الإمتحان الذي يصل بنا للكان الطوسي يرسم خارطة الطريق لاصطياد أفاعي الموزمبيق مراكش تستقبل بالورود الأسود في اليوم الموعود في جديد لم يكتشفه الفريق الوطني سابقا والمرتبط بتقرير مصير الأسود في اللحاق بالعرس القاري عبر شريط مباراة واحدة فاصلة أمام منتخب الموزمبيقي من عيار يقل بكثير عن جودة الكرة المغربية، لكنه وضع نفسه في الرواق الجيد في لقاء مابوتو الذي أسقط من خلاله الفريق الوطني برصاصتين غادرتين. بعد فد السبت سيكون الأسود في حلتهم الجديدة على موعد مع استعادة الكبرياء واستعادة الصولجان الذي ضاع منهم بفعل سوء تدبير الناخب السابق. الطوسي في أول ظهر له مروضا للأسود سيكون مدعوا لرسم خارطة طريق بمقاسات و تضاريس خاصة جدا كي يعبر حاجز الأفاعي ويؤكد ظهوره في جوهانسبورغ بداية السنة القادمة حيث كبار فرسان القارة سيكون حاضرين. أي وصفة إذن للناخب الجديد في إحباط مخططات الألماني إنجلز؟ وكيف سيكون الظهور وفق المستجدات الجديدة؟ مستنقع مابوتو لم يكن أحد يراهن على السقوط المريع لفريق وطني مدجج بالنجوم الذين يلعبون في كبريات البطولات الأوروبية أمام منافس متوسط وبلاعبين أغلبهم يمارس في دوريات أفريقية بالكاد تغازل الإحتراف. سقوط وبهدفين كان مكلفا وطار برأس البلجيكي غيرتس وساهم في إحداث الرجة الكبيرة التي خلخلت الكثير من الحسابات والموازين التي قد تشكل عامل حسم في موقعة الإياب باعتبار أن المنتخب الموزمبيقي ومدربه سيتعرفون على فريق بهوية جديدة غير تلك التي ربحها داخل ماشافا. شكل إذن هذا السقوط بداية لفتح صفحة جديدة في مسار أسود لم تعد تأزر كما ينبغي وبداية لاكتشاف مرحلة أخرى في تاريخ الكرة المغربية بمواصفات لبت إلى حد ما مطلب الشارع الرياضي بمنح إبن الحي أو مطربه الفرصة كما نالها الأجانب قبله.حيث شكل الطوسي وجه المرحلة الذي سيركب سفينة المجهول في أول إبحار رسمي له.. تركة العار هدفان كفارق و الحاجة لثلاثية نظيفة فأكثر للتواجد في المعترك الجنوب الإفريقي حيث الكأس القارية القادمة، هذا هو العنوان الذي خلفه وراء ظهره إيريك غيرتس راحلا بعالميته المثيرة لكثير من الجدل والتعليقات. ليست الهزيمة هي التركة الوحيدة التي خلفها غيرتس وراءه، بقدر ما شكل التشرذم وتوسيع الهوة بين لاعبي الفريق الوطني أكبر إشكال بما يقتضيه من حكمة ورباطة جأش كي يتم استئصالهما، في ظرف دقيق وحساس.. وجد الطوسي إذن نفسه مسيجا برهان وضع الفريق الوطني بين الكبار قاريا، ومضغوطا بهاجس إعادة الثقة واللحمة بين الفريق الوطني وجمهور الأسود بعد أن ساهمت النتائج الأخيرة في تشنيجها بعض الشيء. تركة وضعت بين يد الربان الجديد في مساحة زمنية لا تتعدى أسبوعين كي يردمها ويبحث عن وصفات ملائمة لإزالة الورم وإصلاح ما يمكن إصلاحه. كومندو المرحلة لم يتأخر الطوسي كثيرا كي يرسل إشاراته وكي يمرر بعضا من رسائله وهو يختار التشكيل الأول والذي إختاره موسعا بعض الشيء بالمراهنة على 26 لاعبا بالتمام والكمال لإنجاز المهمة التي ليست بالمستحيلة على كل حال. إختيار الكومدنو كان الوجه الخفي للعملة الذي بين من خلالها الناخب الجديد بعضا من طريقة اشتغاله والمعتمدة أساسا على مبدإ المناصفة وإعادة الإعتبار لمنتوج البطولة التي انطلق منها هو نفسه ربانا للأسود، مع التركيز على اللفيف الجيد من لاعبي المهجر والأكثر استعداد للتناغم مع التوجهات الجديدة في مباراة خاصة جدا. كومندو يتأسس على توابث ظلت حريصة على تأكيد حضورها رفقة الفريق الوطني في الفترات السابقة مع استثناءات قليلة جدا همت بعض العاطلين عن العمل (الشماخ) أو الخارجين عن الصف (تاعرابت) أو غير المتلائمين مع الخطة (بوصوفة).. وإجمالا يمكن القول على أن المنطق تحكم في الإختيارات كما تحكم في وضع الوجوه الأكثر استحقاقا في أكبر اختبار ستواجهه متم السنة الحالية وهو تأكيد حضور الكرة الوطنية في الكان القادم برغم كل الهزات العابرة. وصفة الطبيب قطعا لن يحتاج الطوسي لمنهجية تكتيكية خارقة أو الجزم بأنه سيعتمد على وصفة خططية استثنائية بعض الشيء لقهر الأفاعي وإجبارهم على ملازمة جحرهم كي لا يغادرونه لإزعاج الأسود. ما سيعتمد عليه الطوسي وهو الذي يدرك تمام الإدارك على أنه بصدد التعامل مع لاعبين محترفين في الشكل والموضوع، هو إيصال الخطاب في الأسبوع الذي عسكروا فيه في مراكش.. خطاب يختلف عن اللغة التي كان يتحدث بها سلفه، وخطاب يتأسس في الكثير من خطوطه على تحسيس اللاعبين بقيمة الرهان وبقيمة المرحلة، وعلى أنه سيكون مجلبة للعار لو لم يفلح الفريق الوطني بكل التراكمات التي يجرها خلفه في عبور حاجز الموزمبيق حتى ولو كانت تفوقت علينا ذهابا بهدفين، لذلك هي الوصفة النفسية التي قد تشكل أساس الإشتغال أكثر من كل الوصفات الأخرى.. تذويب الفارق سيكون من العبث، بل من الغباء لو فكرنا ومن الآن في إثقال شباك المنتخب الموزمبيقي والذي لو أعدنا قراءة شريط الذهاب، لأمكننا الوقوف على محدوديته.. قلت سيكون من العبث التفكير في تسجيل حصة هلامية لتأكيد العبور، لأن الأهم هنا هو تدارك الفارق وإخضاع المباراة لإعادة عدادها لنقطة الصفر أي بتسجيل هدفي التخلف، وبعدها التفكير في زيادة الغلة دون المجازفة والإنفتاح الهجومي الذي قد يكون سببا في تسجيل الأفاعي لهدف من شانه تعقيد الأوضاع. البحث إذن عن تدارك مافات في مابوتو وبعدها مناقشة الفاصل المتبقي بكثير من الحذر.. هذه المنهجية ولا شك غير غائبة عن مفكرة الناخب الوطني الذي سبق له أن تعامل معطيات شبيهة رفقة المغرب الفاسي في الكأس القارية التي توج بها. خلاصة الذهاب إذن تضع الطوسي والفريق الوطني في سياق الإندفاع والمجازفة الهجومية التي لن تكون مطبوعة أكيد بالتهور، بقدر ما ستشكل منطلقا لتأسيس الشاكلة التي بإمكانها إنجاز المهمة.. أسود وأفاعي ما يهم تحديدا هو الفريق الوطني و الطريقة التي سيدخل بها الطوسي مباراة تختلف عن كثير من اللقاءات التي جربها سابقا،إذ يبدو أن الأقرب للمنطق حتى والطوسي يوجه الدعوة لكثير من اللاعبين لأول مرة محاولة منه لترك بصمة على اختياراته، هو الذي سيفرض نفسه في نهاية المطاف. حراسة المرمى هي وجع في الرأس باستحضار أخطاء لمياغري والكيناني على السواء، ومع ذلك تبدو فرص حارس الوداد قائمة كي يظهر أساسيا، على أن تواجد الواعد نوصير في الرواق الأيمن قد يكون من بين مفاجآت الليلة، وبين بركديش والكروشي سيكون الحسم صعبا في ظل تواضع لاعب لانس الفرنسي لتبقى ثنائية بنعطية والقنطاري الأكثر استجابة للوقائع. وسط الميدان لن يخرج عن ثنائية هرماش وخرجة كسقائين وأمامهما بلهندة للبناء كرجل ربط في ظل تغييب بوصوفة، ومثلت هجومي مؤسس على لاعبي الأطراف أمرابط والسعيدي بمعية إما ياجور أو العرابي كرأس حربة. هذه إذن مقومات التركيبة النموذجية التي بإمكانها الوفاء بالمطلوب وإنجاز المهمة بتأكيد العبور في ليلة لن نعدم فيها الحضور السخي لجماهير الأسود بمراكش، دون إسقاط الأفاعي من الحسابات بكل السم الذي تحمله في أقدامها..