لا أدري لماذا يصنف ترشيح سعد أقصبي لرئاسة الجامعة، بالترشيح الغبي الذي لا يقيم وزنا للأميال التي تفصل الرجل عن أهلية تقلد مسؤولية من هذا الصنف حينا وبالترشيح الذي لا يهدف إلا للفت الأنظار حينا آخر؟ يدرك سعد أقصبي، وهو للذين لا يعرفونه رجل شغوف بكرة القدم ترأس ذات وقت فريق المغرب الفاسي ثم توارى قليلا ليطلع علينا بمشروع أكاديمية، كانت له الشجاعة ليطلقها في زمن فشل غيره في تتبيث بيت صغير لتلقين أصول كرة القدم وليعض عليها بالنواجد بدليل أنها ما زالت إلى اليوم حية ترزق، يدرك بأنه قد يتحول إلى إيزيس الذي له قصة تعرفونها بالتأكيد مع الجسارة وقوة الإرادة لقهر المستحيل، ولكنه أبدا لا يريد أن يكون نيرونا ليحرق بالكلام ما نصبه الآخرون من خيام على ناصية شارع كرة القدم الوطنية الباكي على ظلامه الدامس. يريد أقصبي ملامسة جوهر الديموقراطية لفض ما كانت للكرة المغربية من شراكة بئيسة مع سيناريوهات يجري تصميمها بدقة في الكواليس لينتخب الرؤساء بالتزكية، وإذا كانت النظم واللوائح التي تعمل بها الجامعة إلى اليوم تعطيه الحق في ذلك، فلماذا لا يكون متنافسا على الرئاسة؟ ولماذا لا تعطاه الفرصة لأن يدشن لعهد جديد لا يكون فيه الترشيح محرما ولا مصادرا ويكون فيه التنافس على البرامج وليس على الألقاب؟ أن لا يكون سعد أقصبي قامة باسقة بالطول الفارع الذي تفرضه المرحلة الدقيقة التي تمر منها كرة القدم الوطنية فهذا أمر فيه جدال، لأن لا أحد يمكن أن يصدر حكم قيمة على سعد أقصبي ولا أحد يستطيع فكريا أن ينزع عنه شيئا بفرض أنه موجود في غيره، وأن تكون جامعة كرة القدم التي بذل علي الفاسي الفهري ما يستطيعه من جهد لتقويمها وإلباسها جلباب المؤسسة بما تعنيه الكلمة من دلالات التدبير الإحترافي القائم على إحترام الإختصاصات، أن تكون الجامعة بحاجة إلى رجل قوي يتمثل ما تعنيه صفة رئيس الجامعة من قدرة على تجميع كل قوى العمل في بوثقة واحدة لخدمة المشهد الكروي الوطني بما يعود بالنفع على كل مكونات العائلة الكروية، فهذا أمر لا أظنه مستحيلا ولكن يجب أن نوقن من أنه سيكون واضحا في ذهن من يقلدون أمانة إنتخاب رئيس يكون حاملا لمشروع ومتطابقا مع خصوصيات المرحلة والتي توجد في طليعتها الحاجة للعمل في العمق من أجل أن يكون المغرب جاهزا لوجستيكيا ورياضيا لربح رهان كأس إفريقيا للأمم 2015. لسعد أقصبي كل الحق في أن يتحدث عن صمت القبور الذي يعم المشهد الكروي الوطني في لحظة أعيد التأكيد على أنها مفصلية، فالحاجة كانت ماسة إلى أن تملأ ساحات الإعلام نقاشات غايتها محاكمة الذات و محاكمة العمل الجامعي بجرأة وبنزاهة فكرية للوصول إلى أفضل صيغة ممكنة لبناء المرحلة القادمة، كانت الحاجة ماسة إلى أن تسمع الأندية والعصب وكل الفاعلين والصانعين والمؤثرين في الحركة الكروية صوتهم بالنقد وبالرأي وبالإختلاف الذي لا يفسد لكرة القدم الوطنية قضية ومصلحة، كانت الحاجة ماسة إلى قرار جماعي نبنيه بثقة، قرار أن أمانة كرة القدم لا يجب أن توضع كاملة على كتفي رئيس الجامعة هو وحده من يتحمل وزر عدم أداء هذه الأمانة على الوجه الأكمل وأن على الجميع أن يعمل على تأديتها بالمشاركة وبالنضال وبإبداء الرأي بلا وجل وبلا حسابات ضيقة وهذا أضعف الإيمان. إن أجمعت عائلة كرة القدم الوطنية على أن يظل علي الفاسي الفهري ربانا وقائدا ورئيسا للجامعة للسنوات الأربع القادمة فلا بد أن نشكر كل من فكر في منافسته بالبرامج وبالمقترحات إعمالا لروح الديموقراطية واحتراما للإختلاف، ولا بد أن نهنئه على أنه كسب هذه الثقة المضاعفة والثقيلة في ميزان العمل ولا بد أن نؤكد أن العمل يجب أن يبدأ من حيث إنتهى النقد الموضوعي الذي لا مزايدة فيه إلى كشفه من حقائق عن المرحلة المنتهية، وهذا العمل لن يكتب له النجاح إلا إذا تخلصت عائلة كرة القدم أو من يتحملون مسؤولية المحاسبة والمكاشفة من صمت القبور.