لا ندري إن كانت الأقدار هي التي رتبت أن يكون أول سفر تدريبي للزاكي بادو بالجزائر، ولكن ما هو موثق للتاريخ أن الزاكي بإطلالته على بطولة غير البطولة الوطنية التي تعود على مائها وهوائها، إستحق شهادة التقدير، بحكم أنه نجح في تخليص شباب بلوزداد من جاذبية النزول عندما أخرجه سالما من إعصار الأزمة، ليس هذا فقط بل إنه نجح في قيادة الفريق البلوزدادي إلى النهائي العاشر لكاس الجزائر في تاريخه، والأمل أن يتمكن الزاكي من إهداء الجماهير البلوزدادية الكأس السابعة لها من خلال النهائي الكبير الذي سيضعه هذا الثلاثاء في مواجهة الكبير والعنيد وفاق سطيف. كيف يقيم الزاكي موسمه الأول مع شباب بلوزداد؟ وما الذي هيأه لنزال وفاق سطيف؟ هذه الأسئلة وغيرها نسوقها للناخب الوطني السابق وهو في طريقه لكتابة التاريخ. المنتخب: ينتظرك اليوم الاربعاء خامس يوليوز، نهائي كأس الجزائر الذي يضع فريقك شباب بلوزداد في مواجهة نادي وفاق سطيف، هل تثق في قدرة لاعبيك على رفع التحدي وكسب الرهان؟ الزاكي بادو: لنكن أمناء مع أنفسنا، مجرد بلوغ المباراة النهائية لكأس الجزائر يعتبر إنجازا بالإحتكام إلى ما عاشه الفريق هذا الموسم من تقلبات، فالفريق كان ذات وقت يضع نصب عينيه المحافظة على مكانه بين أندية القسم الأول، فإذا به يحرق المراحل على مستوى منافسة الكأس ليصل إلى المباراة النهائية. وعندما يتعلق الأمر بلقاء نهائي، فإن الكثير من الأحكام وحتى الفوارق الفنية تسقط، لذلك فإننا لن نكتفي بمجرد التشرف بلعب مباراة نهائية، ولكننا سنفعل المستحيل من أجل أن نهدي الكأس الغالية لجماهيرنا، وأعتقد أن الأمر ليس مستحيلا. المنتخب: حتى لو كان المنافس هو وفاق سطيف الذي يحمل مع إتحاد الجزائر الرقم القياسي من حيث عدد مرات الفوز بكأس الجزائر (8 مرات)؟ الزاكي بادو: وفاق سطيف فريق عريق وصاحب العديد من البطولات والألقاب المحلية والعربية والإفريقية، لا أحد يمكن أن ينكر أنه مؤهل فوق العادة لكي يتوج بالكأس التاسعة في تاريخه، ولكن لا حق لأي كان أن يعدم حظوظنا ويلغينا من الحسابات. بلغة التاريخ شباب بلوزداد هو الآخر من الأندية التي لها سجل رائع على مستوى كأس الجزائر، لقد نال الكأس الفضية في 6 مناسبات، وكانت آخر مرة نال فيها الكأس سنة 2009، لذلك فهو يدخل هذا النهائي وهو يوصف بأنه من السواعد الكبرى للكرة الجزائرية وتحديدا لكأس الجزائر. المنتخب: ولكن يحسب لوفاق سطيف أنه لم يخسر ولا مرة نهائيا لكأس الجزائر، إذ فاز بالنهايات الثمانية التي لعبها، بينما خسر شباب بلوزداد ثلاث نهايات؟ الزاكي بادو: وفاق سطيف له بالفعل قدرة على حسم النهايات، ولكن عندما سيقابلنا هذا الثلاثاء سيجد أمامه منافسا طموحا ومتشبتا بحقه في الظفر بالكأس السابعة في تاريخه. المنتخب: عندما تعد جماهير شباب بلوزداد بجلب الكأس السابعة، فأنت تعي جيدا أن هذا يعني أن يكون فريقك في قمة تركيزه للإطاحة بوفاق سطيف؟ الزاكي بادو: ليس من عادتي أن أسوق الأوهام، وما قلته ينبع من قناعة ترسخت لدي أن لنا اللاعبين متى آمنوا بقدراتهم ومتى كانوا في قمة التركيز، إلا وأمكنهم قهر كل ما يبدو للآخرين على أنه مستحيلا، فريقي متعطش للألقاب واللاعبون يملكون سعار الفوز، أما التفاصيل الأخرى المرتبطة بالنهج التكتيكي وقراءة مفاتيح لعب المنافس، فذاك أمر من إختصاصي وسأوافي به اللاعبين في الوقت المناسب. المنتخب: ولكن ما سبق المباراة النهائية من تجاذبات بين اللاعبين ومسؤولي الفريق بخصوص المستحقات المالية، يضع الكثير من علامات الإستفهام حول الفريق؟ الزاكي بادو: لا أنكر أن الفريق عاش على إيقاع أزمات مالية حادة تمت السيطرة عليها على مراحل، ولو أنني لمست تلكؤا أو تملصا من المسؤولية من قبل إدارة الفريق لما بقيت للحظة واحدة، للأمانة فهناك مجهودات بذلت على أكثر من صعيد لتجاوز المحنة المالية، وعندما شعرت أن هناك حسن نية من قبل المسيرين أقنعت اللاعبين بمواصلة تضحياتهم، لذلك فإننا سندخل المباراة النهائية بفكر معافى وبذهنيات لا يسيطر عليها سوى شيء واحد، هو تحقيق الفوز لإدخال البهجة لقلوب البلوزداديين. المنتخب: كيف قبلت الإشراف على فريق كان يعاني من أزمة نتائج حادة بل وكان مهددا بالنزول؟ وهل تعتبر أن ذلك كان مجازفة؟ الزاكي بادو: لا أعتقد أن طريقنا كمدربين هي دائما مفروشة بالورود، هناك تحديات لا بد وأن نقبل عليها، وهناك مجازفات لا بد وأن نقبل بها، ما لا نستطيع أن نقبل به هو التفريط في ما نعتبره شروط العمل الإحترافي التي لا يمكن النزول عنها أو التنازل بشأنها. عندما عرض علي بإلحاح الإشراف على شباب بلوزداد الجزائري وهو يعيش وضعية حرجة لا علاقة لها بممكناته، بالنظر إلى أنه إحتل خلال الموسم الماضي، المركز الثالث مناصفة من شبيبة القبائل، وحالت النسبة العامة للأهداف بينه وبين المشاركة في منافسات كأس الكونفدرالية الإفريقية، قررت أن أركب صهوة التحدي ليقيني من أن الفريق ما تدهورت نتائجه إلا لوجود نوع من الإحتباس التقني الذي يحتاج إلى مجهود كبير للسيطرة عليه، وأيضا لإدراكي أن البطولة الجزائرية تشبه في كثير من تفاصيلها البطولة المغربية، ولله الحمد الأمور سارت على النحو الذي خططت له وتمكن الفريق بسرعة وبفضل تظافر الجهود من تجاوز محنة النتائج. المنتخب: عندما قبلت بتدريب شباب بلوزداد بعد الإنفصال عن المدرب الفرنسي آلان ميشيل، كان الفريق يتذيل الترتيب بتسع نقاط حصل عليها من 11 مباراة، كيف تمكنت من تقويم الخلل؟ الزاكي بادو: عندما حضر مسؤولو شباب بلوزداد إلى الدارالبيضاء لنخوض معا جولات من المفاوضات، قدمت لي حصيلة الفريق وقد وجدتها لا تتطابق مع إمكاناته ولا مع تاريخه القريب قبل البعيد في الرابطة المحترفة الأولى، لذلك قمت بدراسة سريعة لهيكل الفريق وأدركت أن أول شيء لا بد من القيام به، هو تجاوز حالة الإحباط التي سيطرت على اللاعبين وإعادتهم بسرعة إلى سكة الإنتصارات، وفي أول مباراة قدت فيها الفريق، وكان ديربيا ساخنا أمام مولودية الجزائر تمكنا من الفوز، لندخل خطا تصاعديا، فلم نعرف للهزيمة طعما في سبع مباريات، وهو ما منح اللاعبين ثقة كبيرة بالنفس، بل إن العمل الذي باشرته بمعاونة الجهاز التقني جعل الفريق يقدم إيابا رائعا بل وبطوليا، لينهي الموسم في المركز السادس بمجموع 43 نقطة، وبيده بطاقة المشاركة في منافسات كأس الكونفدرالية الإفريقية، بحكم أننا بلغنا المباراة النهائية لكأس الجزائر بمعية وفاق سطيف الذي نال لقب البطولة وبات مؤهلا لعصبة الأبطال. المنتخب: حتى نعود لنهائي الكاس الذي تلعبه هذا الثلاثاء، والأمل في أن تفوز به لتضيفه لرصيدك التدريبي، بعد أن حققت لقب كأس العرش هنا بالمغرب مع الوداد، ألا يمكن أن يكون النهائي صورة من المباراة التي حققت فيها الفوز على وفاق سطيف يوم 25 مارس الأخير برسم الدورة 17 للرابطة المحترفة الأولى؟ الزاكي بادو: السياق مختلف والرهان مختلف، وإن كان اللاعبون هم هم، إلا أن هذه المباراة هي مقياس للتعبير عن قدراتنا وللتأكيد على أن إنتصارنا على وفاق سطيف في ما لو تحقق، لن يكون مفاجأة، عموما أعتقد أن النهائي على غرار كثير من المواعيد الكروية الكبرى والفاصلة ستتحكم فيه الجزئيات الصغيرة. المنتخب: هل يمثل تعافي الهداف حامية من الإصابة، خبرا سعيدا بالنسبة لك؟ الزاكي بادو: محمد أمين حامية لاعب مؤثر ومهاجم هداف، يكفي أنه حل ثانيا في ترتيب هدافي الرابطة المحترفة الأولى بمجموع 13 هدفا بفارق هدف واحد عن هداف الموسم، للتدليل على قيمته، لقد إشتكى من الإصابة وبذل الطاقم الطبي مساع كبيرة من أجل تجهيزه، وحضوره مؤثر برغم أنني لا أقلل في العادة من قيمة المجموعة، لأننا نلعب ونفوز في مقام أول بروح المجموعة. المنتخب: ما ساعدك على نجاح تجربتك مع شباب بلوزداد، ما حظيت به من ترحيب كبير من لدن الوزداديين، أليس كذلك؟ الزاكي بادو: بالفعل، كان هذا عنصرا مهما في نجاح المهمة، لقد كانت الجماهير البلوزدادية ملتحمة ومعبأة وراء فريقها وشكلت في واقع الأمر عامل ضغط إيجابي، وأنا سعيد بذلك، بل فاجأني الترحيب الكبير الذي لقيته منهم وكل ما قدموه لي عربونا لهذه المحبة الكبيرة، وأنا ممنون لهم وأبدا لن أنسى لهم ذلك. في كثير من المرات كنا نتجاوز المعاناة ونصبر ونكابد من أجل إسعادهم، وأبدا لن ندخر أي جهد لكي نفوز على وفاق سطيف ونهدي كأس الجزائر لهم. المنتخب: بالطبع تجد صعوبة في الرحيل عن الفريق أمام هذا الأرتباط الكبير الذي تبديه الجماهير البلوزدادية؟ الزاكي بادو: الجماهير البلوزدادية ومسؤولي الفريق أيضا، لقد حاولوا إقناعي بالبقاء للعب على رهانات أخرى خصوصا وأن الفريق سيلعب السنة القادمة منافسات كأس الكونفدرالية، إلا أن ما رتبت له هو أن أشرف على شباب بلوزداد هذا الموسم بالذات تحت إلحاح المسؤولين عن الفريق الذين أشكرهم على ثقتهم، بنهاية الموسم أجد أنه من المستحسن أن أعود لأجواء البطولة الوطنية.