ظهرت الصوفية كردة فعل ضد انحراف الحكام وانغماسهم في الملذات والشهوات ايام حكم بني امية كانت نشأتها بالعراق بارض الكوفة والبصرة ومن روادها الاوائل رابعة العدوية وابو زيد البسطامي والحسين ابو منصور الحلاج صاحب نظرية حلول الله في مخلوقاته وفي القرن 7 الهجري ذاعت شهرة ابن عربي مؤسس مذهب وحدة الوجود وغيرهم كثير من مفكري الصوفية اصحاب النظريات والاجتهادات الدينية والمعرفية . بعد هذه المقدمة الطللية في الصوفية انتهى عصر الاشراق الصوفي وبدأ عصر التدجيل والشعوذة باسم الدين فشيوخ الزوايا كانوا يؤمنون بما يدعونه بثنائية الشريعة وان لها مظهرين باطني وظاهري الاول للعامة والثاني للخاصة ومعنى هذا ان شيوخ الزوايا غير ملزمين بتطبيق الفرائض الدينية . الصوفيون الاوائل بالمغرب كانوا على قدر كبير من الثقافة الدينية وشيدوا زواياهم بعيدا عن اعين المخزن في الجبال وكان لهم ادوار مختلفة كتأمين الطرق التجارية وحماية التراب الوطني من هجمات النصارى كما انها قانت بتأسيس جهازيها الاداري والقضائي . ومع بداية القرن 15 الميلادي انتقلت الزوايا الى العمل المسلح تحت راية الجهاد فدخلت في حروب دموية ضد سلاطين فيما بعض الزوايا اقتتلت فيما بينها من اجل السيطرة والحكم وهكذا قام الصوفي احمد او محلى باعلان الحرب على السلطان زيدان ابن المنصور الذهبي فقام بطرده من مراكش وتنصيب نفسه سلطانا كما قام الشيخ ابو بكر الدلائي بتأسيس الزاوية الدلائية ودخل في حرب مع ابي حسون شيخ الزاوية السملالية فتذابح فقراء الزاويتين باسم الجهاد . كما مارس شيوخ الزوايا كل اشكال التجارة وباعوا واشتروا في المواشي والحبوب والزيوت واكلوا الربا كما تفعلوا البنوك في وقتنا وابتزوا الناس واكلوا اموالهم بالباطل مدعين علم الغيب وفعل الكرامات . كان من بين اسلحة الطرقيين تنظيم المآدب والولائم لكسب ولاء الفئات المعوزة, ولم يقتصروا على شحن العقول بالخرافات كما كان سلوكهم منافي تماما للدين والاخلاق فقد كان شيخ زاوية تيمكيليجت بسوس سنة 1903 ينظم سهرات خاصة للهو واللعب كانت تحضرها النساء وكان الطرقيون على اختلاف مذاهبهم يرتكبون الموبقات في الزوايا باسم الدين وهو منهم براء والمخزن كان يشجع هذه الممارسات فهو الذي اوجد المناخ المناسب لتكاثر الزوايا بل ان بعض السلاطين في عز انحطاط حكومة المخزن كان يستمتع بمشاهدة الاعمال الهمجبة التي تقوم بها بعض الزوايا كالمشي على الزجاج حفاة وشدخ الرؤوس بالفؤوس . اما الطامة الكبرى فكانت هي ان الزوايا تحالفت مع الاستعمار الذي استعان بهذه الاخيرة من اجل الحد من المقاومة الشعبية ففي مدينة طنجة كان احد شيوخ الزوايا يقول للناس ان ارادة الله اقتضت تسليط النصارى على المسلمين واخر كان يقول :ان النصارى ما جاؤوا الى المغرب الا باذن الولي الصالح مولاي ادريس . كما اعتبرت الزوايا الملك الراحل محمد الخامس خارجا عن الاسلام وتآمرت عليه مع الاستعمار لانه اصدر سنة 1933 ظهيرا يمنع مظاهر الشعوذة والهمجية التي كانت تمارسها الزوايا في عيد المولد النبوي. وعاد عقرب الساعة سنين الى الوراء بعد تربع وزير طرقي على كرسي وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية الذي لم بنكر ارتباطه بالزاوية البودشيشية.فقام بالترويج لخرافاتها علانية,فتهيأت الاجواء مجددا لتتكاثر الزوايا وتتناسل في كل مكان الى ان اصبح عددها اليوم 180 زاوية وطائفة وطريقة دينية. وهكذا وجدت الزوايا الدعم الكافي المادي والمعنوي لتواصل عملها الذي بدأته منذ عقود طويلة للسيطرة على العقول في بلد مازال الغالبية الساحقة من سكانه يقبعون في براثن الامية والجهل