغرب المحاور الأساسي بالنسبة لأوروبا في هذه القضية وإعادة قوة للتواجد الحقيقي للمغرب على المستوى الإفريقي، لأننا يجب أن نعرف للأسف الشديد أن المغرب ليس عضوا بمنظمة الاتحاد الإفريقي وهذا يفوت عليه الفرصة لشرح مجموعة من مواقفه مواجهة الخصم الذي يستغل هذه المنظمة للتشويش على مساره، لكن له إمكانية استدراكا بالتعاون الثنائي بين الدول الأفريقية. وهي دعوة وتشجيع لمختلف الفاعلين السياسيين و الاجتماعيين في المجتمع المدني المغربي و المتخصصين والمعنيين بتداول ونقاش المسالة وإغناء التفكير حول السياسة الجديدة المغربية في ميدان الهجرة، وقد تفاعلت مع هذه الدعوة إيجابيا عدد من مكونات المجتمع الدولي والمالي والمجتمع المدني مع هذا التطور وأكدت استعدادها للانخراط في بلورة السياسة الجديدة للهجرة في المغرب فرصة لطرح قراءة هذه المبادرة والتي تلاها قرار التسوية من طرف الوزارة المعنية هذه الخطوة التي تأتي في وقت قصير بعد الاعلان عن المبادرة الملكية للتفاعل مع القضية، وهذا يعطي نموذجا وتأكيدا على أن المغرب جدي في المبادرة الذي اعلن عنها الملك تعليماته للحكومة لتبلور إستراتيجية في هذا الإطار بهدف بلورة مقاربة مقاربة إنسانية جدية وموضوعية وتحترم مبادى حقوق الانسان خاصة وان المغرب اول بلد من الجنوب يواجه هذه الإشكالية المعقدة وهذا يستلزم أخذ العبر اللازمة للتجاوز زاوية النظر المرتكزة على الاشكالات دون الانتباه الى الفرص المتاحة خاصة في العلاقة مع القارة الافريقية التي تعتبر اليوم فضاء التنافس الدولي على كل الاصعدة والمغرب يحتاج لمقاربة هذا الموضوع على هذا الأساس عساه ان يسترحع ريادته في ما يتعلق بالعلاقة و بالحضور بهذه القارة . إلا ان ثقل هذا الملف وتعقيداته تلزمنا الاشتغال بوعي وبكل ميؤولية على تحديين ين التحدي الاول ، الهندسة المؤسساتية المعنية بتدبير هذا الملف بحيث تتداخل فيه مجموعة من الوزارات . نريد بطرحنا لهذا لتساؤل المقلق ان يفتح النقاش حول عدم تكرار ما حدث في تدبير ملف المغاربة القاطنين بالخارج من تداخل المؤسسات وعدم تناغم الأدوار المؤثر على المردودية في الأداء المؤسسات الحياة المتدخلة في ملف شؤون المهاجرين الذين اصبحوا يشاركوننا المغرب بفرصه الممتنعة وتحدياته الاجتماعية الحقيقية هم ، الوزارة المكلفة بالمغاربة القاطنين بالخارج وشؤون الهجرة الوصية ، وزارة العدل والحريات ، وزارة الداخلية، المجلس الوطني لحقوق الإنسان، المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، إذن اعتقد انه لابد من التفكير أو فتح نقاش في احداث لجنة بين وزارية تتابع البرامج الإدماجية المستعجلة تغني التفكير حول السياسة الجديدة المغربية بابعادها الاجتماعية والتشريعية والاطار الاتفاقي والرؤية المؤطرة لكل هذا في مجال الهجرة من اجل بلورة سياسة جديدة للهجرة واضحة إنسانية وموضوعية وذات بعد حقوقي كما اعلن عليها من طرف جلالة الملك. التحدي الثاني هو تدبير التفاوض مع الاتحاد الاوروبي وتحميله المسؤولية في المساهمة في البرامج القطاعية ذات الصلة السياسة الإدماجية للمهاجرين بالتمويل المباشر التي يمكنها تخفيف الاحتقان الاجتماعي وهذا لا بكون إلا بتطوير العروض البرنامجية في اللقاءات التفاوضية في مجالات الخدمات الأساسية الصحة والتعليم لان المهاجرين سواء من هم في وضعية قانونية أو في وضعية غير شرعية كان حلمهم تخطي الجدار وتملك الاورادور او الحلم الاوروبي واوروبا مسؤولة تاريخيا عن تقاسم العبئ الاجتماعي ليتمكن المغرب من ان يرسم الأوراد ور المغربي أو الحلم المغربي . * عضو لجنة الخارجية والمغاربة القاطنين بالخارج وشؤون الهجرة بمجلس النواب المغربي