في التغيير رحمة ولدغة الكوبرا الملكية بالعودة إلى مباراة الموزمبيق التي خسرها المنتخب المغربي بالسذاجة والهدية والإهدار القاتل لمنير الحمداوي لهدف التعادل في الدقيقة 88، وغيرها من الفرص الموزمبيقية الضائعة، سنقف على معطى أساسي وواضح لم يشر إليه أي محلل على الإطلاق كون العشب الإصطناعي لعب دورا أساسيا في إضعاف أداء المنتخب المغربي بالتمرير الخاطئ والتسرع في ختم الفرص، وهروب الكرة أكثر من اللازم عندما تسدد أو تمرر على نحو جيد، لكن دحرجتها تبدو سريعة على غير انسيابها في الرقعة التقليدية، وربما لم يدرك غيرتس وقتها قيمة الملعب الإصطناعي الذي جره إليه المنتخب الموزمبيقي على غير الملاعب الجيدة التي يزخر بها هناك.. كما لم يدرك غيرتس أن أغلب المحترفين بالأندية الأوروبية لا يلعبون إطلاقا في الملاعب الإصطناعية إلا في حصص المران القليلة والقليلة جدا، وأغلب مبارياتهم الرسمية تلعب بأرقى الملاعب، وربما وجد الفريق الوطني يومها اختلافا في الرقعة واختلافا حتى في الأداء ونمط اللعب والنهج قياسا مع الخبرة الموزمبيقية المعتادة على ملعبها الإصطناعي وبشكل محفوظ إيقاعا وتقاربا وتواصلا. وإذا فاز الموزمبيق بلقاء الذهاب أيضا تحت وطأة مشاكل المنتخب المغربي الداخلية، فقد حرص على تطويع قدرته واللعب على الأخطاء الدفاعية التي راقبها وعاينها في كثير من الأشرطة وجسدها عبر أجنحته الخاصة ووسطه الفعال لينهك صورة وأداء كل مواقع الأسود عبر الأظهرة الدفاعية ومتوسط الدفاع والوسط القشاش الذي غاب وقتها لاختبارات غيرتس بوضع كل من خرجة وبلهندة بأداء فاتر وغير فعال مثلما يحسنه عادل هرماش كمختص. وإذا فاز الموزمبيق بالإقناع رغم أنه منتخب متواضع، فالمنتخب المغربي هو الذي عرى نفسه ليكون صاغرا أمام منتخب أصغر منه، وبدا قويا في كل الجبهات ولفترات أيقن من خلالها أنه سيسجل من الأخطاء الجزئية، وتوصل إلى ذلك من حيث أضاع الأسود تعادلا ذهبيا وحصل بعده شرخ نفسي ليدعم الخسارة بهدية الحارس الكيناني لسوء تقدير إلتقاط الكرة، وعدم قراءة اللقطة فوق الرؤوس المغربية. واليوم، تتغير نمطية هذه الخسارة بتغيير بيت المنتخب الوطني تقنيا، إذ رحل غيرتس باختياراته وعشوائيته الخططية المنفردة وسوء قراءته للخصوم، وسوء التوقيت الخاص بالتعديلا.. وفي التغيير رحمة كما يقال، إذ كان لا بد كما يتوقعه مجال كرة القدم من تغيير ربان الفريق لسوء النتائج مثلما هو حال كل منتخبات وأندية العالم، ولا بد من رجل قرار آخر يرى في نفسه القدرة على تغيير كل أشكال العبث الخاصة بالنهج والتوظيف والتبديل وحتى الوجوه الملائمة من عدمها، وكان الطوسي هو رجل المرحلة والرجل المختار لمهمة تغيير منكر المنتخب بداية من لقاء الموزمبيق كمحطة حارقة يراد منها استعادة السرقة الموزمبيقية والموصوفة لهدفين سجلا من شرود ذهني للدفاع المغربي، والدفع لما فوق ذلك إلى الإكتساح الناضج للفوز.. والطوسي يعرف هذا جيدا ليس في تحصيل الفوز والتأهل، بل في كيفية الوصول إلى ذلك عبر قراءة الخصم جيدا وجيدا حتى ولو كان متواضعا، والموزمبيق حينما فازت علينا تعتبر قوية وليست متواضعة لكون المنتخب المغربي هو الذي إستسلم للذغات الأفاعي سامة، واللذغة لا بد أن ترد بأفاعي مغربية صرفة وبقراءة جيدة لصيد الخصم مثلما تخطط له «الكوبرا الملكية» في امتصاص عدوانية الخصم أينما كانت مواجهته بالواضح وليس بالغذر.. هو هذا ما نريده من أسود الأطلس كتسمية أريدها اليوم أن تكون بتسمية سم «الكوبرا الملكية» نهجا وطريقة لصيد الخصم وقتله بالهزيمة.. والطوسي يملك هذا الحس الإندفاعي لشخصيته داخل الرقعة ومع المجموعة في حصص المران، كما يملك نهجا متسلسلا في المباراة، وله كوتشينه وقراءاته الخاصة بين الشوطين، والأولى أن يكون قراءة إستراتيجية لرجال الموزمبيق، ومن أين تأتي قوته الهجومية، هل في صعود أظهرته أم في وسطه الكبير والكبير أو في أجنحته.. ومن يقرأ الخصم جيدا سيدرك أنه فاز بنصف المهمة قبل أن يكون النصف الآخر مطروح في التنافسية والقوة والجاهزية والتحضير النفساني، وأعتقد أن الفريق الوطني يملك هذا الإشعار الجاهزي لكل رجاله شريطة أن يكون الدافع النفساني هو الجسر الذي سنعبر به للمرمى مثنى وثلاث ورباع، فيما لو إستشعر اللاعبون أنهم سعداء ببلوغ المرمى تحت ردات انفعال خاصة، وهذه هي الروح التي نريدها من الطوسي ورجال «الكوبرا الملكية» المغربية.