نفرح ولا نشمت، ثم نسعد فلا نفرط في الزهو، ليس لأن «الكان» إستقر في المغرب وسيستقر بمشيئة الله، ولكن لأنه في الكرة أيضا كما في الحياة قصاص وعدالة إلاهية هي مثل غسق الفجر لابد وأن يظهر مهما طال الليل البهيم. لن أتبجح بما كتبته قبل أعوام، ولن أستعرض فأدعي التنجيم بما كنت قد دونته في نفس الركن وقلت بالحرف «الكان بالمغرب»، لكن كنت واثقا ألف بالمائة بأن الكامرون لن تنظم نسخة 2019، وأتذكر ما قاله لي مسؤول رياضي، ونحن في ردهات أحد فنادق العاصمة الرباط، وهو يختلي بي على انفراد بعيدا عن كوكبة إعلامية، كانت تنتظر خروج عيسى حياتو رفقة راوراة بعد أن جالس في ذات اليوم عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة السابق الذي ظهر في الدقيقة التسعين في الصورة، كي يؤكد لكل مشكك على أن طلب تأجيل «كان 2015» أكبر بكثير من المسكين محمد أوزين.. قلت، قال لي نفس المسؤول بالحرف «أمام عيسى حياتو فرصة ذهبية ليدخل التاريخ، لو يقبل بمرونة طلب المغرب، فإنه سيحدث ثورة في كأس افريقيا لتصبح في الصيف كما يليق بها، وسيتم تسويقها بشكل أفضل حتى في أوروبا، حيث لا تلعب البطولات، ومعها سيكسب المغرب في صفه وإلى الأبد». بعدها أطل علينا ناطقه الرسمي جونيور بينيام وهو كامروني بالمناسبة، وإبن عم حياتو ومن أبناء جلدته، واستعرض أمام وسائل الإعلام المغربية والدولية وبطريقة فيها كثير من الإستعلاء، «تاريخ "الكان" ومواعيده من المقدسات التي لا تناقش، "الكاف" ترتبط بعقود وشراكات ولا يمكن أن تستجيب لطلب المغرب، وهذه كانت آخر فرصة أمامه ليقبل بالتنظيم كما يقرر الجهاز وكل واحد سيتحمل مسؤلية مواقفه». تقدمنا يومها صوب فوزي لقجع الذي رفض أن ينطق ولو بكلمة بعدما تناول الغداء مع حياتو، وقال لنا: «لقد قمت بما يمليه علي الواجب، تنقلت للقائه بالكامرون وحملت له موقفنا واليوم مسؤولون أكبر مني كرروا أمامه نفس الدفوعات، وكل شخص عليه تحمل مسؤولية قراراته التاريخية وحياتو واحد منهم، تنظيم "الكان" في الصيف سيمثل ثورة كبيرة لهذه المسابقة والقوة القاهرة لإيبولا تسهل على "الكاف" هذه المهمة». مهلا من فضلكم، الجرح سيصبح غائرا أكثر بعد أن تمادى سكين حياتو في الذبح في اليوم التالي، ومن الجزائر تحديدا التي إختارها بدل القاهرة التي هي مقر «الكاف» لغاية في النفس الخبيثة، سيقرر تغريم المغرب 24 مليار سنتيم وتوقيفه ل 4 سنوات عن الممارسة قاريا ودوليا، ونقل "الكان" رسميا لغينيا الإستوائية في حكم إعدام مع سبق الإصرار والترصد. عاد نفس المسؤول الذي رافقني في الفندق الذي اتصل بي وقال لي بالحرف «حياتو بهذا القرار يكون قد انتهى، ومستحيل تصور أن المغرب بملاعبه هاته سينتظر لغاية 2025 لينظم "الكان" بعد أن وزع المسابقة في سوق الجملة على عدة بلدان وسترى». فكتبت ما كتبته في اليوم التالي، وصرحت لمنابر إعلامية بأن المغرب سيسقط عقوباته و"الكان" سيعود قريبا للمكان الذي سلب أو غصب منه، وحياتو لن يفرح طويلا بهذا الحكم الجائر الذي لم يحترم سيادية القرارات. باقي الحكاية تعرفونها، إنتصار تاريخي للمغرب في محكمة «طاس» أسقط كل العقوبات والغرامات، فلعبنا وتأهلنا للدور الأول بالكان ورغم أنف "الكاف" وسافرنا للمونديال لنشارك لخامس مرة. وانتهى حياتو كما قال صديقي في نفس القاعة التي شهدت عودة المغرب للمعترك الإفريقي بخطاب الملك الملحمي والتاريخي في إثيوبيا، وعاد المغرب لتنفيذية "الكاف"، كما لم يكن من قبل وأصبح راوراوة من الماضي إفريقيا ومحليا ليطيح به لقجع وزطشي في وقت واحد. اليوم ما حدث شيء عجيب بالفعل، ففي نفس التاريخ الذي غرمنا فيه حياتو غرمه القضاء المصري بنفس الغرامة التي وقعها في حقنا، ونال هشام العمراني الذي ترافع ضد المغرب في سويسرا بحكم تبعيته لولي النعمة نفس العقوبة وياله من قصاص غريب؟؟. بعدها بيوم تم سحب "الكان" من الكامرون وسينظمه بالمغرب حتما، بل سيقام "الكان" بمشيئة الرحمان في الصيف وليس الشتاء وكما إقترح المغرب أيضا وانقلب السحر على الساحر، بعدما هاجمت الصحافة الكامرونية حياتو وحملته مسؤولية التسبب في عداء مجاني مع صاروخ إفريقيا الجديد كما وصفه شوبير. لذلك قلت في البداية لن نشمت، لكن وفق ما سردته في هذا الجرد ولو قمنا بإحصاء خسائر حياتو وأرباح المغرب خلال آخر 4 سنوات سنصل لحقيقة أن «المغرب هو زاوية» لا يهنأ من يدوس حماه ولا يحفظ له الود الذي يستحقه، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بشخص تعود على تصفية كليتيه بمصحاته وتجري في عروقه دماء مغربية. الآن فهمت أيضا ما يقصده الشوالي بعبارته الشهيرة التي تشبه صرخة وامعتصماه «الكان ياحميدان»..فإياك أعني يا أحمد.