هل يكون من الشوفينية والسقوط في الأنانية المفرطة، القول بأن فوز فوزي لقجع رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم بعضوية المكتب التنفيذي للكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، إنجاز تاريخي؟ أتصور أن التوقيت والطريقة والمحصلة، التي أفرزت الوصول إلى تنفيذية «الكاف»، كلها أشياء تقول بأن ما أنجزه فوزي لقجع ومعه مؤسسة الجامعة، يعتبر نجاحا تاريخيا، بالإستناد إلى الكثير من القراءات بخاصة تلك التي لها طبيعة إستراتيجية. ويمكن أن نجد في التوصيفات التي قدمتها النخب الكروية الإفريقية على اختلاف الأجندات السياسية والرياضية التي توجد تحت أجنحتها وعلى اختلاف إيديولوجياتها أيضا، ما يبرز القيمة الكبيرة لما أنجزه فوزي لقجع ومن خلاله جامعة كرة القدم، حتى أن هناك من قال أن لقجع سيكون بالفعل قائدا لثورة التغيير داخل الكونفدرالية الإفريقية وسيكون رمزا للفكر الجديد الذي يجب أن يسود تدبير الكرة الإفريقية من قمة الهرم أي من غرفة القرار. تاريخية عودة المغرب لعضوية المكتب التنفيذي للكونفدرالية الإفريقية، تكمن أولا في أن فوزي لقجع نال هذه العضوية على حساب الجزائري محمد راوراوة الذي كان يعتبر من السواعد القوية داخل الكونفدرالية الإفريقية، إذ منذ وصوله للمؤسسة الكروية القارية وهو يتسلق الدرجات إلى أن غدا الرجل الثاني القوي داخل «الكاف» بعد الشيخ عيسى حياتو، وأبدا لم نكن لنستغرب لو أنه فكر في الخروج لمنافسة الشيخ حياتو على منصب الرئيس. وتكمن تاريخية وصول لقجع لعضوية المكتب التنفيذي ثانيا في حجم الإكتساح الذي تحقق، والدال دلالة قاطعة على أن إفريقيا ربما بدأت تحكم العقل في اختيار ربابنة «الكاف» وصناع القرار، لذلك عندما صوتت بهذا العدد القياسي لفوزي لقجع فقد صوتت لرؤية ولمقاربة أطلع عليها القائمون على الشأن الكروي بالعين المجردة، وصوتت أيضا للفلسفة التي باشر بها المغرب إنفتاحه على قارته الإفريقية، فلسفة هي من روح العصر ومن وحي إكراهات المرحلة، أبدعتها عبقرية صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، فلم يكن الأشقاء الأفارقة مدفوعين في حجز مقعد للمغرب في تنفيذية الكونفدرالية الإفريقية بإيعاز من وعود حررت على ورق، ولكنهم كانوا مدفوعين باقتناعهم الكامل أن فوزي لقجع حامل لمشروع، لذلك قال كثير من رؤساء الجامعات والإتحادات الوطنية الإفريقية الذين صوتوا لعضوية للمغرب، أن المؤسسة القارية ربحت بوجود فوزي لقجع قيمة رياضية وتدبيرية هي أحوج ما تكون إليها اليوم لهندسة ثورة التغيير ولمباشرة عمل هيكلي كبير جدا. أما ثالث ميزات تاريخية الإنجاز، فهي أنه حدث تزامنا مع صحوة كبيرة للأفارقة، وقد قرروا إنهاء عهد عيسى حياتو الممتد على زمن قارب الثلاثين سنة وإرساء عهد جديد مع الملغاشي أحمد أحمد، وما ترسخ كقناعة لدى الأفارقة أن مؤسسة «الكاف» يجب أن تشتغل بروح الفريق وأن تكون مجمعا للنخب والكفاءات الكروية الإفريقية، لذلك فإن فوزي لقجع الحامل لمشروع ولرؤية تقاسمهما مع العديد من رؤساء الإتحادات والجامعات الوطنية الإفريقية، يمثل بالفعل واحدة من تباشير هذا الفجر الجديد الذي يطل على الكونفدرالية الإفريقية. ومع ما يجب أن نبديه كمغاربة من اعتزاز بهذا الإنتصار الكبير الذي حققه لقجع بأديس أبابا، التي يشدنا دائما معها الحنين إلى لقبنا الإفريقي الوحيد الذي تحقق قبل أربعين سنة بفضل الجيل الأسطوري الذي قاده المعلم أحمد فرس، مع إعتزازنا وسعادتنا بعودة المغرب لعضوية تنفيذية «الكاف»، فإنه من الضروري أن نتطلع للقواعد الجديدة التي سيرفعها فوزي لقجع ومن خلاله الجامعة ليقوي سقف البيت الكروي الإفريقي ويدفعه لمحاكاة البيوت الكروية للقارات الأخرى. كثيرا ما جرني الحديث مع فوزي لقجع إلى الزاوية التي ننظر منها كمغاربة للكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم وأيضا للموقع الذي تتموقع فيه الجامعة في المشهد الكروي الإفريقي، ووجدت في فكره ما يرفض الإستسلام للأمر المفروض لا الأمر الواقع، ما ينتصر للفعل المبرمج والمدروس الذي يعيد المغرب للموقع الذي يستحقه، وما يوقف مسلسل البكاء على تفريط المغرب في مواقع نافذة داخل الكونفدرالية، لذلك إنبنت الإستراتيجية الجديدة على أبعاد منها مد جسور جديدة تصل بها النخب الكروية الوطنية إلى مراكز القرار داخل الهيئات الكروية الإفريقية أولا، ومنها أيضا تعميق الصلات الكروية بين المغرب وكل دول القارة بما يضمن للكرة المغربية أن تدخل إلى بيت كانت تقف على مسافة بعيدة عنه، ومنها مباشرة سياسة اليد الممدودة مع أغلب الجامعات الوطنية الإفريقية. وإلى جانب هذا كله فإن الفكر الإستشرافي لفوزي لقجع هو ما جعله باستمرار ملتاعا بل وحزينا على أن الدينامية التي تشتغل بها الكونفدرالية لا يمكن أن تصل بها لمحاكاة الإتحادات القارية الأخرى، وسواء بقي حياتو على رأس الكاف لولاية ثامنة أو رحل، فإن المشترك الكبير الذي أسس له لقجع في ميثاقه مع كل رؤساء الإتحادات والجامعات الذين استجابوا لدعوته، هو تغيير نمط تدبير الكرة الإفريقية من خلال مؤسستها الوصية، بما يكفل جودة الحكامة والإنصات لمطالب الأفارقة الشغوفين بكرة القدم وتضييق الهوة بين مختلف دول القارة وتنزيل مخطط تدبيري هو من روح العصر. الذي يعرف سقف طموح فوزي لقجع ويعرف مقدار الشغف بكرة القدم الذي يوجه ويهدب بل ويعقلن هذا الطموح، يدرك جيدا أن عضوية المكتب التنفيذي للكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم ليست سوى قص شريط لسفر طويل لفوزي لقجع سيعبر بلا شك القارة الإفريقية ليصل إلى موانئ أخرى، أنا موقن وواثق.