غريب أمر فريقين كانا إلى عهد قريب يحملان مشعل الريادة في البطولة الوطنية، ومن غريب الصدف أن هذين الفريقين في زمن تألقهما الأخير قادهما مدرب واحد إسمه مصطفى مديح، الذي آثر استشراف تجربة خارج المغرب رفقة نادي الوكرة القطري·· إن كانت أحوال الجيش ليست على ما يرام في الفترة الأخيرة بعدما تذوق مرارة ثلاث هزائم متتالية في البطولة ثم خسارة لقب كأس شمال إفريقيا بسذاجة على يد النادي الإفريقي التونسي·· فإن مسؤولي الفريق العسكري يتذكرون جيدا ما قدمه مصطفى مديح للفريق في موسم واحد عندما قاده للفوز بلقبي البطولة وكأس العرش ومكنه من بلوغ المباراة النهائية لكأس العرش والتي فاز خلالها على المغرب الفاسي· الأكيد أن مسؤولي الجيش يتحسرون كثيرا على تفريطهم من مصطفى مديح الذي وإن كان قد حقق نتائج إيجابية في ظرف قياسي، أي موسم واحد، فإن الرجل كان ماض في بناء وتشكيل فريق قوي على غرار ما كان قد فعله مع أولمبيك خريبكة·· لكن مسؤولي الفريق لم يمهلوه طويلا وآثروا الإنفصال في خطوة اعتبرت جد غريبة، بل ليست من شيم الفريق العسكري الذي غالبا ما يترك الفرص الكاملة من مدرب، لكن إسم محمد فاخر ظل يرن في رأس المسؤولين ليعود مجددا إلى القلعة العسكرية وبأي ثمن؟ ليرحل مصطفى مديح مزهو بنتائجه وألقابه، لكن في الآن ذاته يحمل غصة من ظلم ذوي القربى ومن رغب في عودة فاخر من أتباعه·· مديح رحل وهو يعرف أن هناك من حاول نصب الفخاخ والمكائد في طريقه· مديح وإلى غاية الدورة 18 من بطولة الموسم الماضي كان يتصدر الترتيب بعشرة انتصارات وخمسة تعادلات وثلاث هزائم·· واليوم الجيش يحتل المركز الخامس بسبعة إنتصارات وأربعة تعادلات وأربع هزائم بثلاث مباريات ناقصة·· قد يكون مديح ضحية عودة فاخر، فالأرقام التي سجل مديح تتحدث عن نفسها وتؤكد أن الإنفصال عنه من أجل سواد عيون فاخر كان خطأ، والجيش أكيد يؤدي فاتورته خاصة إذا لم تكن النوايا حسنة لأن مديح يبقى في الأخير هو المنتصر· أولمبيك خريبكة هو الآخر طاردته لعنة مصطفى مديح، فمنذ رحيله عن القلعة الفوسفاطية فقد هذا الفريق توهجه، لم يكن معقولا أن يفرط الأولمبيك في مدرب وضع أسس فريق لسنوات وقاده إلى بصم إسمه في خزينة المتوجين بعدما فاز لأول مرة في تاريخه بلقبي البطولة والكأس، رحيل مديح ترك فراغا كبيرا خاصة هذا الموسم إذ افتقد معه الأولمبيك مستواه التقني وأكثر الإنسجام والإنضباط والإحترافية التي كانت أهم مميزات عمل مديح داخل الفريق الخريبكي، فلا البلجيكي ديبييرو ولا الفرنسي طاردي استطاعا أن يجدا الطريق الصحيح للأولمبيك ويحافظ على المكاسب التي وضعها مديح منذ سنوات، بعدما اضطر للرحيل لعدم دخول المسؤولين الخريبكيين التفاوض معه·· لتبقى لعنة مديح تطارد الجيش وأولمبيك خريبكة وكل الخوف أن تستمر طويلا··