إبن الوز ليس عواما من منا لا يستهويه ذلك النظام الذي تسير عليه عائلة الإوز وهي تسبح في البرك المائية بانتظام كبير، حيث الوز الصغير الذي جبل بالفطرة على استحسان العوم باتقان كبير، وصارت هذه الصورة توحي إلينا نحن الآدميون إلى كل ابن صار على خطى والده ونجح في مساره بعدما اقتفى آثاره بثبات·· وفي كرة القدم كثير هم النجوم الذين سحروا ألباب عشاق المستديرة وصالوا وجالوا في ملاعب الكرة العالمية تمنوا أن يسطروا فلذات أكبادهم نفس طريق المجد والتألق ويعيشوا نفس شعور النجومية ويتذوقوا حلاوة الشهرة والعيش تحت كنف الأضواء، لكن هل صحيح أن ابن النجم بإمكانه أن يحمل مشعل النجومية من أبيه وينجح في مساره الكروي مجرد أنه ينحذر من سلالة والده النجم على غرار الوز؟ لقد علمتنا التجربة حالات كثيرة أنه يصعب على بعض نجوم الكرة أن ينجبوا نجوما في عالم الكرة بنفس مواصفاتهم ومواهبهم وشهرتكم مهما قدموا لهم من إمكانيات ونصائح ودروس ومهما عبدوا لهم الطريق لطرق أبواب النجومية والعالمية، لأن هناك شيء إسمه الموهبة لا يقاس لا بالنسب ولا بالمال، الموهبة تكتسب بالفطرة وبعده يأتي الجد والمثابرة لصقل هذه الموهبة، وكل نجم خط إسمه في كرة القدم بمداد من ذهب يستحيل أن يتكرر بنفس المواصفات والميزات، ولنا في الأمثلة العديدة التي مرت أمامنا خير دليل على ذلك، فالأسطورة الهولندية يوهان كرويف هذا اللاعب الذي أثرى كرة القدم في فترة السبعينيات رفقة الطاحونة الهولندية ومع نادي أياكس وبرشلونة وضع كل ما يملك من أجل أن يصنع من إبنه جوردي كرويف نجما على خطاه، فحتى وهو يستقدمه إلى أشهر الأندية الأوروبية بفريقه البارصا قبل أن ينتقل إلى مانشستر يونايتد، كما لعب للمنتخب الهولندي، فإنه عجز أن يكون مثالا لوالده، وفي حفل اعتزاله زج نجم الكرة الفرنسية السابق ورئيس الإتحاد الأوروبي ميشيل بلاتيني إبنه الذي كان وقتها يبلغ عشر سنوات في المباراة بدلا منه وقدمه كخليفة له، لكن الإبن سرعان ما توارى عن الأنظار وبدت كرة القدم أكبر منه رغم حث الوالد على ممارستها في إحدى الفترات، وينتظر الحارس بيتر شمايكل من إبنه أن يكون خليفة له في الملاعب الإنجليزية ليسير على خطاه، لكن إسمه لازال منزويا رغم أنه تجاوز سن العشرين ربيعا، ويأمل زين الدين زيدان أن يحمل إبنه إينزو المسجل في مركز تكوين ريال مدريد نفس مواصفاته ونجوميته ويعيد زمن الأساطير الكروية· هكذا فإن نجم الكرة لا يولد في بيت النجومية، فعلى غرار اللاعبين العالميين، فإن نجوم الكرة المغربية يعيشون نفس الهاجس بدءا بالحارس الأسطورة علال بنقصو الذي وجد في أبنائه ميلهم خارج إطار الخشبات الثلاث، دون أن ينجح واحد من أبنائه الثلاثة أن ينهل من موهبة الوالد في حراسة المرمى·· وإبن النجم المغربي السابق والهداف التاريخي أحمد فرس لم يتألق مع شباب المحمدية، وإبن الدولي أحمد العلوي صانع ألعاب المنتخب المغربي ونهضة سطات في فترة السبعينيات، بدوره لم يقتف أثار نجومية الوالد، وإبن النجم الرجاوي ومنتخب الأسود في السبعينيان سعيد غاندي، ولعل الأمثلة كثيرة في هذا المجال، لأن ابن النجم يبقى تحت رحمة نجومية الأب وضغط النسب والوصول إلى ذات المستوى، والأكيد أن هذه الضغوطات في الأخير تصيب هذا اللاعب الإبن بالإحباط المبكر وحتى وإن هو استمر، فإن ذات الشعور يظل يراوده كونه تعذر عليه الوصول إلى مجد الوالد، لذلك فنجم الكرة لا يستطيع أن يلد نجما لمجرد أنه يحمل هذا الوشاح، فالنجومية في كرة القدم، تولد من الموهبة وأشياء أخرى ولا تعترف بالنسب ولا بنجومية الأب·