وأخيرا أنصف القدر والحظ نادي الجمعية الرياضية السلاوية لكرة السلة، رائد اللعبة وطنيا منذ سنوات متتالية، وأحد أقوى الفرسان مغاربيا وعربيا وإفريقيا، ليكون ملكا للقارة السمراء وما أدراك ما القارة السمراء في كرة السلة. التتويج بلقب عصبة الأبطال الإفريقية من قلب رادس ضواحي العاصمة تونس، وأمام الفريق المنظم بجماهيره وضغطه ومناوراته، والبصم على مشوار رائع من المباراة الإفتتاحية وإلى غاية النهائي، والأهم من ذلك إسقاط عمالقة السلة النيجيرية والأنغولية والأوغندية والتونسية بالطريقة والحصة، فهذا فخر للمغرب والنادي ومدينة سلا التي باتت معروفة ومشهورة خارج الوطن بنادي الجمعية فرع كرة السلة. صراحة ظُلم الفريق كثيرا خلال السنوات الأخيرة، وظلم نفسه أيضا في عدة مناسبات بإرتكاب أخطاء وهفوات ساذجة، حرمته في الكثير من الأحيان من الظفر بالكؤوس الخارجية، رغم أنه ظل يقدم بشهادة الجميع مستويات جيدة وعروضا مشرفة وراقية، إلا أن النضج والتجربة والتسرع حالوا بينه وبين الذهب في أكثر من مرة. فأن تخسر 7 نهايات بدءا من دوري الحريري بلبنان سنة 2008 ووصولا إلى البطولة العربية بسلا عام 2017، فهذا رقم كبير محبط وعقدة آمن بها اللاعبون والسلاويون كثيرا، قبل أن يعقدوا العزم أخيرا على إنهائها ببطولة أبطال إفريقيا بتونس، حينما تخلصوا من آثار الماضي الحزين والنهايات البئيسة، وإنتزعوا ثوب الإخفاق بإصرار شديد، ليرتدوا أقمصة العزيمة والتجربة والرزانة والذكاء. جيل القيدوم المصباحي ومعه الساحر زويتة والسفاح نجاح والأنيق كوردو وباقي المحاربين إبتسموا للحظ قبل أن يبتسم لهم مكرها، وعرفوا أن البطولات والكؤوس تُربح بالخبرة والإرادة والدهاء، فحققوا المراد وتذوقوا أحلى فاكهة بعد عقد من الجوع والنهم والبحث عن الطريدة الهاربة. صحيح أن الفريق كان مهيمنا وزعيما في الملاعب الوطنية، وربح خلال ذات الفترة ألقابا خارجية في تظاهرات ودية، لكن الميداليات الذهبية في المسابقات الكبرى الرسمية خاصمته لأعوام، ومنحته معادن النحاس والفضة في أفضل الأحوال. من شاهد البطولة الإفريقية الأخيرة وعاين على الخصوص مبارتي النصف والنهائي، وكيف قهر ليبولو الأنغولي البطل السابق بفارق مريح، وعاد ليحدث «ريمونطادا» ولا أروع في المباراة الختامية ضد النجم الرادسي بعدما قلب تأخره بفارق 15 نقطة إلى فوز بفارق 8 نقاط في الشوطين الثالث والرابع، سيدرك حجم النضج والخبرة والفعالية التي أصبح تُقاس بها كثيبة المدرب المجتهد سعيد البوزيدي، والذي تطور بدوره وحسن معارفه وصحح الأخطاء وسوء قراءته وتقديره لمباريات وخصوم سابقين. الجيل الذهبي الحالي بعمادة الحاسم وقت الشدة المصباحي صالح كرة السلة المغربية مع عرش القارة السمراء، ليعطيها ثاني وسام ذهبي بعد الأول على صدر المغرب الفاسي نهاية التسعينيات من القرن الماضي، ويجعل سنة 2017 الأفضل على الإطلاق في تاريخ جمعية سلا، بأربعة ألقاب منها لقبي البطولة الوطنية وكأس العرش ولقب عصبة أبطال إفريقيا وبطولة دبي للأندية البطلة، إلى جانب وصافة البطولة العربية. هنيئا للجمعية بكل مكوناتها وللمغرب الذي أمسى ملكا للقارة في مجموعة من الرياضات في عام تاريخي، مبروك لجميع السلاويين وعشاق كرة السلة بالمدينة، القدر والحظ والإجتهاد أنصفكم والحمل الثقيل إزداد على عاتقكم، وأول الرهان المقبل الحفاظ على لقب بطولة دبي الدولية شهر يناير القادم.