لقد أعذر من أنذر تذكرون أنني إعترفت أمامكم ذات يوم بأن حدسي توقع حدوث مفاجأة من العيار الثقيل والجامعة الملكية المغربية لكرة القدم تخطو مرتعشة نحو جمعها العام العادي الذي ولد بعسر من رحم جمع عام إستثنائي كانت فيه أدوار المؤامرة قد وزعت بإحكام، لم أكن لأتبين أسباب الضيق الذي كنت أعيشه مقترنا بالخوف من الذي قد يحدث والكرة المغربية تدخل ما إصطلحنا عليه بامتحان الديموقراطية، ومثلما أنني عجزت عن إستقراء ما كان يبطنه الحدس، فقد كانت الجامعة عاجزة عن تبين كل الألغام التي تم نشرها بفعل فاعل في طريق الجمع العام. أذكر أن البعض إستغرب أن نكون قد كتبنا بالبنط العريض مع وصول رسالة التحذير الأولى من الفيفا من أن الأخيرة ستؤجل الجمع العام، وزاد الإستغراب لما كتبنا في عنوان آخر بأن الجمع العام للجامعة تمرد على أوامر الفيفا، وكانت الأوامر التي صدرت وقتها قد وجهت الجامعة إلى ضرورة إرجاء الجمع العام العادي الذي عقد يوم 10 نونبر إلى حين توصل الفيفا بالنظام الأساسي للجامعة الذي صودق عليه في الجمع العام الإستثنائي يوم 31 غشت الأخير ومطابقته مع النظام النموذجي الذي صدرته الفيفا لكل الجامعات والإتحادات منذ سنة 2005. ومن وحي معرفتنا بالذي يمكن أن تفعله الفيفا لكسر شوكة كل من يعصى الأوامر ويبدي العناد في الإلتزام باللوائح، قلنا أن أولى أولويات فوزي لقجع هو فك لغم الفيفا الذي سقط على الرؤوس بعد ذلك بساعات عندما ضربت الفيفا هذه المرة بصيغة قرار صادر عن لجنة الطوارئ الجمع العام الأخير الذي انتخب السيد فوزي لقجع رئيسا، ضربته بأن إنتزعت منه صفة الشرعية واعتبرت كل ما إنتهى إليه في عرف الملغي، والذنب الوحيد هو أن الجامعة أغفلت مسطرة بسيطة جدا كانت تقتضى موافاة الإتحاد الدولي لكرة القدم بالنظام الأساسي الجديد للجامعة قبل عرضه على المصادقة في جمع عام إستثنائي، ليبدي بشأنه الملاحظات ويعرضه على الإفتحاص القانوني. بالقطع لن يستطيع أحد أن يقنعني بسلامة النوايا وبأنه لا توجد هناك نيات مبيتة وسعي لتشويه صورة المغرب أمام مؤسسة دولية مثل الفيفا عن سبق إصرار إما رغبة هي بئيسة، للإنتصار لمصلحة شخص أو أشخاص وإما محاولة هي بائسة، للي دراع الوزارة الوصية التي ألحت على ضرورة ملاءمة النظام الجديد لجامعة كرة القدم مع القانون النموذجي للجامعات، لا أحد بمقدوره أن يقنعني بعدم وجود مؤامرة خفية لضرب الجمع العام وبالتالي سحب كرة القدم الوطنية إلى هذه الورطة القانونية. لا أحد يمكن أن يقنعني بأن الجامعة لا تتحمل المسؤولية كاملة في هذا الذي حدث، فما كان يكفينا أن نصمم للعالم أجمع جمعا عاما ضرب الأرقام القياسية في ساعاته وأيضا في بداءاته وفي كارثية وبشاعة الصور التي صدرها لكل مواقع التواصل الإجتماعي لنضيف إليه هذه الصفعة التي وجهتها الفيفا لنا والتي حرض عليها أناس هم بيننا لغاية الأسف، فهناك من أرسل للفيفا أربعين مكتوبا يحذر من عصيان الجامعة ومن تدخل الوزارة الوصية ومن عدم تطابق القانون الأساسي للجامعة مع النظام النموذجي للفيفا، وهناك من سولت له نفسه حرق مخزن المعلومات الذي يمكن أن يدلنا على نوعية الردود التي كانت توافي بها الجامعة الفيفا ردا على استفساراتها. مسؤولية الجامعة الأولى في أنها تأخرت كثيرا في التعاطي مع أنظمة نموذجية استصدرتها الفيفا سنة 2005 بعد أن كانت قد قررت سنة 2001 سنها لكل الجامعات والإتحادات بهدف تحديث وعصرنة إن لم نقل عولمة الترسانات القانونية وأيضا بهدف الحد من تدخل السلطات العمومية التي تضيق الخناق على الجامعات وتنال من إستقلاليتها بالإعتماد على نصوص واردة في القانون الأساسي المهيأ سلفا لإحكام الوصاية، لقد تبينت الجامعة خطر الإبقاء على الطابع الهاوي وحده في تدبير الشأن الكروي فقررت الدخول في عهد الإحتراف وكانت ملزمة في ذلك بأن تحدث قانون اللاعب وبأن تحدث بطولة إحترافية بما يتطلبه ذلك من وجود مؤسسات قانونية كاللجنة الإبتدائية وغرفة النزاعات، وقد إستلهمت الجامعة في ذلك من القوانين النموذجية الصادرة عن الفيفا، إلا أنها تأخرت كثيرا في الإنتباه إلى أنها تعمل كجامعة خارج النصوص القانونية المفروضة من الفيفا والتي يقول الفصل العاشر من قانونها الأساسي أن الأنظمة المعتمدة من طرف الجامعات والإتحادات الأعضاء لا بد وأن تتطابق في كل وقت مع الأنظمة والقرارات الصادرة عن الفيفا وعن الكونفدراليات القارية التي تتبع لها هذه الجامعات. المسؤولية الثانية للجامعة تكمن في أنها عند مطالبة وزارة الشباب والرياضة باعتماد الأنظمة الأساسية الموحدة التي أقرها قانون التربية البدنية والرياضة 30-09 لم تستحضر حاجتها إلى تذكر ما كانت قد أهملته زمنا طويلا، الحاجة إلى التطابق مع الأنظمة النموذجية للفيفا تفعيلا والتزاما بأحكام الفصل الثالث عشر لقانون الفيفا والتي تقول بأن الأعضاء الذين هم الجامعات والإتحادات ملزمون باحترام الأنظمة والقرارات والتوجيهات الصادرة عن أجهزة الفيفا، وأيضا صياغة القوانين بما يتطابق مع متطلبات الأنظمة الأساسية للفيفا، وإلا فإن كل انتهاك للأنظمة وللقوانين وللقرارات الصادرة عن الفيفا يعرض بحسب الفصل 15 إلى الطرد أو تعليق العضوية. المسؤولية الثالثة للجامعة هي أنها لم تبادر بعد الإنتهاء من صياغة الأنظمة الجديدة بعد ما قيل أنه شد وجدب مع وزارة الشباب والرياضة إلى موافاة الفيفا بهذه القوانين للتصديق عليها قبل عرضها على الجمع العام الإسثتنائي. المسؤولية الرابعة هو هذا الإستخفاف الذي أظهرته الجامعة مع مراسلات الفيفا تعليقا على ما كان يحدث داخل الجامعة، فقد قللت الجامعة من أهمية التحذير الأول تم استخفت بالتحذير الثاني الذي كان يوصى بإرجاء الجمع العام إلى حين مطابقة القانون الأساسي للجامعة مع الأنظمة النموذجية للفيفا، وقد شاهدنا تلك الملهاة التي صاغها الجمع العام العادي بتوجيه من الجامعة عند عرض الرسالة الثانية للفيفا، ما إنتهى بنا إلى هذه الحالة المستعصية والتي باتت تفرض تعاطيا قانونيا ودبلوماسيا من نوع آخر ينزع عن المغرب تهمة الإستخفاف بما تقرره الهيئة الدولية ويتفادى الدخول بنا إلى متاهات قانونية وتنظيمية، لأنه بات مؤكدا أن الجامعة السابقة التي أعادتها لجنة الطوارئ للفيفا لمسرح العرض بعد أن ألغت الجمع العم العادي وما ترتب عنه من قرارات لا تستحق هذا الوقت المضاف الذي أعطته إياها الفيفا. ومن دون حاجة للتهويل برغم ما تأكد للكل من وجود دسائس ومؤامرات، فإن التعاطي مع قرار لجنة الطوارئ لا بد وأن يكون بالحكمة التي عرف بها المغاربة، والتي تفرض الإمتثال والخضوع للأحكام أولا وتفرض إبداء الإستعداد الكامل للتطابق كليا مع لوائح ونظم الفيفا ثانيا والتي تدعو ثالثا إلى إقناع الفيفا بأن ما إنتهى إليه الجمع العام لم تكن له علاقة بالنصوص القانونية التي هي مصدر إعتراض من الفيفا، ما قد يضفي الشرعية على انتخاب فوزي لقجع رئيسا للجامعة ويربحنا وقتا سنهدره بلا شك إن نحن بقينا على عهدة الجامعة السابقة والتي لا يبدي علي الفاسي الفهري أي رغبة في البقاء رئيسا لها. نحتاج إلى ما يصحح هذه الأعطاب وهذه التشوهات، التصحيح الذي يعيد تلميع صورة المغرب دوليا والتصحيح الذي يؤكد سلامة التشريعات المغربية والتصحيح الذي يطرد من ردهات الجامعة ومكاتبها وغرف قرارها الأرواح الشريرة وكل الأنفس الأمارة بالسوء.