سيكون هذا الموسم من دون شك استثنائيا بالنسبة للوداد البيضاوي، بحكم مشاركته المميزة في منافسة عصبة الأبطال الإفريقية، حيث يتصدر مجموعته بعشر نقط، كما ضمن صعوده لنصف النهائي قبل الجولة الأخيرة من دور المجموعتين، وينضاف إنجاز هذا الجيل من اللاعبين لباقي الإنجازات السابقة التي حققها الفريق الأحمر على المستوى القاري، حيث سبق له التتويج بهذا اللقب سنة 1992 تحت قيادة العميد فخر الدين، فكيف جاء هذا التألق إفريقيا؟ وهل يملك الفريق الأحمر شخصية الفريق البطل؟ عودة بعد غياب طويل لم يكن أغلب المتفائلين يراهنون على بلوغ الوداد لهذه المرحلة من منافسة عصبة الأبطال الإفريقية، فمنذ الإعلان عن نتائج القرعة الخاصة بهذه المسابقة التي انطلقت أطوارها شهر فبراير الماضي تأكد بالملموس بأن مهمة الفريق الأحمر لن تكون سهلة بحكم غيابه عن هذه المسابقة منذ سنة 2011، وعدم توفر الطاقم التقني بقيادة طوشاك على تجربة إفريقية، هذا بالإضافة لطبيعة الخصوم، فحتى إن نجح الفريق في تجاوز الأدوار الأولى فإنه سيصادف في طريقه حامل اللقب مازيمبي الكونغولي قبل دخول دور المجموعتين، وهنا كانت تكمن صعوبة المهمة خاصة مع الإنشغال كذلك بالمنافسة على الواجهة المحلية. دخول محتشم وتأهل صعب دشن الوداد دخوله للمسابقة الإفريقية بفوز محتشم على نادي الجمارك من النيجر بهدفين نظيفين في المباراة التي احتضنها مركب محمد الخامس، وأفلت الفريق الأحمر من مقصلة الإقصاء حين كان منهزما بنفس الحصة في مباراة الإياب بالنيجر قبل أن ينجح هجهوج في تسجيل ضربة جزاء في آخر أنفاس المباراة، ليمنح التأهل للمجموعة الودادية، وشكلت هذه المباراة أول اختبار للمدرب طوشاك الذي فهم طبيعة المنافسة في الأدغال الإفريقية ومتطلباتها، حيث ضرورة تأمين التأهل داخل القواعد بفوز عريض، مع تفادي قبول أي هدف، ثم البحث عن هدف قاتل خارج القواعد. بداية التأقلم مع الأجواء الإفريقية بعد أن مرت الجولة الأولى بسلام كان على فريق الوداد استقبال نادي كنابس الملغاشي المغمور، وهذه المرة كان الفوز عريضا بمركب محمد الخامس بحصة (51)، النتيجة كانت تبدو مطمئنة ومريحة، لكن رحلة الإياب كانت شاقة وطويلة لأقصى جنوب القارة، وتطلبت إجراءات استثنائية لتفادي المفاجآت أمام خصم يضم بين صفوفه عناصر تتوفر على مؤهلات فردية عالية وتجيد اللعب داخل قواعدها في ملعب مكسو بعشب إصطناعي، لكن مرة أخرى الكوموندو الودادي كان في الموعد بالرغم من الهزيمة (21)، حيث نجح في تحقيق الأهم وهو تسجيل هدف خارج القواعد. إسقاط أسطورة مازيمبي بالرغم من هذه البداية الموفقة فإن بعض الأنصار شككوا في قدرة الفريق الأحمر على الذهاب بعيدا في هذه المنافسة القارية التي بات لها أصحاب الإختصاص من كبار القارة على غرار مازيمبي الكونغولي، الأهلي المصري والترجي ووفاق سطيف، لذلك طالبوا بالتضحية بهذه المسابقة والتفرغ للمنافسة على واجهة البطولة المحلية، خاصة أن الخصم هذه المرة هو حامل اللقب القاري بترسانته من اللاعبين المحترفين، وما زاد من صعوبة المهمة إقفال أبواب مركب محمد الخامس واللجوء للملعب الكبير لمراكش، حيث كان الموعد مع هذه القمة التي أبلى فيها الفرسان البلاء الحسن حين تفوقوا بالأداء والنتيجة، وأسقطوا مازيمبي بهدفين نظيفين. وكالعادة فقد توعد أشبال الرئيس مويس شابوي بالرد بقوة في معقلهم بلوبومباشي، لكن الكوموندو الودادي لم يبال بكل هذه التهديدات وعاد بتعادل ثمين من الكونغو بهدف لمثله، ونجح أصدقاء العميد النقاش في التسجيل خارج الديار، وبالتالي إرباك كل حسابات الخصم، وليتوفق وداد الأمة في إسقاط أسطورة مازيمبي وإرسال رسائل قوية لباقي الأندية المشاركة في هذه المسابقة. الوداد يتصدر مجموعته تواجد الفريق الأحمر في مجموعة قوية تضم إلى جانبه فريقين سبق لهما التتويج باللقب وخاصة الأهلي المصري الحاصل على أكبر عدد من الألقاب القارية، وجاء تصنيف الوداد في القبعة الثانية بعد أن كان مصنفا في القبعة الثالثة قبل إقصاء فريق فيتا كلوب الكونغولي من السباق، وكانت الإنطلاقة موفقة بتحقيق أول فوز خارج القواعد على حساب أسيك ميموزا بهدف نظيف أكد تأقلم العناصر الودادية بالمنافسة القارية، وعزمهم الذهاب لأبعد نقطة خاصة بعد ضياع لقب البطولة، كما أضافوا فريق زيسكو لضحاياهم وتربعوا على صدارة المجموعة بجدارة واستحقاق. مرحلة شك بعدها كان الموعد مع القمة العربية الإفريقية مع الأهلي المصري الجريح، والمتذيل للترتيب بصفر نقطة من هزيمتين، وكان الوداد أقرب للعودة بنقط الفوز من ملعب برج العرب بالإسكندرية لولا الإحترام المبالغ فيه للفراعنة وضياع فرص واضحة للتسجيل، لكن نقطة التعادل اعتبرت إيجابية في انتظار تزكيتها بفوز في الإياب، وبشكل مفاجئ تعرض الأحمر الودادي لأول هزيمة داخل القواعد من كرة ثابتة وهدف مباغث دافع عنه الفراعنة بكل استماتة وقتالية ورجولية، وهنا عاد الشك ليدب في النفوس بعد أن ضاعت فرصة حسم التأهل مبكرا. عبور مستحق وكان على الفريق الأحمر استقبال أسيك ميموزا في الجولة الخامسة وقبل الأخيرة، ولم يكن من خيار سوى الفوز في مركب مولاي عبد الله الذي كان مسرحا لكل مباريات الفريق في دور المجموعتين، وفي مباراة مقدمة عن هذه الجولة عاد زيسكو يونايتد بتعادل ثمين من مصر فرمل به مسيرة الأهلي، كما فرض على الوداد الفوز في مباراته أمام الأفيال لإستعادة الصدارة وضمان العبور بدون انتظار الحسابات المعقدة في الجولة الأخيرة، وبالرغم من صعوبة المهمة أمام فريق عنيد راهن بكل قواه على الثأر من هزيمته في الذهاب، إلا أن الكلمة الفاصلة كانت لفرسان الوداد بهدف قاتل من الكونغولي فابريس في آخر الأنفاس دق من خلاله آخر مسمار في نعش الفريق الإيفواري، وأمن به المرور لنصف النهائي بكل استحقاق. الوداد أمام فرصة تاريخية هناك من يعتبر عصبة الأبطال لهذه السنة من أسهل المنافسات في السنوات الأخيرة، وذلك لغياب القوى التقليدية التي احتكرت الألقاب مؤخرا، ومؤيدو هذا الطرح يؤكدون بأن أمام الوداد فرصة تاريخية للفوز باللقب لا يجب تضييعها، باعتبار أنه من الصعب أن تتكرر، وبالفعل فالعديد من المتتبعين للكرة الإفريقية يرشحون الوداد للصعود لمنصة التتويج بعد أن أزاح مازيمبي حامل اللقب من الطريق إلى جانب تصدره لمجموعته بعد مرور خمس جولات. ومن خلال مسيرة الفريق الأحمر تأكد بالملموس تفوقه على الأندية الإفريقية جنوب الصحراء، في حين وجد صعوبة مع ممثل شمال إفريقيا الأهلي المصري الذي يعتبر الوحيد الذي هزم الوداد داخل الميدان، وفي العديد من المباريات عرف الفريق الأحمر كيف يحقق النتيجة الإيجابية، حيث تعامل مع أغلب المباريات بذكاء وبانضباط تكتيكي عالي، وهذا ما شكل قوة الفريق الأحمر وميزه عن باقي الأندية خاصة تلك التي تواجدت في مجموعته، وتكمن قوة الفريق بالخصوص في خط دفاعه الذي لم يستقبل الكثير من الأهداف، لكن طريق التتويج يفرض كذلك تطوير مؤهلاته الهجومية وتحقيق التوازن بين الخطوط حتى يكون في مستوى المنافسة على اللقب القاري.