بلغت فرنسا المباراة النهائية لكأس العالم في كرة القدم للمرة الثالثة في تاريخها والثالثة خلال 20 عاما، وتخوض الأحد نهائي مونديال روسيا الذي عولت فيه على دفاع صلب شارك بشكل فاعل في تسجيل الأهداف. للمباراة الثالثة تواليا في الأدوار الاقصائية، احتاج المنتخب الفرنسي الذي يتألف خط هجومه من الثلاثي الخطر انطوان غريزمان وأوليفيي جيرو والشاب الموهوب كيليان مبابي، الى هدف من مدافع لضمان مواصلة مشوار البحث عن اللقب العالمي الثاني بعد مونديال 1998 على أرضه. في الدور ثمن النهائي ضد الأرجنتين، كان الظهير الأيمن بنجامان بافار بتسديدته القوية، مسجل هدف التعادل (2-2) الذي أعاد فرنسا الى المباراة، قبل ان يكمل مبابي المهمة ويسجل هدفين لينتهي اللقاء 4-3. في ربع النهائي ضد الأوروغواي، كسرت رأسية المدافع رافايل فاران التعادل السلبي، قبل ان يضيف غريزمان الهدف الثاني وتنتهي المباراة 2-صفر. في نصف النهائي بسان بطرسبورغ الثلاثاء، كان الهدف الوحيد برأسية أيضا من مدافع برشلونة الاسباني أومتيتي، كافيا لايصال فرنسا الى النهائي الثالث (بعد 1998 حين فازت على البرازيل، و2006 حين خسرت أمام ايطاليا)، وحرمان الجيل الذهبي البلجيكي المكون من أمثال إدين هازار وروميلو لوكاكو وكيفن دي بروين، من خوض النهائي الأول له. أعاد هدف أومتيتي التذكير بهدفي الظهير الأمين ليليان تورام ضد كرواتيا (1-2) في نصف نهائي مونديال 1998، واللذين قادا بلاده أيضا للنهائي. لم تكن فرنسا خارج نادي المرشحين لإحراز اللقب في مونديال 2018. بلوغها المباراة النهائية ليس مفاجأة، لاسيما وان كل المرشحين البارزين الآخرين (ألمانيا بطلة 2014، البرازيل، الأرجنتين، واسبانيا) خرجوا تباعا، وكان الأفضل فيهم "السيليساو" الأميركي الجنوبي الذي وصل الى ربع النهائي قبل ان يخرج أمام بلجيكا 1-2. اعتمد المدرب ديديي ديشان على تشكيلة فرنسية شابة يبلغ معدل أعمارها 26 عاما، ولا تضم في صفوفها سوى أربعة لاعبين تخطوا الثلاثين من العمر، بينهم حارس المرمى والقائد هوغو لوريس (31 عاما). تميزت فرنسا بصلابة دفاعية وأداء لافت للوريس الذي تلقى مرماه أربعة أهداف في ست مباريات: ثلاثة من الأرجنتين في ثمن النهائي، وهدف من استراليا في الدور الأول من ضربة جزاء. بعد مباراة بلجيكا الثلاثاء في سان بطرسبورغ، نوه ديشان الذي حمل شارة قيادة المنتخب المتوج بلقب 1998، بالأداء الدفاعي للاعبيه الذين حيدوا لوكاكو ودي بروين بشكل شبه كامل طوال الدقائق التسعين للمباراة. وقال ردا على سؤال عما اذا كان أداء الثلاثاء الأفضل منذ بداية المونديال، "الدفاع كان ممتازا (...) كان علينا ان ندافع في العمق، وكثيرا في بعض الأحيان، لأن بلجيكا تتمتع بقدرات فنية. كان الهدف ألا نعطيهم مساحات لأنهم تخطوا الجميع (في طريقهم الى نصف النهائي)، حتى البرازيل". يمكن تبيان النجاح الدفاعي الفرنسي بعملية حسابية بسيطة: بلجيكا التي سجلت 14 هدفا في خمس مباريات في المونديال، لم تتمكن من هز الشباك الفرنسية. نصف النهائي كان أول مباراة في المونديال يفشل "الشياطين الحمر" بتسجيل هدف خلالها، وأيضا أول مباراة لا تنتهي بفوزهم. جودة الدفاع لم تأت من فراغ، فديشان اعتمد منذ بداية المونديال مقاربة حذرة، والأداء الفرنسي الهجومي لم يظهر عمليا سوى في الأدوار الاقصائية، بعد ثلاث مباريات في الدور الأول كان الأداء فيها متواضعا ومملا حتى، لاسيما ضد البيرو (1-صفر) والدنمارك (صفر-صفر)، علما ان الأخيرة هي المباراة الوحيدة حتى الآن التي انتهت بتعادل سلبي. لقي الأداء الفرنسي انتقادات من الحارس البلجيكي تيبو كورتوا الذي قال "خسرنا أمام فريق ليس أفضل منا، خسرنا أمام فريق لا يلعب، يدافع فقط". الا ان ديشان يثق بما يقدمه منتخب بلاده، وهو قاده الى النهائي للمرة الثانية تواليا في مسابقة كبرى، بعد كأس أوروبا 2016، حينما خسر بهدف يتيم ضد البرتغال بعد التمديد. تسعى فرنسا لمصالحة مشجعيها ونسيان تلك الخسارة على أرضها، وتبدو في موقع مثالي للتتويج باللقب العالمي للمرة الثانية، عندما تلاقي الأحد على ملعب لوجنيكي في موسكو، الفائز من المباراة نصف النهائية الثانية التي تقام مساء الأربعاء بين انكلترا وكرواتيا. في مسار المنتخب الفرنسي، شكل قطبا الدفاع أومتيتي وفاران ثنائيا مثاليا، ولعل حضور فاران هو ما يصنع الفارق في كأس العالم الحالي. غاب عن كأس أوروبا 2016 بسبب إصابة في الفخذ، الا ان مدافع ريال مدريد الاسباني حاضر في روسيا بجانب "غريمه" في برشلونة أومتيتي. يوفر اللاعبان للمنتخب استقرارا في منطقة جزائه، وخطرا في منطقة الخصوم لاسيما من خلال الضربات الرأسية، في ظل اعتماد الأهداف الفرنسية بشكل كبير على الضربات الثابتة. وعلى الجانبين، لجأ ديشان الى بافار والظهير الأيسر لوكاس هرنانديز، مفضلا اياهما لقدراتهما الدفاعية، على جبريل سيديي وبنجامان مندي. اعتمدت فرنسا في 2016 على أومتيتي لتعويض غياب فاران، وها هي في 2018 تعتمد عليهما معا، وتحصد ثمار صلابتهما. مدافع برشلونة مصمم على ألا يختبر خيبة ثانية تواليا في نهائي مسابقة كبرى. قال بعد الفوز الثلاثاء "أنا لست جالبا للحظ (...) لم نفر بنهائي كأس أوروبا، ولهذا من المهم بالنسبة إلي ان أبلغ نهائي كأس العالم. آمل في ان يكون الأمر مختلفا هذه المرة، وان نعيد الكأس الى فرنسا".