اسمحوا لي أن أستعير مصطلح "تِسْلَمْ الأيادي"، الأغنية التي رَوَّجَ لها مُناصرو الانقلاب العسكري بمصر، وهللوا بها، لعظيم الانجازات الدموية التي قادها جنرال القتل عبد الفتاح السيسي، ضد الشعب المصري، معاقبة له على اختياره الديمقراطي والحر لرئيس يختلف إيديولوجيا، مع "المشير"، المَصنُوع من الآلة الإعلامية المدفوعة الأجر من دول البيترودولار. هذه الاستعارة سأسقطها، على حال مدينة طنجة أو "مدينتا العزيزة" ، كما يحلو للسيد العمري فؤاد، رئيس المجلس الجماعي بطنجة المُنصب، أن يُسمِّيها، ففعلا هي كذلك لما فَتحتهُ للرجل من آفاق واسعة لإدراك ما لم يكن يحلم بأعشار أجزاء المائة منه بمسقط رأسه الحسيمة. فالسيد العُمدِْه، أراد أو يريد من خلال إدعائه البطولة الوهمية، بطرد شركة أمانديس فيوليا، التي طلبت بنفسها الخروج بتاريخ 18 شتنبر 2012، أن يخرج الشعب الطنجاوي للشارع، ليُهلِّلَ ويُطبِّل لقراره "المفروض"، ويقول له "تسلم الأيادي" التي رُفعت في دورة أبريل الأخيرة، مُصوتَةً على توصية البند 72، القاضي بخروج الشركة محمية من المحاسبة، وحاملة معها ملاييرنا الكثيرة في رفوف ميزانيتك. والحقيقة أن الشعب الطنجاوي، وخلال مسيراته الشعبية إبان الحراك العشريني، طالب المجلس آنذاك بطرد أمانديس حينما كان للطرد معنى، ولكنه بالإضافة لهذا، فقد طالب الشعب أيضا، السيد العمدِهْ، بالرحيل ، برَفْعِ لافتة مكتوب عليها "ديكاج أمانديس .. ديكاج البام .. ديكاج العمري"، لأنه بكل بساطة، يُمثِّلُ فترة بائدة من التجربة السياسية المغربية، المشوبة بمنطق صناعة الخرائط السياسية من قياداته ذي الصلة الدموية بالعُمدِهْ. لِنَعُد إلى مقولة تسلم الأيادي، فعلى الشعب الطنجاوي فعلا أن يخرج للشارع بالفعل،ولكن هذه المرة ليقول للرجل، تسلمت الأيادي على التوقيعات المارطونية في غابات مدينتنا الجميلة من دون توقيعاتك، وتسلم الأيادي على التوقيع على حرمات المسلمين، على رأسها مقبرة بئر الشفاء، التي قلت بلسانك بأن "مسخوط الوالدين ومَيْتعادَّاشِي عْلِيها". سنقول لك أيضا، تِسْلَمْ الأيادي التي رفعت سماعة الهاتف، لتنصيبك عُمدِهُ على مدينتا، غصبا على إرادة من كلفوا أنفسهم عناء الذهاب لصناديق الاقتراع واختيار غيرك لتسيير المدينة، وأنت الذي لم ينل حزبك سوى 7 مقاعد يتيمة، في مدينة عرفت أكبر الفعاليات المناهضة للاستبداد والفساد. فالفرق بين تِسْلَم الأيادي في مصر ومثيلاتها بمدينة طنجة، هو أن الأولى اختارت الدبَّابة والبلطجة وتحريك الآلة الإعلامية والداخلية، للوصول لكرسي كان يحلم به المشير منذ صغره، والثانية، لأن صاحبها استحلى سلطة القلم المُوقِّعُ، التي أهديت له بطبق من ذهب، واختار أن لا يفوت عليه الفرصة التي ربما لا تتكرر، وسارع الزمن لإغراق المدينة بالاسمنت، عدو جمالية "مدينتا العزيزة"، هذه المرة عزيزة بلساننا لا بلسان السيد العُمْدِهْ، تِسْلَمْ يَدَاهْ.