مهمة غير مستحيلة توالت الأحداث والفصول وجاء اليوم الذي وجد فيه المنتخب المغربي نفسه مجبرا لمواجهة أحد المنتخبات الإفريقية المغمورة وهو يتوجس منها ويحسب له ألف حساب قبل مباراة الإياب، جاء اليوم الذي وجد المنتخب المغربي نفسه مطالبا بالفوز على منتخب الموزمبيق بثلاثية نظيفة إن أراد المشاركة في كأس أمم إفريقيا، لذلك لا أعتقد أن أحدا كان ينتظر من منتخبنا الذي نلقبه ب «الأسود» وما أدراك ما الأسود أن يندحر أولا بتلك الطريقة في الذهاب وأن يخوض مباراة الإياب أمام خصم كنا نعده منتخبا من درجة دنيوية وأن يتعبأ ويتجند من أجل كسب بطاقة التأهل. هي إذن الخارطة الإفريقية الكروية التي تغيرت ولم تعد تعترف بمنتخب صغير وآخر كبير، ولنا في مثال الحوار المغربي والموزمبيقي خير دليل على هذا التغيير والتطور الذي عرفته إفريقيا السمراء، وهي إشارة إلى أن من لم يجتهد أكيد أنه لن يجني إلا الإخفاقات، ومن تأخر على الركب فإنه حتما سيعيش في الظل.. وهذا طبعا ما لا نرضاه لمنتخبنا المغربي، حيث ينتظر الشارع الكروي بشغف كبير المباراة الحاسمة التي تجمع أسود الأطلس السبت القادم بمنتخب موزمبيق بمراكش عن إياب الدور الحاسم والأخير للتأهل إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا 2013 بجنوب إفريقيا، هي مباراة أكيد أنها تأتي في سياق خاص وهام، بل تعتبر منعرجا حاسما للكرة المغربية التي تبحث بلهفة عن موطئ قدم في تضاريس التألق والتوهج بعد سلسلة من الإخفاقات والكبوات.. الخسارة في الذهاب 20 تزيد من مباراة الإياب تشويقا وإثارة، بل ترفع من مؤشر القلق والتوجس، وأصبح لزاما على المنتخب المغربي أن يفوز على الأقل 30 إن أراد الحضور بالمونديال الإفريقي، وبالقدر الذي يجعل المهام صعبة بالقدر الذي سيعطي إثارة أخرى لهذه المباراة التي لن تكون سهلة على الإطلاق، ليس فقط على منتخب الموزمبيق الذي سيحضر المغرب وهو يحمل في جعبته هدفين، ولكن أيضا على المنتخب المغربي المطالب بتحضير الوصفة المناسبة لتجاوز عقبة الهدفين وكسر شوكة أفاعي الموزمبيق المدعمة بأسلحة الحماس والإرادة والتحدي. لا يمكن أن نتحدث ونحلل هذه المباراة دون أن نغفل الحديث عن التحدي الذي ينتظر المدرب المغربي رشيد الطوسي الذي خلف البلجيكي المقال وغير المأسوف عليه إيريك غيرتس، حيث شاءت الأقدار أن يكون أول اختبار له في مواجهة حاسمة وصعبة تعني الشيء الكثير للشارع الكروي المغربي، باعتبارها الخطوة الأخيرة التي تفصل أسود الأطلس عن شط النهائيات الإفريقية بجنوب إفريقيا.. مجموعة من العوامل تتداخل في هذه المباراة لتحقيق الهدف المنشود والتأهل إلى النهائيات، والحاجة للفوز بثلاثية نظيفة كأقل نتيجة على الأسود أن يحققوها، يحتاج المنتخب المغربي أيضا ليكون ناجحا على مستوى التسجيل وعدم تضييع الفرص التي تتاح للاعبيه وأن يكون أيضا حذرا على مستوى مرماه المطالب بالحفاظ على نظافتها، فإذ تلقت مرمى الأسود هدفا كلما تعقدت المهام، لذلك لا يشك الجمهور المغربي في تجربة المدرب رشيد الطوسي كونه لن يغفل أي جانب من أجل تحقيق الأهم في هذه المباراة، سواء على المستوى التقني باختيار التكتيك الناجع للفوز، أو على المستوى النفسي بإعداد اللاعبين لمجابهة ضغط النتيجة وضغط الجمهور المنتظر أن يحضر بشكل قياسي لملعب مراكش الجديد، وكذا على مستوى الحماس الذي كان واحدا من العوامل التي أسقطت المنتخب المغربي في العديد من المحطات. صحيح إنها تركة المدرب إيريك غيرتس الذي وضع المنتخب المغربي في مأزق وهو الذي قاده لهزيمة الذهاب، بل وضع أيضا المدرب رشيد الطوسي في اختبار صعب يهد الأكثاف، ووضع أيضا الجمهور المغربي في حيرة من أمره وقلق قبل المباراة الحاسمة التي تنتظر الأسود، لكن مهما قيل حول هذه المباراة الحاسمة فإن أمام الأسود تسعين دقيقة من المنافسة في مهمة تبدو صعبة لكنها ليست مستحيلة، وبالله التوفيق.