في كل مرة تتجرأ فيها عصابات الإرهاب الصهيونية على مد يدها لإيذاء أهل فلسطين لم تكن فصائل المقاومة الإسلامية وفي مقدمتها كتائب العز القسامية لتتوانى عن رد إجرام بني صهيون بما تستطيع من أسلحة أغلبها تمت صناعته أو تطويره محليا، وفي كل مرة أيضا كنا شهودا كما العالم بأسره على تواطؤ غربي مكشوف، وتخاذل عربي رسمي مخزي. لكننا هذه الأيام كنا على موعد مع صور تجسد شموخا وعزة في وجه الهجمة الصهيونية المسعورة بشكل مغاير لما ألفناه على مدى عمر هذا الصراع منذ بداية الاحتلال، إنه الصمود الأسطوري الذي يبديه أبطال المقاومة الفلسطينية بما يملكونه من إمكانيات هزيلة في مقابل الآلة العسكرية الصهيونية المتطورة، حتى إنهم نجحوا في إحداث توازن الرعب الذي ما خطر ببال بني صهيون أن يبلغه أهل فلسطين، ولا عجب، فالله سبحانه وتعالى وعد ووعده الحق بنصرة المؤمنين وتمكينهم {وكان حقا علينا نصر المؤمنين}. فها هي المقاومة الغزاوية تمطر عشرات المستوطنات والمدن المحتلة بمئات الصواريخ والقذائف، مجبرة قطعان الصهاينة على الهرب والاختفاء في الملاجئ تحت الأرض لمعظم الوقت، بل إن فصائل المقاومة هذه المرة فاجأت الاحتلال الصهيوني وحلفاءه في الغرب بتوسيع الدائرة التي تطالها صواريخها، لتشمل القدس وتل الربيع وحيفا، فضلا عن المناطق القريبة من قطاع غزة كعسقلان وأسدود وبئر السبع، ولكتائب القسام القسط الأكبر من هدايا الرعب المقدمة للصهاينة، حيث تمكنت وحدة كوماندوس قسامية من التسلل إلى قاعدة زيكيم العسكرية المحاذية للساحل قرب القطاع، واشتبك عناصرها مع جنود الاحتلال موقعين العديد من القتلى والجرحى قبل أن يُقتلوا شهداء بإذن الله. والمفاجأة التي قذفت الرعب الأكبر في قلوب بني صهيون كانت نجاح كتائب القسام في قصف بلدة الخضيرة في الشمال، والتي تبعد عن غزة بأكثر من 100 كلم، مما دفع بالعديد من المتابعين والمحللين العسكريين للقول بأن المقاومة الفلسطينية باتت قادرة على ردع الاحتلال وجعل قادته يفكرون مليا في كل خطوة إجرامية بحق شعب فلسطين، وما ارتباكهم وترددهم في الإقدام على اجتياح بري لقطاع غزة إلا واحدا من صور خوفهم الكبير من التعرض للذل على يد رجال القسام وبقية فصائل المقاومة. إن معارك الشرف التي يخوضها أبطال المقاومة الفلسطينية تعطي الدليل الواقعي على أن الأمة لن تنال كرامتها وتستعيد مجد أسلافها إلا بتقديم الأرواح رخيصة في سبيل الله، فالمجازر البشعة التي يرتكبها العدو الصهيوني تتم على مرأى ومسمع كل القوى العالمية التي تتشدق بحماية حقوق الإنسان، وفي كل مذبحة بحق أطفالنا يجتمع الكبار في مجلس أمنهم ليقدموا لنا مسرحية حقيرة تحكي «قلقهم البالغ» مما يجري، وتصدر منظمات حقوقهم بيانات قد بللتها دموع التماسيح. ومن المضحكات المبكيات ما صرحت به نافي بيلاي، مفوضة الأممالمتحدة لحقوق الإنسان، بشأن العدوان الصهيوني الأخير، حيث قالت: «هناك شكوك حول استهداف الجيش الإسرائيلي للمدنيين في غزة» وهي نفس الشكوك والظنون والتخمينات التي لدى المنظمات الدولية لحقوق الإنسان حول تورط شبيحة بشار وعصابات إيران والعراق ولبنان في ذبح أطفال سورية. هكذا هو موقف الغرب من مآسينا، يدور بين الصمت المفضوح والتواطؤ المكشوف، أما أنظمتنا العتيدة فهي تحضر كالعادة لاجتماع القمة العربية المقبلة، لتقدم لنا -كالعادة- وجبة دسمة من شجب واستنكار وإدانة بأشد العبارات، محتفظة -كالعادة- بحق الرد في الزمان والمكان المناسبين. وحتى يحين موعد ذلك الرد الهلامي.. ألف تحية لرجال فلسطين الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، ولا عزاء ولا كرامة للكاذبين والمتخاذلين {ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز}.