قبل أن تقرأ تفاصيل منتخب ساوطومي الفنية والتقنية بعد مباراته أمام الرأس الأخضر عن أولى مباريات مجموعة المغرب، هل يعرف الزاكي أصلا هذا المنتخب من بلد صغير في تعداده السكاني، ومن ثقافاته واصوله الكروية ؟ قد يكون الزاكي بعيدا عن هذه المعلومة في السابق لأنه ليس معنيا بالتعرف عليه في الخريطة الإفريقية، ولكنه اليوم مطالب لأن يعرفه عن قرب في موقعه الجغرافي والمناخي والتقني والتنافسي وكقيمة موجودة في الخريطة الكروية رغم أنه ليس بحجم كبار المنتخبات الإفريقية وكمنتخب سيحتضنه مرتين في المنافسات الخاصة بالمجموعة التي يراهن عليها بست نقاط مضمونة. وساوطومي الذي عوقب أمام الرأس الأخضر في أول حراك بالطمجموعة بسبعة أهداف لواحد، سيكون هو مستضيف الأسود في الخامس من شتنبر المقبل في ثاني الحلقات الممهدة لربح نقاط الصدارة المشتركة مع الغريم الرأس الخضر، وهنا يرفع الستار أصلا في قياس كل الأدوات التي يلعب بها منتخب ساوطومي إنطلاقا من الهزة العنيفة التي تلقاها بالرأس الأخضر، ومن التصحيحات المفترض أن يكون قد أجراها في تحضيراته للمباراة القادمة أمام أسود الأطلس. وساوطومي في أصله الكروي مبني على منتخب محلي مشكل من اختيارات فرق صغيرة في الخريطة الإفريقية لا تشكل بالأساس أي قوة في الكؤوس الإفريقية. وأندية ساوطومي في بطولة لا تتعدى عشرة فرق يختار منها المنتخب الوطني من أصل الفريق البطل وبعض الأندية المتقدمة في الترتيب وأبرزها برايا كروز وأودرا وريبوكي وفولها فيدي، مع محترف واحد هو لويس ليال يلعب حاليا في البطولة النيقوسية. ولذلك نحن أمام منتخب عادي وعادي في الخريطة القارية (رغم أن الإستخفاف بمثل هذه الحالات الناذرة في الكرة موجود لعدم أهلية هذا المنتخب على صعيد جميع المسابقات القارية). ومن هذا المنطلق الذي يحيل على الزاكي معرفة كل التفاصيل الدقيقة لساوطومي، من الواضح أن يكون شريط السباعية للرأس الأخضر موجود كيف وبأي طريقة تجرأ على التسجيل بلا رحمة، ومن الواضح أيضا أن يكون الزاكي تعرف على خصمين موضوعين بمقارنات واضحة أي بين الرأس الأخضر الذي أصبح اليوم من المنتخبات القوية مع أنه كان سابقا من نفس نمط ساوظومي، وبين ساوطومي الجديد في المقاربة الكروية الإفريقية كأضعف المنتخبات من النتيجة التي ترجمها الرأس الأخضر في سياق صدارة المجموعة التي يتسيدها بالنسبة العامة. ولذلك يمكن أن يبني الزاكي قراءته لساوطومي من منحنى استقباله بأرضه كحافز معنوي لا يمكنه بأية حال أن يخسر بحصة كبيرة، ولكن الحقيقة تقول أن الفوز بساوطومي وبحصة كبيرة ستؤكد الطمبنى الذي يتأسس عليه المنتخب الوطني الأكثر عمقا في الخريطة الكروية الإفريقية أكثر من الرأس الأخضر رغم أن الواقع يقول اليوم بتفوق الرأس الأخضر في الترتيب العالمي. الفوز بساوطومي، وبأية حصة أكدتها سابقا بالشراسة وإرادة الفوز الضاغط بأرقام الأهداف كثقافة غير موجودة بالمنتخب الوطني ليس في الكبار فقط بل بكل الفئات العمرية بدليل الإقصاء المذل للأولمبي المغربي بتونس مع أن فرضية الفوز هنا بالمغرب كانت ممكنة بثقل الحصة وليس بهدف وحيد أبعدنا عن أكبر الأحداث الكونية، ما يعني أننا أمام ثقافة القناعة بهدف أو هدفين. ولا نملك ثقافة اللارحمة في الكرة للوصول إلى المراد. وهذا ما يفتقده أسود الأطلس عندما يهدر الآمال العظيمة رغم أنها كانت بيده وبأرضه. وما فعله الرأس الأخضر بساوطومي يمكن أن يقدم لنا هذا التبرير المريح في الرقم والحصيلة التي خرج بها النزال، ويمكن أن يوجه لنا كل المكامن التي خسر منها ساوطومي، وكيف سجل حتى هدفه ومن سجله أيضا ؟ وإلى هنا أكرر وما زلت أكرر أن الفوز بساوطومي هو قناعة موضوعة جانبا كخيار ألف في المائة، ولكن بأية حصة ؟ مثل ما هو موجود اليوم في امتحانات الباكالوريا عندما يكون النجاح ضرورة لكن بأي معدل ضامن للميزة، والميزة لدى المنتخب الوطني هي الفوز بحصة جديرة بأن تكون ثقافة ليس على المنتخبات العادية ولكن حتى مع أكبر المنتخبات الإفريقية مثلما حصلنا على الفوز التاريخي على الجزائر برباعية نظيفة مع غيريتس. والحصة يعني أن يكون لها هدافون من صناعة الكل وليس من الإتكالية على قناص واحد مثلما هو موجود مع البارصا والريال وحتى بالطريقة التي فاز بها منتخب الشيلي بكأس أمريكا الجنوبية. فهل يشكل الزاكي هذه الثقافة التي تريح المغاربة كليا من عذاب اسمه اللاتجانس وصعوبة إيجاد المنتخب الموحد.