دعم الجمهور وتلاحم مكونات الفريق وراء صحوة النسور خالف الرجاء البيضاوي هذا الموسم كل التوقعات حين عجز عن تحقيق نتائج إيجابية وتعرض لمجموعة من الهزائم جعلته يتراجع للصفوف الأخيرة، واستمر هذا الوضع طيلة الثلث الأول من البطولة، لتخلف هذه الوضعية الكثير من ردود الأفعال المتباينة، وتوجهت الكثير من الإنتقادات للاعبين وكذا للمكتب المسير بالخصوص، لكن هناك من ظل يؤمن بقدرة الفريق الأخضر على العودة من بعيد وتحقيق الإنتفاضة وبالتالي تسلق الدرجات والعودة للمنافسة على اللقب، وفي ظل هذه الظروف كان الجمهور الرجاوي هو العلامة المميزة وأحد الأسرار التي أعادت النسور من بعيد ليلتحقوا بالكوكب المراكشي في الصف الثالث ويزحفوا بثبات نحو الصدارة التي يحتلها الغريم الودادي. مسلسل الضياع التغيير الذي حصل داخل الإدارة التقنية للفريق برحيل المدرب عبد الحق بن شيخة لم يخدم مصالح النسور وساهم بشكل كبير في تواضع نتائج الفريق وهذا شيء طبيعي باعتبار حاجة اللاعبين للتأقلم مع أسلوب وطريقة المدرب الجديد جوزي روماو، هذا بالإضافة لبحث هذا الأخير عن التوليفة وعن التشكيلة المثالية التي يمكنها أن تجسد فكره داخل أرضية الملعب،و من جهة أخرى فإن توالي النتائج السلبية كان له تأثير سلبي على معنويات اللاعبين حيث أصبح الضغط كبيرا عليهم،و هو ما لم يستطيعوا التخلص منه في العديد من المباريات بدليل افتقادهم للتركيز و توالي الأخطاء على مستوى خط الدفاع. وعاش الفريق مسلسلا من الضياع طيلة الثلث الأول من البطولة كان فيه الفريق يبحث عن ذاته وعن الأسلوب الذي سيمكنه من تصحيح المسار وتجاوز الإنطلاقة الخاطئة. تلاحم مكونات الفريق ظل المدرب روماو مؤمنا بقدرات لاعبيه وأيضا بإمكانية العودة للسكة الصحيحة، وكان يحفز لاعبيه ويشجعهم بل ويدافع عنهم عند كل سقطة، ومع كل إخفاق كان المدرب البرتغالي يؤكد على تطور الأداء الفردي والجماعي وبأن الفريق قادم وسيتمكن من تحقيق النتائج الإيجابية لأنه يتوفر على عناصر جيدة تعتبر الأفضل على الساحة الوطنية، ومن جانب آخر لم يتخل الجمهور الرجاوي عن فريقه وظل حاضرا بقوة في كل المباريات سواء داخل الميدان أو خارجه يساند النسور في الضراء قبل السراء، الحضور الجماهيري الكبير في كل المباريات كان يشكل أكبر حافز للعناصر الرجاوية وأيضا للطاقم الفني وللمكتب المسير كذلك، هذا التلاحم بين كل مكونات الفريق ساهم بشكل كبير في تجاوز النسور لمرحلة الفراغ ومصالحة النتائج الإيجابية. «الدكليك» الذي طال انتظاره حاول الرجاء تصحيح مساره ومصالحة النتائج الإيجابية حين استضاف المغرب الفاسي، وراهنت الجماهير الرجاوية ومعها كل مكونات الفريق الأخضر على هذه المباراة للمصالحة مع النتائج الإيجابية خاصة أنها تأتي قبل موعد الديربي رقم 117، لكن ممثل العاصمة العلمية أظهر استماتة كبيرة وكان سباقا للتسجيل ما خلط أوراق المدرب البرتغالي وجعل النسور يتعبون من أجل الحصول على التعادل، هذه النتيجة لم تكن لترضي الأنصار وإن كانت ملامح العودة للسكة الصحيحة قد بدأت تظهر، وهذا ما دفع المدرب روماو للإجتهاد أكثر والبحث عن السبل الكفيلة بإسقاط الوداد في مباراة الموسم، لكن مرة أخرى تأتي الرياح بما لا تشتهيه السفن، بالرغم من إمساك النسور بزمام الأمور وأخذ المبادرة فإن الفعالية كانت ودادية، حيث كان التركيز والحظ من جهة الفريق الأحمر. الخسارة في الديربي أثارت حفيظة العناصر الرجاوية التي اجتمعت وأعلنت الإنتفاضة لتجاوز هذه الإخفاقات حين استضافتها لفريق الفتح الرباطي، وهو ما نجح فيه النسور ليعود الأمل للقلعة الخضراء. الخطر الأخضر قادم الفوز على الفتح الرباطي كان بمثابة الدكليك الذي أعاد الثقة للاعبين وخلصهم من ضغط النتائج السلبية التي كتمت على أنفاسهم لفترة طويلة، وكان على النسور تزكية هذه الإستيقاظة حين مواجهتهم لفريق الكوكب المراكشي خارج الديار وفي ظروف جد صعبة، وبالفعل فقد تأتى لهم ذلك بفضل العزيمة القوية والإصرار الكبير وكذا القتالية في اللعب، ويبدو بأن العناصر الرجاوية قد فطنت أخيرا بأن هذه هي الأسلحة التي ستمكنهم من تحدي كل الصعاب، وأمام شباب الحسيمة لم يكن من خيار أمام النسور سوى الفوز لتزكية هذه النتائج الإيجابية وتسلق الدرجات والإقتراب أكثر من مقدمة الترتيب. تسع نقط في ثلاث مباريات مكنت الرجاء من تحقيق صعود صاروخي من المرتبة العاشرة إلى المركز الرابع، وبهذه الصحوة عاد الفريق الأخضر ليشكل الضغط على أندية الصدارة باعتبار الخطر الذي تمثله استيقاظة العناصر الرجاوية. النسور أمام محك جديد في المباراة الأخيرة أمام شباب الحسيمة قدم الرجاء مباراة مثالية أعادت الجمهور للزمن الجميل ولذكريات الموسم الماضي، حيث تحققت النتيجة وحضر الأداء كذلك مع استعادة اللاعبين للكثير من مؤهلاتهم التقنية والبدنية، فقد تألق العقال ومابيدي والحافيظي والعسكري وأولحاج وبامعمر وكروشي وبلمقدم وباقي الأسماء الأخرى، لكن الرهان القادم يبدو أصعب وأقوى، فمع نهاية هذا الأسبوع سيكون النسور على موعد مع رحلة شاقة لمدينة بركان، فهناك تنتظرهم مجموعة المدرب طاليب في محك قوي وصعب، فهل يحقق النسور الفوز الرابع على التوالي لتستمر فصول هذه الإنتفاضة؟ أم تكون الكلمة الفاصلة للمحليين في هذه القمة الجميلة؟