بطموح واحد وهاجس مشترك وهو بلوغ النهاية الحالمة للكأس الغالية، يلتقي فريقا الدفاع الحسني الجديدي ورجاء بني ملال مساء غد الثلاثاء في إطار نصف نهاية كأس العرش للموسم الكروي 2012 2013 ، وذلك بالملعب الكبير بفاس في صدام قوي وحاسم لا يقبل أنصاف الحلول بين فريقين تتباين إمكانياتهما ويختلف موقعهما في خارطة الممارسة الكروية، لكنهما متساويين من حيث الحظوظ في مسابقة لها نكهتها الخاصة ولا تعترف بالفوارق، خاصة وأن كلاهما تتملكه رغبة الصعود إلى البوديوم، الدكاليون الذين وقعوا على بداية مشجعة هذا الموسم، يتطلعون لتخطي عقبة نصف النهاية ومواصلة مطاردة حلم أخفقت كل الأجيال الكروية السابقة للدفاع في تحقيقه وهو القبض على أول لقب في تاريخ النادي، إلا أن مهمة الفريق الجديدي لن تكون سهلة أمام خصم ملالي عنيد ومشاكس، بالرغم من إنتمائه حاليا إلى القسم الوطني الثاني، فقد أقصى في الأدوار السابقة فريقين من البطولة الإحترافية، وقادر على تكرار نفس السيناريو ضد الدفاع الجديدي، مما ينذر بمواجهة ملغومة قد تحسمها جزئيات صغيرة. مسار بدون خطأ بلوغ الدفاع الحسني الجديدي ورجاء بني ملال إلى المربع الذهبي لم يأت بمحض الصدفة، وإنما هو نتاج طبيعي لمجهود كبير بذله الفريقان اللذان قطعا المراحل الإقصائية السابقة من الكأس الفضية بدون خطأ، فارس عين أسردون أزاح من طريقه فريقين من البطولة الوطنية الإحترافية هما الكوكب المراكشي بالضربات الترجيحية، والوداد الفاسي بهدف لصفر، إضافة إلى النادي القصري أحد أندية الهواة بهدفين لواحد، بالمقابل لم تكن طريق الأخضر الدكالي نحو نصف النهاية مليئة بالورود والرياحين، إذ تخطى في دور سدس عشر النهاية إتحاد بلدية أيت ملول بملعب الإنبعاث بهدفين دون رد، وبحصة (21) تغلب في الدور الموالي على وصيف البطل الجيش الملكي بالجديدة، قبل أن تضعه قرعة الربع وجها لوجه ضد الوداد البيضاوي بمركب محمد الخامس في قمة كروية حبست الأنفاس حسمها أشبال بنشيخة لفائدتهم بالضربات الترجيحية بعدما إنتهى الوقت القانوني والإضافي بين الفريقين بالتعادل الإيجابي هدف لمثله، وهذه رابع مرة يصل فيها الرجاء الملالي إلى نصف النهاية في تاريخه، إذ يعود آخر ظهور للفريق في مربع الأقوياء إلى موسم 9495، بينما بلغ الدفاع إلى هذا الدور عدة مرات، آخرها قبل موسمين، حيث أقصي بمكناس أمام «الكوديم» بهدف عادل حليوات، علما أنه في الموسم الذي قبله كان الدكاليون قد تجرعوا أيضا مرارة الإقصاء في المباراة التي جمعتهم بمركب محمد الخامس ضد الفتح الرباطي عن طريق ضربة جزاء وقعها الدولي السابق رشيد روكي. طموح واحد وإمكانيات متباينة من المؤكد أن طموحات وأحلام الفريقين ستكبر بعد تحقيقهما لسلسلة من الإنتصارات المستحقة في منافسات كأس العرش، والتي رفعت بدون شك من مؤشر الثقة لدى لاعبيهم ومنحتهم قوة دفع معنوية لمواصلة مشوارهم الناجح حتى الآن وبنفس التوهج قصد بلوغ النهائي الحالم لأغلى مسابقة كروية وطنية لرابع مرة للدفاع والأولى للرجاء، ورغم انتماء الأخضرين الدكالي والملالي إلى قسمين مختلفين، فإن رهانهما واحد وطموحهما مشترك وهو تجاوز حاجز ما قبل النهائي للكأس التي تنتفي فيها التصنيفات والفوارق، وتكون فيها كلمة الفيصل لأرضية الملعب. وعلى عكس الدفاع الجديدي صاحب العناصر المتمرسة الذي وقع على موسم إستثنائي حتى الآن رفقة مدربه الجزائري عبد الحق بنشيخة الذي غير الكثير من الأشياء داخل الجوقة الدكالية، لم يكن أشد المتفائلين الملاليين يتوقع أن يبصم الرجاء المحلي الغارق في مشاكل مادية وإدارية على ذات الحضور المتميز في منافسات كأس العرش، وهو الذي ما زالت جراح اندحاره إلى القسم الثاني لم تندمل بعد، إلا أنه بفضل حماس لاعبيه وحنكة مدربه الأشهبي إستطاع فارس عين أسردون أن يضمن لنفسه حضورا مع الأقوياء في المربع الذهبي، ويناقش حظوظه في دور النصف أمام الدفاع الجديدي بنفس الجدية والإرادة، أملا في حجز مقعد له في النهاية الحالمة. لمن تقرع طبول الفرح في قمة الأخضرين؟ هي حقا مباراة بعبق التاريخ، إستنادا إلى صولات وجولات الفريقين الدكالي والملالي في المنافسات الكروية الوطنية، وأيضا بالنظر إلى الصراع والندية اللذين ظلا يطبعان لقاءات الأخضرين على مر التاريخ، حيث يستحضر الجديديون بأسى عميق ذكريات حزينة كلما واجهوا رجاء بني ملال، خاصة في موسم 19731974، عندما تفوق الرجاء بالسرعة النهائية على الدفاع في الأمتار الأخيرة من البطولة الوطنية وجرده بالتالي من لقب البطولة الذي أحرزه آنذاك فارس عين أسردون لأول وآخر مرة في تاريخه، وفي الموسم الماضي كان رجاء بني ملال تغلب على الفريق الجديدي ذهابا وإيابا وأدخله وقتئذ دائرة الحسابات العسيرة للنزول، قبل أن يؤمن الدفاع مكانه بين الأقوياء بفضل ((بركة)) الميلاني، إلى غيرها من المواجهات التاريخية المحفورة في ذاكرة الجديديين والملاليين الذين سيكونون على موعد مع فصل جديد من الصراع الكروي، فأشبال عبد الحق بنشيخة الذين أبهروا المتتبعين بأدائهم الهلامي، وبعد إقصائهم في قمة الربع وداد الأمة واحد من المرشحين للظفر بكأس العرش، وتكريس نقلتهم النوعية هذا الموسم، يسعون للإستمرار في مسارهم الناجح، لأنهم عاقدون العزم على الفوز بأول لقب غالي يزين خزانة النادي، وينهي السنوات العجاف والإنتظار التي عاشتها الجماهير الدكالية لأزيد من نصف قرن من الزمن، وهو رهان يمر أولا عبر إزاحة الدفاع لفارس عين أسردون من طريقه في دور النصف، وهو أمر يبدو للكثيرين على الورق، في متناول فرسان دكالة، نظرا للفوارق الفنية والبشرية والمادية الكبيرة بين الفريقين، إلا أن مسابقة كأس العرش، وكما عودتنا دائما لا تخضع للمنطق، ولا تعترف بالفوارق، فكثير من أندية النخبة سقطت صريعة أمام نظيرتها بالقسم الثاني، بل إن بعض الفرق المنتمية لقسم المظاليم سبق لها أن عانقت الكأس، أمثال : الراسينغ البيضاوي ومجد المدينة، ويسعى الرجاء الملالي بقيادة الإطار التقني الوطني محمد الأشهبي، إلى رفع شعار التحدي أمام رجال بنشيخة في مباراة يرونها متساوية الحظوظ، وفرصة لأبناء عين أسردون للتأكيد على أن بلوغهم دور النصف لم يأت بمحض الصدفة أو بضربة حظ، ويراهن المدرب الأشهبي الذي بدأ عمله رفقة مساعده حاسي يعطي ثماره داخل القلعة الملالية، على حماس لاعبيه الشبان وروحهم الجماعية لكسر شوكة الدفاع والصعود إلى المباراة النهائية للكأس الغالية.