ما إن أعلن أجاكس أمستردام بحر الأسبوع الماضي عن تدهور الحالة الصحية للاعب المغربي عبد الحق نوري، حتى إشتد وطيس التغريدات والحملات التضامنية معه على أبرز مواقع التواصل الإجتماعي. الألم كل الألم دب في النفوس ليمزق الأفئدة، بعد سماع خبر إصابة الشاب بجلطة دماغية حادة تسببت في تلف شديد للخلايا، قد تحكم عليه في حال تجاوز مرحلة الخطر بالعيش على كرسي متنقل، إذ كشف أطباء المستشفى النمساوي، حيث يرقد أن وضعه بالغ التعقيد، ولن يكون بمقدوره المشي ولا الحديث ولا الأكل، ولا حتى التعرف على أقربائه عقب إستفاقته من الغيبوبة. شر القضاء الذي نؤمن به كمسلمين حمل لأسرة نوري المهاجرة بأمستردام أسوأ خبر، وهي التي فرحت قبل أشهر قليلة بصعود إبنها عبد الحق إلى الفريق الأول لأجاكس، بعد مثابرة وصبر وعمل شاق لسنوات، لتصطدم بنهاية مسيرة اللاعب قبل أن تبدأ، ورعب شديد من إمكانية تعرضه لمضاعفات وتشوهات مدى الحياة، أو الوفاة لا قدر الله. نسينا الكرة ونسينا معها رفض نوري الشديد لأكثر من مرة اللعب للفئات السنية للفريق الوطني وحرصه على تمثيل بلد الإقامة، ونسينا المتعة والإبداع والموهبة، لنعود لسكة الصواب واليقين والواقع، والإدراك أن قيمة الصحة لا ثمن لها، وأن الحياة ككرة القدم متقلبة ومتوجعة ولا تثبت على حال، والمخطئ هو من يثق بدوام الأفراح أو بأبدية الأتراح. الألم عميق والتعاطف شديد مع نوري الذي لم يبلغ بعد ربيعه 20، كان يحبو ويتسلق درج التنافسية والبحث عن الذات مع زعيم الكرة الهولندية، ويلامس أدنى عتبات الشهرة داخل حدائق الأراضي المنخفضة، فإذا به يصبح حديث العالم ونقطة تلاقي الأندية والنجوم، بعدما أرعب الكل بسقطة في مباراة ودية قبل أيام، نقل على إثرها عبر مروحية للدخول في عناية مركزة بأكبر مستشفيات فيينا. لن نتحدث عن الواقعة إن كانت في بلادنا وكيف كان سيتم التعامل معها من قبل المتدخلين والسلطات والأطقم الطبية، لأن لنا سوابق وخيمة ولا داعي للتكرار، ولا يمكننا مقارنة الحالات لأن الأعمار بيد الله عز وجل، لكن الحادث والحالة تتطلب منا جميعا الدعاء لإبن وطننا والوقوف مع أسرته معنويا بالدعم والمساندة والتتبع. حسنا فعل رئيس الجامعة فوزي لقجع بإعطاء الأوامر لطبيب الفريق الوطني الدكتور عبد الرزاق هيفتي بمتابعة تطورات وضع نوري ومواكبة آخر أخباره الصحية ولو شكليا ودون تدخل، وحسنا فعل أكبر نجوم كرة القدم العالميين ومعهم أعرق الأندية الأوروبية من رسائل تضامن وخطابات تشجيع ومساندة، وحسنا فعل مغاربة الإيرديفيزي في مقدمتهم حكيم زياش الذين قاموا بزيارة لمنزل والدي عبد الحق ومؤازرتهم والوقوف إلى جانبهم في هذه المحنة التي هزت بيت الأسرة المغربية المهاجرة، ومعه بيت أجاكس وكرة القدم على وجه عام. الأورغوياني لويس سواريز نشر صورة له رفقة عبد الحق حينما كان الأخير جامعا للكرات ومعجبا بأهداف قناص أجاكس السابق، وسيرجيو راموس غرد بإنسانية مطالبا اللاعب بالتحلي بالقوة والشجاعة، ونجوم آخرين مغاربة وأجانب ومعهم عشرات الفرق الأوروبية نشروا صورا للاعب ودعوا له بالشفاء العاجل والعودة بسرعة على الأقل إلى الحياة والإبصار. أقل ما يمكن أن نقوم به كصحافة أولا وكمغاربة ثانيا أن نقف وندعو لإبن بلدنا بالإستفاقة والنجاة والخروج بأقل الأضرار من هذا المصاب الجلل، فحياة الإنسان تسير بالصحة وليس المال ولا الرياضة ولا الأشياء الأخرى التافهة والثانوية، كلنا نوري الذي نشر آخر صوره وهو يصلي ويبارك عيد الفطر للأمة الإسلامية، وجميعنا ندعو الله ليخفف ألمه الذي ألمنا، ودعواتنا للحق أن يشفي عبده.