أكدت الأجنحة العسكرية لفصائل المقاومة الفلسطينية أنها أنزلت هزيمة بجنود الاحتلال على أعتاب غزة، وفعلت ما لم تفعله جيوشٌ كبرى، مشددة أن المقاومة هي وحدها التي توحد الشعب الفلسطيني محذرة من العودة للانقسام والخلافات، معتبرة أن الوحدة الوطنية هي الانجاز الأعظم خلال معركة غزة الأخيرة. وشدد "أبو عبيدة" الناطق العسكري باسم "كتائب القسام" الذراع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" في بيان العسكري الذي ألقاه في "مؤتمر النصر" مساء الأربعاء (27|8) في حي الشجاعية، باسم الأذرع العسكرية الفلسطينية أن المقاومة انتزعت المبادرة من عدوّها ولم تُظفره بأي إنجاز استراتيجي أو تكتيكي، "وسحقت كبرياءه المصنوع لعقود على شاشات الإعلام وفي مختبرات الحرب النفسية، سحقته تحت أقدام المجاهدين والمقاومين الأبطال"، وفق قوله. وقال: "إن المقاومة انتصرت لأنها ضربت عمق الكيان الصهيوني رداً على عدوانه، وقالت للمحتل: لا أمان لك في بقعة من أرضنا، وهجّرت عشرات آلاف المستوطنين الجاثمين على الأرض الفلسطينية، وأدخلت أكثر من ستة ملايين إلى الملاجئ في عمق فلسطين". وأضاف:" لقد فضحت غزة كيان الاحتلال وقيادته الأمنية والعسكرية، وأظهرتهم على حقيقتهم، قتلة مجرمون، سفاحون سفاكون للدماء، يستهدفون المدنيين الأبرياء، وينتقمون من الأطفال والنساء، بعدما فشلوا في مواجهة المقاومين الأشداء، ها هو العالم يرى ويراكم في ذاكرته من هم الصهاينة وما هي أفعالهم وفظاعاتهم". واعتبر "أبو عبيدة" ان هذا الخطاب ليس خطاب النصر، وان موعد خطاب النصر سيكون قريباً في باحات المسجد الأقصى، ولكنها كلمة على الطريق لابد منها. وقال: "انتصرت غزة؛ لأنها أعادت الأمل لمليار ونصف المليار عربي ومسلم بأنّ الطريق إلى القدس ممهد ومفتوح إذا خلصت النوايا وشُمرت السواعد وأُعدّت العدة".وشدد "أبو عبيدة" ان غزة انتصرت؛ لأنها أفشلت الرهان على عزلة المقاومة وضعفها وتقطّع أوصالها كما زعم الاحتلال ومن سوّل له ومن دعمه وسانده وآزره وانتظر انتصاره الموهوم. وأكد أن الشعب الفلسطيني أدرك بوعيه الجمعي ما أرادت قيادة المقاومة أن تزرعه في وعيه "بأننا لسنا ضعفاء وأن النصر بإذن الله حليفنا وهو بين أصابعنا، وأن موعدنا مع تحرير الأقصى والعودة باتت أقرب مما يظنّ المتفائلون من الناس، وأن عدونا وجيشه وقوات نخبته مجرد أكذوبة كبيرة"، على حد تعبيره. وشدد ان غزة انتصرت، لأنها أنزلت هزيمة بجنود الاحتلال على أعتابها، وجعلتهم يهرولون تحت جنح الظلام هاربين من غزة ومن نيران القسام والمقاومة.وقال"أبو عبيدة" : "لقد ظل شعبنا يعيش معنى اليتم مضطهداً مقهوراً، واليوم ومن غزة الصمود والانتصار بات واضحاً لكل العالم أننا لم نعد أيتاماً، لقد كبر الأيتام واشتدّ عود مقاومتهم، ولن يسمحوا بعد اليوم لأحد كائناً من كان أن يضطهدهم أو أن يمارس عليهم القهر والعربدة، وكل من يحاول العودة لما كان سنردّ عليه الصاع صاعين، وسيدوس أطفالنا في غزة والضفة والشتات عنجهيته وصلفه، وسيذلّون كبرياءه". وأشار إلى ان لهذه المعركة نتائج ودلالات ومعاني كثيرة على القضية الفلسطينية وعلى مسار مشروع التحرير وعلى المنطقة والإقليم وعلى معادلات التحالفات وموازين القوى وقواعد العمل السياسي والدبلوماسي في العالم. وقال"أبو عبيدة" :"سنقف عند المعنى الأبرز الذي بات واضحاً للجميع وهو صورة الوحدة الفلسطينية العظيمة من خلف المقاومة، وانتهاء كل صور ومعاني الانقسام والخلاف، فالمقاومة توحدنا وتجمع شملنا وتنهي خلافاتنا". وأضاف: "هذا هو إنجازنا الأعظم من خلال هذه المعركة العظيمة، وهو يمثل الخط الأحمر الذي لن يسمح شعبنا لأحد أن يتجاوزه بعد اليوم، وسينظر بعين الريبة والاتهام لمن يعود إليه، فلا عودة للخلافات والانقسامات وتراشق الاتهامات، أو التنصل من المسئوليات، ليس مسموحاً لأحد بعد اليوم أن يعود للماضي الأليم، وعلى الجميع أن يتقدم سريعاً لتحمل مسئولياته تجاه هذا الشعب العظيم ومواساة آلامه وتضميد جراحه، والوقوف معه بكل صدق وإخلاص وعزم". تابع: "اليوم وفي ظل هذا النصر العظيم، وبعد هذه الملحمة الأسطورية التي سطرها شعبنا ومقاومته، واجب على قيادات الشعب الفلسطيني السياسية وقادة فصائله أن يعيدوا تقييم العمل خلال المرحلة السابقة من العمل الوطني بمحاوره المختلفة". وقال: "انتصرت غزة ومقاومتها لأنّ الشعب أجمع على الالتفاف على المقاومة والتشبث بمطالبها وشروطها، واحتضانها وفدائها، بل استطاعت المقاومة أن تجمع كلّ أطياف الشعب الفلسطيني من حولها، وأن تصهر كل الفرقاء في بوتقة مقارعة المحتل ومقاومة العدوان، فلا صوت يعلو فوق صوت المقاومة، ولا شيء يوحّد شعبنا كما توحّده المقاومة ولا خيار أثبت جدواه سوى خيار المقاومة". وشدد "أبو عبيدة" أن آليات العمل الوطني الداخلي تحتاج إلى مراجعة شاملة، قائلا: "فلم يعد هناك متسع لمزيد من تعطيل المؤسسات الوطنية أو إبقائها في قالبها وشكلها السابق، وأن تظل تستثني قطاعات من شعبنا وفصائله وقوى مقاومته الفاعلة، ولا بد من جهد سريع وجاد لإعادة صياغة وتشكيل المؤسسات الوطنية الجامعة لتكون قادرة على تمثيل هذا الشعب الأسطورة بالصورة الأفضل ولتصبح قادرة على حمل القضية الوطنية وتحقيق الأهداف والآمال التي حلم بها شعبنا وضحى من أجلها الكثير، كما أن أساليب العمل والكفاح الوطني لتحقيق هذه الأهداف تحتاج إلى مراجعة وطنية جماعية شاملة". وأضاف: " فقد بات واضحاً للجميع بعد هذه المعركة أن المواجهة السياسية والتفاوضية مع هذا العدو ليست كافية لانتزاع حقوق شعبنا وتحقيق أهدافه، وفرضها على هذا المحتل الذي لا يفهم إلا اللغة التي حدثته بها غزة طيلة الأيام الماضية، وأن القيادة السياسية لشعبنا يمكنها أن تكون واثقة بأنّ وراءها شعب عظيم ومقاومة باسلة ومجاهدون أبطال، وألا تسمح بعد اليوم لقيادة الاحتلال أن تبتزها وأن تتعامل معها بغير الكفؤ والنظير".ووجه "أبو عبيدة" رسالة للاحتلال قال فيها: "أما العدو فنقول له لن يكون لك إلا ما رأيت وأكثر". وقال: "انتصرت غزة؛ لأنها أسقطت نظرية الأمن وإستراتيجية الحرب الصهيونية، وداستها إلى الأبد، وحطمت أسطورة الجيش الصهيوني المتفوق عسكرياً وجعلته أضحوكة أمام العالم، ووقفت بندّية أمام المحتل رغم فارق القوة المادية، وقالت للعدو: لا مكان بيننا لذلك العربي المستسلم الضعيف الذي تُملي عليه وتخضعه، فنحن قوم أعزنا الله بديننا وبجهادنا وبشعبنا وبعدالة قضيتنا، ولا نعرف مع عدونا سوى اللغة التي يفهمها ويتقنها وهي لغة القوة والندّية". وأكد "أبو عبيدة" أن قضية الأسرى في سجون الاحتلال حاضرة حرباً وسلماً، وان تضحياتهم وبصماتهم حاضرة في كل انتصار وثبات وإنجاز للشعب الفلسطيني ومقاومته، قائلًا لهم : "أنتم الطليعة ولن ننساكم". * المصدر: قدس بريس