طابور أوزين وجرأة دياب مرة أخرى تأتي تصريحات وزير الشباب والرياضة السيد محمد أوزين محمولة على أكثر من فاصلة، لأنها مثل حركاته وقفشاته لا تضع نقطة وبعدها العودة للسطر. الرشاقة الكبيرة التي أبداها أوزين في معرض محاكمته البرلمانية، تؤكد فعلا أن الرجل يتمتع بلياقة عالية لا تنال منها لا تسديدات بلاتير ولا كورنيرات صقور لجنة طوارئه..السيد الوزير ترك مجال التأويل والتداول مفتوحا أمام تخمينات كثيرة لفك شفرة مررها بدقة وعن قصد كبيرين، حين اتهم «طابورا خامسا» بالضلوع فيما آلت إليه الكرة المغربية من مهازل عقب جمعها العام الشهير بالصخيرات. قد أكون استهلكت أكثر من عشرة أعمدة عاكسة لمواقف وزوايا رأي خاصة جدا، كلها كانت تصب في خانة النهاية الحتمية لجمع بني على باطل وتكهنت بأن مصيره سيكون على مقاس البوص بلاتير الذي يحصن جامعات الكرة من نفوذ وتدخلا الحكومات، لا لشيء سوى ليؤكد الثعلب السويسري على أنه أكبر سلطة وأقوى تأثيرا من «بان كي مون» كبير ساسة العالم. ومعها قدمنا مواضيع فيها من الثراء والدقة في التحليل بعيدا عن التعنث وركوب الموج العاتي، ما كان بإمكانه أن يمثل للمعنيين بشأن الكرة بوصلة أو خارطة طريق، وهو ما كان سيجنبنا «تجبيدة» الأذن من الفيفا.. للأسف سياسة أنا ومن بعدي الطوفان، والركوب على صهوة الأضواء والنجومية وقضاء كل المآرب الأخرى، قادتنا في النهاية لتلقي درس من دروس محو الأمية الكروية التي يعشق بلاتير توزيعها بين الفين والآخر على رواد التربية غير النظامية في عالم المستديرة. تابعت برنامجا تلفزيونيا بتونس وتداوله الإعلام على نطاق واسع، في نفس اليوم الذي كان فيه السيد أوزين يترافع عن تهمة الضلوع في المآل الحزين لجمع «الكوايرية»، كان وزير الرياضة التونسي طارق دياب يقدم وجها ثانيا لمقاربة وزارته مع جامعة الكرة ببلاد قرطاج. ففي الوقت الذي يتبرأ فيه أوزين من ضلوع يكون قد قاد الفيفا لإلغاء آثار جمع تردد أنه يحمل بصمته، كان دياب أكثر جرأة وهو يرد على سؤال لصحفي تونسي: «هل فعلا السيد الوزير أنك راسلت الفيفا لتجميد نشاط الإتحاد التونسي لكرة القدم» طارق دياب أجابه بالقول: «بعد كارثة الكامرون وقبلها قلت أن منظومتنا الكروية فاسدة وتحتاج لإصلاح، ولو خيرت بين تجميد الفيفا لنشاط الإتحاد التونسي كي تنصلح المنظومة لاخترت مراسلة الفيفا لتجميد هذا النشاط»، ولم ينف دياب مراسلة وزارته للفيفا كي تجمد نشاط اتحاد بلاده الكروي. دياب بخلاف السيد أوزين كشف قناعه، على رأي المثل الشهير «من يرقص لا يخفي وجهه»، وتحمل كامل مسؤوليته فيما قد تنتهي إليه الأوضاع الكروية ببلاده ولم يتهم أي من الطابورات في هذه الخاتمة التي يتوقها القرطاجيون قريبا. كلنا كنا نعلم حجم الخلاف الكبير القائم بين الفهري وأوزين، وكل مرة كان أحدهما يقابل الثاني بضحكة صفراء باردة وينفيان على أعمدة الصحف هذا الخلاف، كانت درجة الإحترام والتقدير لجرأتهما تقل. الإختلاف رحمة وطالما أنه لا يفسد للود قضية، فإنه لا شيء كان يحرج من البوح به لأن البوح الذي يعفي من النفاق ويغني عنه هو من يرفع أسهم المصداقية أكثر. دياب بخلاف الكثير من القراصنة وهاكرز المسيرين المغاربة الكرويين، الذين اخترقوا الفيفا ليطعنوا في الجمع العام العادي، كان واضحا ومباشرا ولم يخش لومة لائم في الإنتصار لقناعة من قناعاته التي جعلته يؤكد أنه وجامعة الكرة ببلاده خطان متوازيان لا يلتقيان. بخلاف السيد أوزين الذي استوعب «قرصة» الفيفا وحاول جاهدا التبرؤ من ضلوع، كان من الممكن أن يتبناه كما تبنى يوما تصريحا شهيرا وجريئا قال من خلاله أنه تلقى أوامر لتطبيق القانون على جميع الجامعات بمساواة. بعد نهاية مباراة الرجاء والدفاع الجديدي إلتقيت السيد أوزين خارج أسوار المجمع الأميري، وبتواضعه الكبير الذي لا ينكره عليه أحد ترك سيارته وخرج للتحية وإلقاء السلام وتوقيع أتوغرافات للمعجبين. ما حدث بعدها هو تقدم رئيس عصبة مكناس تافيلالت محمد عدال نحوه ليقول له أمام من كان يلتقط السمع «شفتي معالي الوزير قلنا ليك غادي يديرو لينا السابوطاج؟». مرثية السيد عدال هذه وحدها تغني عن كل تعليق، وتؤكد أن هناك فعلا فئة لم تنضج بعد ورطت أو اقتربت من توريط السيد الوزير في أمور جمع عام ظل يؤكد معاليه أنه بعيد كل البعد عنه. عن أي سابوطاج كان يتحدث عدال؟ وهل المعنيون بالسابوطاج هم طابور الوزير الخامس؟ ولماذا إقحام الوزير في هذه البكائية من عضو محسوب على قائمة من قائمتين متنافستين على منصب رئاسة الجامعة؟ عفوا معالي الوزير ليس الطابور الخامس هو من جنى على الكرة المغربية وأدخلها غرفة الإنتظار، من ورطها أمام الفيفا هو طابور مختلف ركب رأسه حين كان الفقهاء يقدمون فتاويهم شهر رمضان ويؤكدون أنه «اللي كيتسحر مع الدراري كيصبح فاطر» بكل تأكيد..