بتقديم وزراء حزب الاستقلال استقالتهم لرئيس الحكومة، عبد الإله ابن كيران، اليوم الثلاثاء، يسدل الستار على فصل من فصول أول تجربة حكومية يقودها الإسلاميون بالمغرب، بعد عام ونصف من تصدرهم المشهد السياسي إبان رياح الربيع العربي التي عصفت ولا زالت تعصف بدول المنطقة العربية. القرار الذي انتظرت قيادة حزب الراحل علال الفاسي، وقتا طويلا حتى تنفذه، بعد الارتباك الذي حصل لها إثر تورطها في ربط الانسحاب بالفصل 42 من الدستور، الذي رفضت المؤسسة الملكية الخوض فيهن تاركة الزعيم "شباط" في حيرة من أمره إزاء تنفيذ وعده بالانسحاب من حكومة ابن كيران، الذي بدا طيلة الفترة غير مهتم بما كان يقوله شباط، في خرجاته الإعلامية العديدة. محمد العمراني بوخبزة، أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق بطنجة، في تعليقه على التطورات التي تعيشها الأغلبية الحكومية، أكد أن خروج الاستقلال من الحكومة، باللجوء للفصل 47 من الدستور الذي ينص على كيفية انسحاب وزراء حزب ما من الائتلاف الحكومي وتقديم الاستقالة بشكل مباشر لرئيسها، جاء بعد "اللجوء للفصل 42 من الدستور"، الذي كان خطوة تهدف للضغط على رئيس الحكومة وتحقيق مجموعة من المصالح، لحزب الاستقلال، من بينها إعادة النظر في توزيع الحقائب الوزارية وإعادة النظر في منهجية اشتغال رئيس الحكومة، حسب بوخبزة. وعن السيناريوهات المطروحة أمام الحكومة والحزب القائد لها بعد هذا الانسحاب، قال بوخبزة، إن رئيس الحكومة سيبحث عن تعويض حزب الاستقلال في الأغلبية بحزب التجمع الوطني للأحرار، موضحا أن هذا الخيار سيجعلنا أمام إعادة النظر في الهيكلة بصفة كلية للحكومة، وسيكون الأحرار في موقف قوة خلال عملية التفاوض. وأضاف بوخبزة، أن حزب الحمامة، سيستغل الفرصة من أجل رد الاعتبار لرئيسه صلاح الدين مزوار، في قضية الهجوم الذي تعرض له من قبل قادة حزب العدالة والتنمية في ملف التعويضات التي حصل عليها عندما كان وزيرا للمالية، مؤكدا أن الصقور داخل حزب الأحرار قد تكون لهم كلمتهم، الأمر الذي اعتبر من شأنه أن يصعب مسألة التفاوض في الدخول للحكومة، فيما رأى أيضا أن هناك أمام ابن كيران خيار آخر، هو الاستعانة بأحزاب صغرى، كالاتحاد الدستوري لتشكيل أغلبية جديدة. وعن تلويح قيادة حزب العدالة والتنمية باللجوء لانتخابات سابقة لأوانها، قال أستاذ العلوم السياسية، إن هذا السيناريو ستكون له تكلفة سياسية ومالية، مبرزا أن المغرب ليس في حاجة إلى مصاريف إضافية، على اعتبار أن الأزمة الاقتصادية التي يعيشها المغرب ستضع صعوبات كبيرة أمام إجراء انتخابات سابقة لأوانها، كما أن الأحزاب السياسية غير مستعدة لإجراء هذه الانتخابات السابقة لأوانها. وأضاف بوخبزة، أنه في حزب العدالة والتنمية جناحان، "جناح الصقور الذي يقوم برفع مستوى المطالب، وفي نفس الوقت هناك جناح معتدل يحاول ما أمكن أن يتعامل بنوع من المرونة ونوع من التعقل في التعامل مع الوضعية الحالية"، مرجحا أن لا تلجأ قيادة المصباح لهذا الخيار بالنظر لتكلفته. وحتى الآن لم تتضح الصورة بعد، ويبقى المشهد مفتوحا على جميع الاحتمالات، بما فيها اللجوء إلى انتخابات سابقة لأوانها، الذي ما فتئت قيادات حزب العدالة والتنمية في التأكيد على جاهزية الحزب في العودة إلى الشعب ليقول كلمته من جديد.