مسك الختام هي مباراة كبيرة جرت على قدر كبير من الأهمية، مباراة ستدخل أرشيف الكرة المغربية وستكتب إسمها بمداد من ذهب في سجلات كرتنا، فما أحلاها خاتمة كروية لموسم كان مليء بالأفراح والأتراح، وبما هو جميل وبما هو قبيح، وما أجمل أن يسدل ستار البطولة بهذه المباراة الفاصلة، مباراة لا تعتبر فقط جولة من جولات البطولة ولكنها مباراة نهائية وحاسمة بكل ما تحمله الكلمتان من معاني، ويكفي أنها المباراة المؤدية لتحديد بطل أول بطولة إحترافية. سأعود مجددا لأنوه أولا بالطريقة التي انتهت بها البطولة وثانيا بما جادت به هذه المباراة من مظاهر توحي أنها قمة كروية تاريخية، جماهيريا وتقنيا، حيث كان الجمهور الحاضر واحدا من العوامل الأساسية التي أنجحت هذا العرس الرياضي لدرجة أن مدرجات المجمع الأميري سعدت كثيرا بدفء الجمهور الحاضر وهي المدرجات التي عانت من غياب الجماهيري طيلة الموسم. المغرب التطواني إستطاع بعد جهد كبير أن يصعد لمنصة التتويج ويؤكد أن لا مستحيل إن حضرت العزيمة والإرادة، المغرب التطواني دون شك أعطى الدرس البليغ أن الإستقرار وحسن التدبير من شأنهما أن يقودا إلى النجاح.. نتذكر أن المغرب التطواني عاش قبل موسم رجة كبيرة داخل قلعته بعد أن تمرد عليه مجموعة من لاعبيه الأساسيين، وقتها قلنا أن تداعيات هذا المشكل سيكون وخيمة وأن المغرب التطواني سيكون عليه الإنتظار طويلا ليستعيد توازنه خاصة أن الفريق رحل عليه مجموعة من اللاعبين ومجبر ليتأقلم مع النقلة النوعية دخلها.. لكن وكما يقال رب ضارة نافعة، إذ كانت هذه الرجة التي عرفتها قلعته مناسبة ليعيد مسؤولوه ترتيب أوراق الفريق ويغيروا من تركيبته البشرية، ومن قال أن الشباب لا يصنع الأفراح فهو مخطئ، لأن المغرب التطواني ومن بين أسرار نجاحه أنه راهن على الفتوة، بل حتى الأسماء المجربة، فإن الأضواء لا تسلط عليها بقوة وتمارس داخل الفريق دون ضغط، لقد كان زاد هؤلاء اللاعبين هو الحماس والعزيمة والإرادة واللهث وراء الألقاب. من حسنات التغيير الجذري الذي عرفه المغرب التطواني أن المكتب المسير اتمكن من إعادة دوران الفريق بهدوء وبعقلانية بعيدا عن الضغوطات التي عادة ما تمارس على المكاتب المسيرة، ومن حسن الحظ أن عبدالمالك أبرون وحاشيته وفروا في المواسم السابقة إمكانيات كبيرة لتحقيق طموح اللقب الذي دغدغ مشاعرهم منذ سنوات، لكن في كل مرة كان هذا المشروع يفشل بسبب الإنتدابات غير الموفقة أو لتغييرات المدربين، وبالتالي لم يكن مسؤولي الفريق التطواني قد وضعوا مخططا لهذا الإنجاز ولم يضعوا اللقب ضمن أولوياتهم، بحكم أن الفريق كان في مرحلة تكوين. وللأمانة وحتى لا نظلم اللاعبين الذين هم من يلعبون أكثر الأدوار للمنافسة على الألقاب، فإنهم أبانوا على مسؤولية كبيرة وروح عالية من الإحترافية وإرادة الفوز، قد يكون لاعبو الماط محظوظون داخل فريق يُؤمن لهم كل الحاجيات وفي وضعية مريحة، لكن هذا الارتياح لا بد أن تقابله مجموعة من الخصائص التي يجب أن تميز اللاعب، وأبرزها الجدية والإرادة والشعور بالمسؤولية، لذلك كان لاعبو المغرب التطواني عند حجم هذه الثقة وأبانوا على احترافية كبيرة في التعامل مع مجريات البطولة. يبقى اليوم هو كيف يستثمر المغرب التطواني هذا الإنجاز وكيف سيتعامل معه المسؤولون، وهل سيكون هذا الإستحقاق الغالي إيذانا بميلاد فريق قادم، وإن كنت لا أشك كون أن المغرب التطواني قادر على دخول نادي الكبار إن استمر في السياسة الإحترافية التي يسير عليها ويتفادى الأخطاء التي سقط فيها سابقوه من الفرق التي توجت باللقب لكنها سرعان ما عادت لتمارس هوايتها في الممارسة بالظل. نتمنى حقا أن يغني المغرب التطواني خارطة الكرة المغربية لأننا بحاجة إلى فرق ترفع من إيقاع المنافسة في البطولة، لا أن تظهر مثل طائر الفينيق الذي يظهر ويتألق ثم يختفي.