على إثر التطورات الأخيرة بالحسيمة، كشف مُنتدى الكرامة لحقوق الإنسان عن "مجموع الخروقات القانونية والحقوقية التي رافقت تدخلات النيابة العامة والقوات العمومية في موضوع الحراك السلمي الذي تشهده مدينة الحسيمة واالمناطق المجاورة لها"، ونددت بالتضارب "الصارخ في مواقف الجهاز التنفيذي للدولة، حيث أقر هذا الجهاز التنفيذي سابقا بمعقولية مطالب حراك الحسيمة ومشروعيتها وبضرورة الاستجابة لها، واختار بعدها الزج بهذا الحراك واحتجاجاته السلمية المنادية بمطالب اجتماعية واقتصادية وثقافية، في الخانة الضيقة للقانون الجنائي". وأضاف بيان منتدى الكرامة لحقوق الإنسان، في بيان توصلت "الرأي" بنُسخة منه، أنه بعد الإطلاع على بلاغات الوكيل العام للملك بالحسيمة سجل "تجاوز الوكيل العام للملك باستئنافية الحسيمة بشكل صارخ لاختصاصاته، كما هي محصورة في المادة 49 من المسطرة الجنائية، حيث نسب البلاغ إلى المواطن ناصر الزفزافي أفعالاً يعاقب عليها الفصل 221 من القانون الجنائي بصفتها جنحة، وقد أخبر الوكيل العام للملك في ذات البلاغ أنه أصدر أوامره المباشرة بإلقاء القبض على المواطن المذكور قصد البحث معه وتقديمه أمام النيابة العامة.
وتابع البلاغ في نفس السياق، ان وكيل العام للملك "يعلم يقيناً أن القانون لا يخول له الأمر بمباشرة إجراءات البحث والضبط والتقديم إلا بالنسبة للمشتبه في ارتكابهم لجنايات، ولا يملك إلا توجيه تعليمات بهذا الخصوص لوكيل الملك المختص، والذي من حقه وحده مباشرة الإجراءات الخاصة بالبحث والتقديم، وحيث إنه أصر في بلاغه على الأمر بإلقاء القبض على المواطن ناصر الزفزافي، مع أنه يعلم تمام العلم بأن المواطن المذكور لم يوجه له أي اتهام من طرف سلطة مختصة، كما أنه ليس متابعاً أمام أية محكمة بجناية ما، فإنه بذلك يكون فتح الباب لتعرض المواطن ناصر الزفزافي لاعتقال تعسفي".
وإنتقدت الجمعية الحقوقية، "إذاعة بلاغ الوكيل العام للملك عبر وسائل الإعلام، وعلى رأسها القنوات التلفزية العمومية، يعد تعدياً جسيماً على الحقوق الدستورية للمواطن ناصر الزفزافي، وخاصة الحقوق الدستورية المنصوص عليها في الفصلين 22 و 23؛ وإعتبرت أن إذاعة "البلاغ تعد تحريضاً علنياً على المس بالسلامة الجسدية والمعنوية للمواطن ناصر الزفزافي، على اعتبار نسبة البلاغ لأفعال للمواطن المذكور دون دليل، وهي تثير حساسية الشعور الديني عند عموم المواطنين".
مبرزا البلاغ ذاته، "أن الوكيل العام للملك أضاف توصيفات واستنتاجات خاصة به غير مثبتة، ولم يأت على ذكرها القانون الجنائي كتعبيره (قدسية... وفوت بذلك على المصلين صلاة آخر جمعة من شهر شعبان)، مقتحماً بذلك مجال الإفتاء الديني"، إن "ما قام به الوكيل العام للملك بالحسيمة عبر إصدار بلاغه المذكور وتعميمه على وسائل الإعلام العمومية، يشكل خرقاً خطيراً لقاعدة مسطرية تشكل ضمانة أساسية لحقوق وحرية المواطن ناصر الزفزافي".
وشدد البلاغ ذاته، فإن نسبة ارتكاب أفعال مخالفة للقانون الجنائي، في البلاغ المذكور قبل الاستماع للمواطن المعني، وقبل البحث فيها يعد توجيها بإدانة مسبقة، وضرباً بعرض الحائط لقرينة البراءة المنصوص عليها في الدستور، كلها أفعال تشكل خطأً جسيماً، وفقاً لمقتضيات المادة 97 من القانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة، وهو ما يدخل في الاختصاصات التأديبية للمجلس الأعلى للسلطة القضائية.
وطرح منتدى الكرامة لحقوق الإنسان، تساءل "حول قانونية إخضاع المواطن ناصر الزفزافي ورفاقه للحراسة النظرية بالدارالبيضاء، خارج النفوذ الترابي للنيابة العامة للحسيمة. فإذا كان للفرقة الوطنية للشرطة القضائية اختصاص ترابي وطني، فإنه يبقى في نطاق ما تكلفها به النيابات العامة المعنية، التي يظل نفوذها الترابي محدوداً بالقانون، وبالتالي فإن مشروعية البحث التمهيدي تطرح عليه علامات استفهام كبيرة".
وأبرز المنتدى حسب نفس المصدر، بأنه "لا يفهم ما هي الجدوى من إخضاع مواطنين للحراسة النظرية لا يمكن أن تتعدى في أقصى الحالات ثلاثة أيام في مدينة الدارالبيضاء عوض مدينة الحسيمة، مع العلم بأن جنحة الفصل 221 لا تبرر ذلك، ناهيك عن تسريب صور مهينة لعملية اعتقال المواطن ناصر الزفزافي و رفاقه ونقلهم ورؤوسهم مغلفة قسراً على متن طائرة هيلوكبتر في مشهد هليودي، غير مستند على أساس قانوني، وهو سلوك لا يقصد منه إلا ترهيب المواطنين المشاركين في الحراك السلمي للحسيمة، مما يشكل خرقا سافرا لوجوب المعاملة الإنسانية للمشتبه فيهم، ولقرينة البراءة المنصوص عليهما في الدستور، وفي المواثيق الدولية الملزمة للمغرب أمام المنتظم الدولي".