قال الباحث الألماني راينر هيرمان في رأي خاص لجريدة "فاز" الألمانية متحدثا عن وضع العمال في قطر "يرى البعض النصف الممتلئ من الكأس، بينما يرى البعض الآخر النصف الفارغ منه. ومع ذلك يتفق كثيرون على أن أوضاع العمل ومستوى المعيشة لغالبية العمال الآسيويين الذين يعملون في بناء البنية التحتية واستادات كأس العالم لكرة القدم قطر 2022 لا ترتقي إلى المعايير الغربية. ولكن مما لا شك فيه أن قطر قد بذلت الكثير من الجهد لتحسين هذه الأوضاع خلال السنوات الست الماضية". حصلت قطر على حق استضافة كأس العالم لكرة القدم 2022 في دجنبر 2010، في قرار أثار الجدل. وبسبب القلق حول الصيف الحار في قطر، ستقام المباراة النهائية في البطولة في دجنبر 2022، قبل سبعة أيام فقط من أعياد الميلاد. يتابع هيرمان القول "ومنذ عام 2010 دأبت العديد من منظمات حقوق الإنسان والكثير من وسائل الإعلام الدولية على انتقاد ظروف العمال الأجانب في قطر، وغالبيتهم من الآسيويين ذوي الرواتب المتدنية. وفي منتصف المشوار بين 2010 و2022 لا بد من ملاحظة أن التغييرات التي حدثت في هذا المجال قد وضعت قطر في طليعة دول الخليج الغنية في مجال الإصلاحات العمالية". وكما هو الحال في جميع دول مجلس التعاون الخليجي، إتبعت قطر نظام الكفالة، والذي بموجبه كان العمال الأجانب يحتاجون إلى إذن ليس فقط للعمل في الدولة وإنما أيضاً لمغادرتها. وإضافة إلى ذلك كان الكثير من أولئك العمال، ولا سيما القادمين من الدول الآسيوية الفقيرة، يدفعون الكثير من الأموال لمكاتب توظيف عديمة الضمير تبتزهم للحصول على عمل وحياة جديدة في قطر. وكثيراً ما كانت مكاتب التوظيف هذه تعدهم برواتب عالية وعقود عمل جيدة، وهو ما لم يكن يحصل. وهناك أيضاً أمثلة على حالات عمال تأخرت رواتبهم لمدد طويلة أو حتى لم تدفع لهم رواتبهم على الإطلاق. ومنذ العام 2010 ساعد التركيز الإعلامي على هذه القضية في إحداث تغيير إيجابي. فقطر تمتلك أعلى معدل دخل للفرد وثالث أكبر احتياطي غاز في العالم، وهي مسائل ركز عليها الإعلام، وخصص المعلقون الكثير من الوقت للحديث عن هذه القضايا، مما دفع قطر إلى اتخاذ إجراءات لتغيير الوضع. ويسجّل لقطر، أنها دخلت في حوار مع منتقديها ودعت منظمات حقوق الإنسان والإتحادات العمالية، بما فيها منظمة العمل الدولية، إلى تقديم مقترحاتها ومناقشة بواعث قلقها. وأكد أن الحكومة القطرية حققت إنجازات ملموسة، إلا أن البعض لا يزال يرى أن هذه التعديلات التي أجريت مؤخراً على قانون العمال لا تزال غير كافية. ومع ذلك، علينا أن نحيي قطر على الخطوات التي اتخذتها. ففي شهر دجنبرألغت قطر نظام الكفالة بحيث أصبح كل عامل أجنبي يوقع عقد عمله بشكل مباشر مع صاحب العمل. ويجب أن يكون هذا العقد مكتوباً بلغة العامل وأن يتم توقيعه في بلده الأم. ويحتفظ العمال الأجانب بجواز سفرهم على الدوام، كما ويحق لهم مغادرة الدولة بإذن من أصحاب عملهم. وقد أصبح من السهل أيضاً على الموظف الأجنبي استبدال وظيفة بأخرى. وينص القانون الجديد على أنه يحق لكل من أنهى خمس سنوات من العمل عند صاحب عمل واحد تغيير مكان عمله دون أي قيود مفروضة عليه. وعلاوة على إصدار القوانين الجديدة، وضعت اللجنة العليا للمشاريع والإرث، وهي الهيئة المنظمة لبطولة كأس العالم 2022، معايير واضحة لكل عامل من العمال في مشاريعها، بما في ذلك المقاولين والمقاولين الفرعيين. وتعدّ هذه المعايير ركائز أساسية في قطر والمنطقة. كما وأعلنت اللجنة العليا أن ممثلي الإتحاد الدولي للبناء والأخشاب، وهي مؤسسة تضم 318 نقابة عمال في 130 دولة، سيتفقدون ظروف العمل في مواقع البناء. وبالرغم من هذه الإصلاحات، إلا أن الجدل لا يزال قائماً. فقد وصف تقرير صدر عن منظمة العفو الدولية في مارس 2016 ظروف العمل بأنها "مخيفة". وقالت الحكومة القطرية عندها إن التقرير إستند إلى بعض الحوادث التي حصلت مطلع عام 2015 وتمت تسويتها بالكامل في يونيو من العام نفسه. وعلى الرغم من أن قطر ما تزال في دائرة الجدل، لكنها تستحق الثناء على التغييرات الإيجابية التي أنجزتها خلال السنوات القليلة الماضية.