قراصنة الفيفا لم يعد ترتيبنا السيء جدا في سلم الفيفا بسبب البريكولاج المتقطع الممارس داخل الفريق الوطني، هو السيئة والعيب الوحيد الذي كشف خطايانا الكروية أمام أنظار شرطي الكرة العالمية ودركيها الأول. طريقة التحضير لجمع يوم أمس الأحد، كشف واحدا من عيوبنا وعرض غسيلنا المتسخ على أسلاك بلاتير وجعل الجامعة الموقرة تحتل واجهات و عناوين الصحافة الفرنسية و الإيطالية ناهيك عن الجزيرة فاضحة الأسرار. تنبيهات الفيفا واستسفاراتها المتكررة والرسائل التي كانت تصلها من أكثر من مجهول معلوم، خلقت حالة استنفار قصوى لخصها الظريف مسكوت بعبارة «مالين الوقت يعلم من يراسل الفيفا». هاجم أسامة النصيري أحمد غايبي وأشار إليه بالبنان كمسؤول عن جانب من جوانب تعثر التهييء للجمع المبارك، وفاض كأس بعض من حواريي لقجع واتهم أبرون علانية وصراحة علي الفاسي الفهري مؤكدا على أنه من يحمل الصفة وهو المخول بمراسلة الفيفا وما فوق الفيفا كرويا. وبعيدا عن جوانب القصور الإدراكي والتوعوي لبعض ممن لا يحيطون بقوانين وأدبيات الجموع العامة وتفاصيل علاقة الإتحادات والجامعات الكروية بالفيفا، إختلط الحابل بالنابل وثار التساؤل من المسؤول عن بعث رسائل الغرام لبلاتير مطالبا إياه بالتدخل. الذين تعودوا على المشي على أنقاض الجثت والموتى، قامت لهم قيامة فأصبح لهم لسان طويل وخرجوا من جحورهم ومراقدهم الباردة ليسموا أشخاصا بعينهم بعد أن ظل لسانهم حتى أمس قريب لا يراوح لوثته. بسرعة البرق تحول الفهري من مالك المفاتيح ومن رجل الحلول ومن فاتح الأنفاق، لمسؤول تمسح فيه خطايا فترة أربع سنوات، ومن كان يوالي علي بالأمس، ويتبنى طرح الدفاع عنه أصبح «يقلز» له من تحت الجلابة ويتهمه بمراسلة الفيفا طلبا للنجدة والإغاثة. ليس جوهر الإشكال فيمن راسل الفيفا، ولا من تبنى طرح عرض كل «الهبال» الذي رافق حملتي لقجع وأكرم على أنظار هيأتها الموقرة، وإنما الإشكال كله في كون الفيفا أصبحت شاهدة بالدليل والمراسلات على أننا عجزنا عجزا فظيعا عن تدبير مقاربة ديموقراطية قد لا تتكرر في المستقبل، مقاربة للأسف كان من الممكن أن تؤسس لإطار مرجعي لجموعنا القادمة والمستقبلية. صراع المصالح وحرب المواقع أخرجت الكثيرين عن طوعهم، ليتبنوا التشهير بمنافسيهم وهو التشهير الذي اقتضى البحث في سجلاتهم العدلية وصحيفة سوابق البعض وهو مشهد أساء بشكل كثيرا للمنافسة الشريفة والحرب النظيفة. الذين تحملوا مشقة البحث والتمحيص بحثا عن القراصنة الذين ظلوا يحولون مراسلاتهم لبلاتير وحاشيته بحثا عن عصا يضعونها في عجلة الجمع العام، كان يجدر بهم رفع مستوى النقاش والحديث عن المشاريع والبرامج بدل هذا الإرهاق الذي يعكس حالة مرضية مزمنة. نبتت جامعات وطوى أخرى النسيان وسجلات التاريخ الذي يبقى بذاكرة قصيرة، تؤكد في نهاية المطاف أنه لا يصح إلا الصحيح وعلى أن العبرة ليست بالتموقع والبحث عن محطات للتدفئة، وإنما بأشياء أخرى تنطلق من الصدق وتنتهي عند مرافئ الكفاءة والإقتدار وعلى أن فاقد الشيء لا يعطي شيئا في نهاية المطاف ومصيره بكل تأكيد إلى مزابل التاريخ. اليوم لا تهم أي جامعة ستسير شأن كرتنا ولا طريقة تعاملها مع الفيفا ولا نوع الحصانة والجرعة التي ستأخذها لتتخلص من أورام مزمنة تركتها التجارب السابقة. لا يهم إن كانت الفيفا ستكشف القناع يوما ما عمن كان يراسلها لإطلاعها بأسرار البيت وخبايا الدار، لا.. لسنا بحاجة لمعرفة من هم هؤلاء القراصنة بقدر حاجتنا أن لا يظل حوالينا قراصنة من نوع خاص يتبنون فتوحات غيرهم وينسبون مجد وبنات أفكار غيرهم لأنفسهم ظلما وبهتانا..