قرأت عن حذاء قاد إلى إكتشاف جثة مرمية في قعر بئر عمقه 190 مترا، بعدما فشلت كل محاولات إقتفاء أثر الشاب المختفي لثلاثة أيام كاملة· وشاهدت كما العالم كله حذاء الصحفي العراقي الذي أخطأ بقليل رأس الرئيس الأمريكي جورج والكير بوش وهو يعقد بالعراق ندوة صحفية فيما يشبه تحية الوداع· وسمعت عن رجل أحزنه ما شاهده من أداء مهترئ وعرض مشوه لمنتخبنا المحلي بليبيا، فرمى تلفازه الصغير بحذاء أحاله إلى حطام·· بين حذاء الجريمة وحذاء الكرامة وحذاء الوجع، وجدتني مجرورا بكل حروف الجر والقهر إلى العودة مجددا للحديث عن الخروج المهين لمنتخب المحليين من آخر دور إقصائي لكأس إفريقيا للأمم، أتقفى آثار الحزن العميق الذي خلفه في الوسط الرياضي الوطني·· قطعا لم يكن المهين في الخسارة والموجع في الإقصاء أن يكون ذلك قد حدث مع منتخب ليبيا، فكلنا يعرف ماذا أنفقت ليبيا منذ سنوات على كرتها لتصبح لها مكانة بين كبار القارة، ونعرف أكثر من ذلك أن ليبيا لعبت بمنتخبها الأول الذي قضى سنوات في التحضير، كان يراهن في صدارة ما يراهن عليه التقدم في تصفيات كأس العالم وكأس إفريقيا للأمم 2010، إلى أن وجد نفسه مقصيا من الدور الأول، ومكرها على أن يوجه كل جهده نحو كأس إفريقيا للمحليين، فهي ما يستطيع بها إنقاذ سنة كروية من البياض·· كان المهين والموجع في الخسارة والإقصاء، الوجه الكارثي والمضطرب لمنتخبنا المحلي، الذي لا يستطيع أحد أن يتملص من مسؤوليته في كارثية هذا الذي حدث، كما لا يستطيع أحد أن يقول اليوم بعكس ما قلناه ذات مرة، أننا أهملنا بطولتنا الوطنية·· تركنا الأندية في فراغ قاتل، وأعدمنا بسبق إصرار وترصد أجيالا وأجيالا، بخاصة عندما أتاح لنا الغرب الذي تقوم كرته على إحترافية التكوين والتدبير، فرصة أن يصبح لنا منتخب وطني أول وأولمبي وحتى شباب مكونا بنسب مائوية عالية من لاعبين محترفين· ألقيت نظرة على ما أفرزته المرحلة الإقصائية الأخيرة والتي أهلت سبعة منتخبات لدخول النهائيات برفقة كوت ديفوار البلد المنظم، فوجدت أن القوى الكروية المؤثرة إفريقيا كلها غائبة، فهذه المنافسة التي إستحدثها الإتحاد الإفريقي لكرة القدم ستجري نسختها الأولى من دون الكاميرون، نيجيريا، مصر، تونس، المغرب وجنوب إفريقيا الموكول إليها تنظيم كأس العالم عام 2010· وفي غيابنا نحن وغياب زعماء القارة الإفريقية كرويا، ما يقول بأن المنتخبات التي تتشكل من المحترفين بأوروبا بنسب عالية أهملت بطولاتها المحلية، وما عاد هناك شيء يدفعها إلى هيكلة الأندية وتحديث أنماط التكوين وتخصيب المورد البشري الداخلي·· إن الإقصاء بالصورة التي كان عليها وبالخدوش المعنوية والنفسية التي تركها عند كافة المغاربة يمثل بحسب رأيي فيضا للكيل وبلوغ السيل درجة الزبى، إذ ما عاد ممكنا الصبر على إخفاقات تسيء للسمعة وتضر بالمنتوج الكروي الوطني وتصيب كل البرامج الهادفة للتأهيل بالرشح·· لقد أصبح ضروريا أن يقوم المسؤولون المباشرون عن كل هذه النكسات والإخفاقات من كراسيهم وينسحبون، لأنه ما عاد هناك إفلاس أقوى وأفدح من هذا الإفلاس·· أترككم مع نموذج لرسائل وصلتني عبر البريد الإلكتروني·· رسائل تنزف·· ترجم بكلمات قبل الأحذية وضعا كرويا شيطانيا·· إلى السيد المحترم بدرالدين الإدريسي بعد التحية، أود أن أكتب مقالي هذا، وأنا في كامل الأسى والحسرة على ما وصلت إليه كرة القدم الوطنية من مستوى يندى له الجبين دون أن يحرك ساكنا لدى المسؤولين عن هذه الوضعية الكارثية والذين لم تعرف في عهدهم الكرة المغربية إلا الإخفاقات والفشل على جميع الأصعدة حتى أصبحنا لقمة سائغة لأضعف منتخبات القارة وأنديتها، وخير مثال لا الحصر هو عدم ترك أي بصمة تذكر في المشاركات الخارجية وأقصد هنا الإفريقية منها والتي تهمنا بالدرجة الأولى، وعليه لما عرفناه عنكم وعن منبركم من مدى مصداقية أن تعملوا على إثارة هذه المعضلة التي أصبحت تؤثر على معنويات جميع المهتمين بكرة القدم والذين فقدوا الثقة في كل ما هو مغربي، وذلك بسبب أناس إحتكروا تسيير دواليب الجامعة منذ أمد بعيد ولم يقدموا للكرة أفكارا لتطويرها، بل ساهموا في تشويه سمعة المغاربة· إن الجمهور المغربي أصبح مثل بعض الرياضيين يفضل "الحريك" الكروي ولو عن طريق الفرجة في منتخبات أو أندية عالمية لأن مثل هؤلاء المسؤولين يقتلون في المواطن روح الإنتماء لهذا الوطن وما أصعبه من قرار أن يتخذ في ظل احتكار هذه الشردمة للمسؤولية والتي ستدفع إلى الحريك البشري ولو بواسطة جهاز التحكم عن بعد· وللحديث بقية، مع خالص التحية· حسني نيبت