من هو العين الثانية بالمنتخب؟ سؤالان يفرضهما منطق العقل داخل عرين الأسود؟ ماذا يفعل كل من رشيد بنمحمود ووليد الركراكي تقنيا مع رشيد الطوسي؟ وهل للطوسي أيضا فكر إنقلابي في نظام اللعب؟ في كرة القدم شئنا أم أبينا لم يعد الرجل الثاني بأي فريق في العالم بعد المدرب بذات تسمية المدرب المساعد، بل هو العقل الثاني أو العين المجردة التي تقرأ تفاصيل النزال بتدبير جيد للمراكز والتوقيت الملائم للتغييرات أيا كانت نتيجة المباراة وبتحولاتها الإستراتيجية.. والمدرب الثاني هو من يرى في تغيير لاعب ما إنقلابا حقيقيا للخطة واستراتيجية اللعب، هو من يضع البديل بمعلومة حصرية تصل داخل الرقعة إلى جميع مكونات الفريق على أنه لا يسير في الإتجاه الصحيح، ودخول اللاعب أصلا يكون محمولا بزاد تقني من خلال توظيفه وزادا يوصل المعلومة إلى زملائه إما برفع درجة الإيقاع وإما بتغيير نمط الأداء من موقع لآخر، وإما لإزعاج الخصم في أي خط.. وحثميا سترون أن مورينيو ومن معه يحدثون ثورة تقنية عندما يغيرون لاعبا أو لاعبين لقلب كل المعادلات مثلما هو حال المدرب البرصاوي تيتو فيلانوفا العين المجردة السابقة بعد غوارديولا.. وهؤلاء جميعا يؤسسون لكرة راقية مبنية على كل القراءات المحتملة للفوز أو تحويل الهزيمة إلى تعادل، أو من التعادل إلى الفوز.. وهذه الحقيقة غير موجودة مع رشيد الطوسي كربان مفروض أن يقدم مساعديه بنحمود والركراكي كعيون تقنية تؤسس للكوتشينغ الناجح.. ولا أريد هنا على الإطلاق إنتقاد الرجلين بقدر ما أتساءل ما طبيعة حضور المساعدين مع أن إختلاف الرأي يؤكد أن حضور الركراكي كان بإيعاز منحه مهمة التواصل مع المحترفين، وبنحمود بذات المهمة مع محترفي البطولة الوطنية.. ما يعني أن الطوسي ينفرد وحده بمهمة الكوتشينغ ولا يستشير مع أي منهما إلا للإستئناس، وهو من يتحمل مسؤولية غياب الرجل الثاني بذات القوة التقنية.. بينما بنمحمود والركراكي ما زالا في بداية المشوار الكبير ولا يتحملان أية مسؤولية في الإستشارة الخاصة بقراءة فصول المباراة مثلما بررها الطوسي في ندوته الصحفية قبل الرحيل نحو جنوب إفريقيا من أن أي نتيجة عكسية سيتحملها هو شخصيا وليس طاقمه.. لذلك نحن أمام فرضية واحدة وهي أن الطوسي غامر بنفسه ليقود سفينة المنتخب من دون سند تقني على أعلى مستوى من القراءات الخاصة داخل المبارايات وليس بقراءة المنتخبات مثلما يفعله الآن فتحي جمال.. طبعا مباراة أنغولا أطلقت العنان على الكوتشينغ السلبي، وقدمت إخلالا جوهريا بالمنظومة التي ظلت كما هي بذات خطة غيرتس وحتى بدائله بذات المركز.. وربما يعرف الطوسي أن خضوعه لنفس التوازنات البشرية من دون أن يقلب الخطة في المباراة الواحدة والتي يتأسس عليها المران اليومي والتكتيكي لقراءة كل التفاصيل الممكنة، هو من وضعه كمدرب مكشوف أمام مدرب أنغولا في جولة ثانية قلب فيها تواضعه في الجولة الأولى إلى مقاتل فعلي للبحث عن الفوز، وكاد أن ينتزعه بسوء الحظ. وهذا الكلام يعنينا بالدرجة الأولى، لأن قراءة الخصم التي يقدمها فتحي جمال للطوسي هي جزء من التفاصيل المهمة في المباراة، بينما يبقى البناء المنهجي للمدرب والمساعد القوي بهذا المعنى من أجل التخطيط للنزال في خصوصياته الإنقلابية للخطة، والإيقاع والضغط والإقتصاد في الجهد البدني وقت الضرورة معه أنه جزء مهم في المحاسبة التي قدمت منتخبا مغربيا خلال الجولة الثانية بعيدا عن منسوبه المائوية للياقة العالية، لذلك نحن أمام مهتمين غاية في المسؤولية، أبرزها المساندة التقنية الغائبة في رجل القرار الثاني لقلب كل المعادلات، والثانية في الغموض الخطير الذي يحضر جانب اللياقة البدنية كمؤشر يبنى عليه النزال أصلا داخل الخطة، وهذا هو ما أفشل قدرات المنتخب المغربي أمام أنغولا أولا قبل مسألة تخوف المدرب من إنزال الأظهرة الدفاعية للتنشيط الهجومي.. ولو كان له مدرب مساعد بعين تقنية جريئة لكان اللقاء على نحو آخر من الإنزال الدفاعي للأطراف، ولربما لعب المغرب قرابة 70 إلى 80 دقيقة من اللياقة العالية عوض 25 دقيقة التي أنزل فيها كل شيء في غياب المساندة ووضعية الخطة التي عرت هشاشة الوسط الدفاعي وحتى البنائي.. وأعتقد حثما أن الفريق الوطني عندما يلعب بخطة 3/3/4 الأصلية، لا بد أن يلعب بنزول الأظهرة لتصبح الشاكلة 3/5/2 وبأكثر هجومية ومساندة في منسوب اللياقة بالعقل، وعندما أقول الأظهرة الدفاعية، أؤكد على رجال الإختصاص الدفاعي والهجومي معا.. وقتها سنصبح أمام كثرة عددية هجومية مدعمة برجال وسط حذرين في المرتدات، وأعتقد أن الطوسي يعرف عمله أكثر مني، ويدرك أن تغيير نظام اللعب في المباراة شيء مهم للغاية، ويمكن لبديل أو بديلين قلب الخطة، أو قد تقلب أصلا حسب تعدد إختصاصات اللاعبين، وأمامه أيضا لقاء إنتحاري أمام جنوب إفريقيا للفوز عليه بكل الأدوات الممكنة مع أن المغرب لم يفز تاريخيا على جنوب إفريقيا وسيلاقيه في بلده في آخر فصول تأهله الأحد المقبل، هذا إذا فاز أصلا على الرأس الأخضر ليلعب آخر ورقة العبور بالتعادل أو الفوز، وأخيرا ما زلت أؤكد على خلق إنقلاب كروي من أجل التأهل شريطة إيمان الطوسي بقدراته كناخب وطني وليس كمدرب للمغرب الفاسي أو الجيش الملكي.