المنطق·· منطق المقاربات·· والإعمال الصارم لكل المعايير المفترضة، معيار الإنجاز، معيار الأهلية، معيار الثقل الكروي، ومعيار الإنتصار للقيم الرياضية·· كل هذا يمنح للفرعون المصري محمد أبو تريكة كامل الإستحقاق لأن يكون الأسد الذهبي للمنتخب، وأفضل لاعب كرة قدم إفريقي للسنة·· غير هذا مع كامل الإحترام لمعيار الفضاء الكروي الذي يتواجد به النجم والذي يطغى في بعض الترشيحات، سيكون بحسب رأيي تجنيا وظلما·· وما أكثر ما جنت الإستفتاءات على النجوم وما أكثر ما ظلم نجوم لاعتبارات تضيق وتضيق·· قبل سنتين أدخلنا الزملاء النقاد المصريون في جدل طويل وعسير، بعد أن فضلت كل الإستفتاءات الفيل الإيفواري ديديي دروغبا على الفرعون المصري محمد أبو تريكة، وبينما جنح الزملاء في مصر إلى معيار الإنجاز بلونه القاري مع النادي ومع المنتخب القومي وعلوا به على كل المعايير الأخرى، كان النقاد المهتمون بالشأن الكروي الإفريقي يرون أن دروغبا الذي أضاع بشعرة اللقب الإفريقي مع المنتخب الإيفواري عندما خسر النهائي بستاد القاهرة بضربات الحظ، تألق بلا حدود سنتها مع تشيلسي، وطبع دوريا في ثقل وروعة واحتفالية الدوري الأنجليزي بلمسة إفريقية خاصة، وكان من الصعب أن نقيم مقارنة بين لاعب ظل في محيطه القاري وبين لاعب آخر تعداه إلى محيط كروي أكثر صرامة وأكثر حاجة إلى الإبداع ولإثبات الذات·· فماذا تغير اليوم حتى نفضل محمد أبو تريكة على دروغبا وقد بقي وفيا لسحر الأداء في الدوري الأنجليزي، وعلى أديبايور وقد صمم فاصلا جديدا في مسلسل الدهشة مع أرسنال وحتى على مواطنه عمرو زكي الذي تشجع على ركوب الموج الصعب، فدخل مرفوع الهامة الدوري الأنجليزي من بوابة ويغان؟ ما تغير أن محمد أبو تريكة أضاف بعد سنتين جرعة رائعة لمنسوب إبداعه، غطى على كل الفوارق عندما واصل الزحف نحو الألقاب سواء مع منتخب مصر أو مع الأهلي، ومع عدد البطولات التي لا تحصيها العين سريعا، نجد أن أبو تريكة في كل ذلك كان بالفعل الرقم الصعب في المعادلة، الوجه المشرق في العملة، العنوان الأبرز لكل الملاحم التي نذكرها أو التي تخبأت في زوايا الذاكرة·· يتوج أبو تريكة في كله على بعضه·· يتوج ليس بما تحقق له هذه السنة فقط، بل بكل ما دخل خزانته من ألقاب·· يتوج بالروح الأبية، بالطاقة الإبداعية التي لا ينضب لها معين وبالشخصية الفذة التي تبرز القيم النبيلة للرياضة، قيم نكران الذات وقيم الإنتصار لروح الجماعة·· نسعد كعرب أن يكون محمد أبو تريكة قد نال بكامل الأحقية جائزة الأسد الذهبي في حضرة نجوم مبرزين، ونسعد في "المنتخب" أننا نجحنا بكامل التواضع في الوفاء بالعهد والوعد، فقد قلنا ذات يوم أن جائزة الأسد الذهبي جاءت لتسد فراغا تركته الكرة الذهبية لفرانس فوتبول، ونعتز اليوم أن الأسد الذهبي وهو يدخل عامه الخامس بملأ شيئا فشيئا هذا الفراغ، وينال ثقة مَن كابر في منح هذه الثقة لفرط ما شاهدوه في جوائز كروية ورياضية كثيرة من نزوع إلى التجارة والمضاربة·