وأخيرا إنتهى السجال العربي/ الإفريقي وأسدل الستار على مسلسل طويل من الإثارة والتشويق بدأت فصوله قبل أسابيع من القاهرة وانتهت بملعب أم درمان بالخرطوم·· بطاقة العرب هذه ظلت حائرة بين مصر والجزائر، وانتظرنا من سيحظى بشرف تمثيلنا نحن العرب في مونديال 2010 بعدما تساقطت البلدان العربية تباعا كأوراق التوت، منها من استسلم في الأدوار التمهيدية ومنها من كان على بعد خطوة من شط مونديال جنوب إفريقيا، مع أننا كنا نمني النفس في أن ترتفع تمثيليتنا في المونديال إلى أكثر من بطاقة المنتخب الجزائري الوحيدة، حيث كانت كل التقارير تشير إلى أن منتخبي تونس والبحرين سيخطفان لا محالة تأشيرتي المرور إلى بلاد البافانا بافانا، لكن مع الأسف وبكل سذاجة ذهبت الأحلام أدراح الرياح وانسلت البطاقتين من التوانسة والبحرينيين مثلما ينسل الرمل من بين أصابع اليد· هكذا حكمنا على أنفسنا نحن العرب على أن نكتفي ببطاقة مونديالية يتيمة بعد أن كان عدد الحضور في الدورات السابقة ينحصر على الأقل في بطاقتين، والأكيد أن الأمر كان سيكون رائعا لو تأهلت تونس والبحرين، حيث كانتا أقرب إلى التأهل قبل أن يضيعاه بسذاجة·· ثلاثة منتخبات عربية كانت ستمثل العرب في المونديال، وكنا حقا سنفتخر بهذا الرقم، كما كنا سنندب حظنا لولا المواجهة الصريحة بين مصر والجزائر والتي منحتنا مقعدا عربيا· وعلى ذكر الصدام الجزائري والمصري أجد نفسي متحسرا على الأحداث التي أفرزتها هذه المواجهة، فبقدر سعادتنا بضمان البطاقة العربية الوحيدة، بقدر ما كان أيضا ضمانها صعبا بكل المقاييس وكأنها احتارت بين أرض الكنانة أو أراضي الجزائر الخضراء·· صحيح أننا كعرب تأسفنا للحدة التي رافقت المواجهة أكان بالقاهرة أو بالخرطوم السودانية، وصحيح أنها كانت مواجهة تاريخية لأنها بكل بساطة كانت ستحسم في المنتخب الذي سيقبض على بطاقة التأهل، على أننا ندرك مدى شغف البلدين المصري والجزائري لحضور هذا الحدث الكوني وحاجتهما للمشاركة فيه بعد غياب طويل، مواجهة زادتها إثارة لأن البطاقة حسمت بمباراة ثانية فاصلة بعد التعادل، لكن ماذا سيذكر التاريخ من هذا الحوار المصري الجزائري؟ أكيد أن التاريخ لن يذكر طويلا تأهل منتخب الجزائر إلى المونديال ولا مواجهة السد التي جرت بالخرطوم السودانية لأن التأهل في حد ذاته لن يكون غريبا ولا مفاجئا ما دمنا نعرف أصلا أن واحدا من المنتخبين سيمر إلى النهائيات·· سنتذكر مع الأسف الأحداث المؤسفة والصدامات بين الجماهير·· سنتذكر تبادل الإتهامات بين البلدين، وسنتدكر الحرب الكلامية التي مست عدة جوانب تهم البلدين وهمت أطرا عليا·· كل قدم حججه وأعذاره وتبادل الإتهام، ولا أدري لماذا انساقت المواجهة إلى هذه الحدة والأجواء المكهربة، ولا أحد منا راقته الخطابات المتبادلة، وما كنت أنتظر أن كرة القدم ستشكل نقطة للخصام والتفرقة والإصطدامات بيننا نحن العرب بعد أن فرقتنا جملة من الأمور، وبعد أن اختلفنا في عدة قضايا حتى كرة القدم اللعبة الشعبية، الجميلة تبرأت منا بعد أن خدشنا كبرياءها ونقضنا العهد الذي جبلت من أجله وهو الإتحاد والإلتئام، ما بين الشعوب، لا أعرف ما الذي فرق مباريات السد الأخرى لجماهير المنتخبات المتبارية كمواجهة فرنسا مع جمهورية إيرلندا أو البرتغال والبوسنة أو اليونان ضد أوكرانيا، لقد أكدنا نحن العرب أننا أمة سنظل نختلف ونختلف فيما بيننا حتى لو تعلق الأمر بكرة القدم، لذلك نخشى أن يتحول الصراع المصري والجزائري إلى صراع أبدي·· أقول في الأخير للمنتخب المصري أن هذا الجيل يستحق حضور المونديال، ونرفع له القبعة على كل ما أنجزه من ألقاب ونتائج دخلت تاريخ مصر الكروي، ونشكره على مجهوداته·· أما المنتخب الجزائري فيستحق بدوره الإشادة ونبارك تأهله الذي جاء عن جدارة واستحقاق وعلينا أن لا ننسى أنه ممثل الكرة العربية الوحيد في المونديال·