غانا خرجت مرفوعة الرأس، واستحقت وصولها للنهائي التاريخي توج المنتخب المصري بطلا لإفريقيا للمرة الثالثة على التوالي في لقاء غير مسبوق بأنغولا قاده الصاعد جدو بوضع النجمة السابعة على صدر الفراعنة، وقاده الرجال بحافز النصر والبطولية واللحمة التي لا يملكها أي منتخب إفريقي، باستثناء منتخب غانا الذي عرف كيف يقاوم جبروت مصر بخبرته وسيطرته على الأحداث.. صرامة البداية هو إختبار نهائي بأحلى صورة مصرية قدمها لإفريقيا لثالث مرة على التوالي في سابقة تاريخية مشهود لها مع المنتخب المصري حين اجتاز عقبة النهائي ببصمة الشاب الصاعد محمد نجوي الملقب ب «جدو»، وبعين فنية للإطار المصري حسن شحاتة حين وجه تغييراته الفنية في الوقت المناسب لإدراك الفوز الصغير والتاريخي في مباراة صارمة وتكتيكية للطرفين وبخاصة الجانب الغاني الذي قدم أداء راقيا واندفاعيا في جوانبه البدنية والتكتيكية، في وقت قدم المنتخب المصري ذات العشق الجماعي المبني على الروح الجماعية والإنسجام التام لكل الخطوط.. طبعا كان اختيار حسن شحاتة لوجوهه المألوفة بخط دفاعي مبني من سعيد معوض يسارا، والمحمدي يمينا وهاني سعيد ووائل جمعة في متوسط الدفاع ووسط رباعي مشكل من أحمد حسن وحسني عبد ربه، وأحمد فتحي، وحسام غالي بتناغم استراتيجي في الإرتداد والبناء الهجومي، في وقت اعتمد على ثنائية الخط الهجومي لعماد متعب وزيدان.. وعلى النقيض من ذلك، اعتمد المنتخب الغاني على إستراتيجية1/5/4 بدفاع خطي شكل من ساربي يمينا، وأنان يسارا وفورسان وأدي في متوسط الدفاع مع ارتباط وثيق لخط الوسط من خماسي إنكوم، وبادو أييوو وأساموا، وجيان، مع احتواء دور قلب الهجوم للاعب أبوكو.. ومع هذا التنويع الإستراتيجي قدمت الجولة الأولى صرامة واضحة في اللعب بين الطرفين وسد كل المنافذ التي يعتمدها المنتخب المصري عادة من الأطراف دون أن يجد معوض ولا المحمدي فرصة الإختراق، لتظل السيطرة العامة محتكرة في الوسط وفي غياب الفاعلية الهجومة، ونذرة الفرص التي جاءت في أحايين مختلفة من التسديدات البعيدة من لدن أحمد حسن من مصر، وجيان عن منتخب غانا.. كما تشكلت ذات الجولة حذرا واحتراسا دفاعيا للفريقين من دون أن يكون الإمتياز العام لهذا وذاك لقراءة خاصة للمدربين معا في نهائي مرت جولته الأولى بأداء صارم وتكتيكي ينم عن السرعة الغانية في إلغاء النشاط الهجومي لمصر، والقوة البدنية العالية التي سيطرت على الشوط بأكلمه. وجه مخالف وفي الجولة الثانية، تغيرت صورة النهائي بأداء فني عالي من الجانبين بدرجة حرص كل منتخب على الضغط على الآخر وتكافؤ الفرص التي أغناها الشوط الثاني بتسديدات كثيرة وبالتناوب المطلق والرد وقت الضرورة، إذ دخل المنتخب المصري بنفس الإصرار الهجومي دون التراجع إلى الوراء أو الوقوع في الأخطاء المطروحة، وقدم أحمد حسن وصلة تسديد مركز مر بخطورة على مرمى كيينغسون جانبا في الدقيقة 50، ورد عليه المهاجم جيان بدقيقتين من خطإ مباشر مر بسلام على مرمى الحضري، ثم أعاد الغانيون ذات اللحظة بهجمة منظمة (د55) ختمها المهاجم أييوو بتسديد مركز مر أيضا بخطورة بالغة على مرمى الحضري في الدقيقة.. 58 ثم جدد جيان لمسة التسديد في الدقيقة 62 من خطأ سريع أنهاه بقذيفة جانبية، قبل أن يهدر عماد متعب أحلى فرصة في الدقيقة 67 وبانفراد أمام الحارس بعد تدخل الدفاع بصرامة.. كما جدد الغانيون شهادات المد الهجومي بمهاجمه جيان غير المحظوظ في القذائف الإضافية (د73 و78) حين مرت كراته بخطورة جانبا. جدو.. أحلى ختم وأمام هذه الإهدارات الغانية المتسرعة، كان لدخول الولد جدو في الدقيقة 70 وزنا فاعلا في الخط الأمامي المصري، وقدم بطراوته البدنية أحلى شهد وختم للعيد النهائي بهدف غاية في الجمالية والبناء الهجومي حين تواصل مع زيدان بكرة واحد واثنين وأشعل الفتيل بهدف خالص في الدقيقة 85 ليمنح لمصر لقبا تاريخيا، ولقب هداف البطولة (5 أهداف)، في الوقت الذي أضاع فيه البديل أدي هدف التعادل في الأنفاس الأخيرة من المباراة في توقيت قاتل.. ولكنه كان حظا كبيرا لمصر لتنال لقبها من دون أن تدخل في حسابات الأشواط الإضافية. مبروك لمصر بكل حب، وبكل صدق استحقت مصر لقبها الإفريقي أداء ورجولية وملحمية في كل المباريات التي لعبتها من دون خطإ ولا خسارة تذكر، ويحق لها أن تكون سيدة إفريقيا بالكرة والروح وجدارة اللقب.