مشاكل مادية وتقنية وتسييرية أهم أسباب إخفاق النسور لم يتمكن الرجاء البيضاوي من الحفاظ على لقب البطولة الذي حققه الموسم الماضي ومكنه من ترصيع قميصه بنجمة اللقب العاشر، وتكالبت العديد من الظروف والعوامل التي أعاقت مسيرة النسور وأرغمتهم عن التخلي عن تاجهم في الدورات الأخيرة لصالح منافسيهم.. وشكلت الهزيمة الأولى أمام المغرب التطواني بداية الإنحدار والتراجع قبل أن تعصف الهزيمة في الديربي بكل آمالهم في العودة من جديد لقلب المنافسة، وفي هذا الموضوع سوف نحاول رصد الأسباب المباشرة التي جردت الرجاء من تاج البطولة وأزاحته عن منصة التتويج. 1 البداية المتعثرة لم تمر استعدادات فريق الرجاء في ظروف جيدة تليق بفريق بطل يسعى للدفاع عن لقبه المحلي وكذا المنافسة على اللقب القاري، وبعد تردد حول مكان المعسكر الإعدادي تم أخيرا اختيار مدينة أكادير لإجراء المعسكر وهناك حدثت العديد من المشاكل التي دفعت بالمدرب امحمد فاخر للإنسحاب إحتجاجا على غياب ظروف العمل وعدم استجابة المكتب المسير لمطالبه وعوضه مساعده عبد اللطيف جريندو في انتظار التعاقد مع مدرب جديد، حيث تم اختيار الروماني بلاتشي وذلك بالنظر لتاريخه الحافل بالألقاب ولانجازاته السابقة مع الأولمبيك البيضاوي، لكن هذا الرصيد لم يشفع له ولم يتمكن من إعادة ترتيب البيت الرجاوي الذي أصابه التصدع وكانت تلك هي أولى بوادر التراجع عن المكتسبات التي تحققت في الموسم المنقضي. 2 إنتدابات عشوائية من بين الأسباب التي عجلت بالفراق بين الرجاء ومدربه امحمد فاخر خلافه مع المكتب المسير حول الإنتدابات، إذ ألح المدرب على ضرورة انتداب بعض العناصر من أجل سد بعض الفراغات التي يعاني منها الفريق وبدونها لا يمكن للفريق الأخضر أن ينافس على الواجهتين الإفريقية والمحلية، لكن عدم التزام المكتب المسير بما تعهد به من قبل وذلك بالنظر لوجود مجموعة من الإكراهات المتعلقة بالجانب المادي من جهة، ومن جهة أخرى بكيفية تصريف الفائض من اللاعبين المرتبطين مع الفريق بعقود مازالت سارية المفعول إضافة للعناصر القادمة من فئة الأمل والتي تجاوزت سن الرديف، كما أن الإنتدابات التي تم الإقدام عليها لم تكن في المستوى ولم تقدم في غالبيتها تلك الإضافة المرجوة للفريق. 3 غياب الإستقرار التقني عانى الفريق الأخضر كذلك خلال هذا الموسم من غياب الإستقرار على مستوى الإدارة التقنية فالإستعدادات انطلقت مع امحمد فاخر كما سبقت الإشارة لذلك، وتابع جريندو المشوار قبل أن يلتحق الروماني بلاتشي الذي حصد معه الفريق العديد من النتائج السلبية سواء على مستوى البطولة أو بعصبة الأبطال الإفريقية وهذا ما دفع بالمكتب المسير للإنفصال عنه والإرتباط بالإطار الفرنسي مارشان الذي تمكن من إعادة النسور لسكة الإنتصارات وإخراجه من المنطقة المكهربة، لكنه عجز في الأخير عن قيادته للقب البطولة كما خرج مرة أخرى من الدور الأول لعصبة الأبطال الإفريقية. 4 الربيع العربي صادف تراجع الرجاء وتواضع نتائجه انتشار الثورات العربية أو ما يطلق عليه الربيع العربي، ولم تسلم الملاعب الرياضية بدورها من تأثير الشارع الذي يمثله الشباب الثائر على الأوضاع السائدة بمختلف تجلياتها، وتمثل الرياضة وكرة القدم بالخصوص إحدى مظاهر الفساد ما دفع بالجماهير الرجاوية للإحتجاج على الأوضاع السائدة وتكرار عبارة «إرحل» في وجه الرئيس والمكتب المسير في العديد من المناسبات وهو ما ترتب عنه غياب الإستقرار وشد الحبل بين الجماهير والمكتب واللاعبين في بعض الأحيان. 5 ضعف الموارد المالية عانى الرجاء كذلك هذا الموسم من أزمة مالية كان لها تأثير مباشر على مسيرته وأيضا على الإنتدابات التي أقدم عليها، إذ كانت وراء عدم دخوله المنافسة القوية التي فرضتها باقي الأندية في سوق الإنتقالات وبالرغم من محاولات المكتب المسير لإخفاء هذه الأزمة، إلا أنه لا يمكن حجب الشمس بالغربال، ولعل الإستقالة التي تقدم بها الرئيس حنات في منتصف الموسم ترجع في أحد أسبابها الأساسية للمشكل المادي وكان حينها المكتب المديري قد تدخل ووعد بايجاد حلول لهذا الإشكال الذي أعاق مسيرة الفريق الأخضر. 6 غياب الانضباط النجاح يتطلب توفير سبل تحقيقه ومن أهمها الإنسجام والإنضباط داخل المجموعة، فحين يتكلم الجميع لغة واحدة ويكون الهدف موحدا بين جميع اللاعبين الإحتياطيين والرسميين، فإن العجلة تسير على نحو جيد ودون مطبات، لكن الرجاء إفتقد هذه الأشياء في العديد من المناسبات بداية بالإنفلاتات التي شهدها معسكر أكادير مرورا بتعنت بعض اللاعبين وعدم رضاهم بقرار المدرب بإجلاسهم بدكة البدلاء إضافة إلى اصطدامات ثنائية بين اللاعبين نموذج (أولحاج الصهاجي) ثم (السليماني أشرف)، وقد اضطرت اللجنة التاديبية لإصدار العديد من التوقيفات والغرامات المالية من أجل احتواء الموقف وتقويم هذه الإعوجاجات التي أثرت على نتائج الفريق. 7 عقم هجومي مع بداية الموسم وجد فريق الرجاء صعوبة كبيرة في تسجيل الأهداف وعانى طويلا من عقم هجومي لم يتمكن من التخلص منه إلا نادرا واستمر هذا العقم لعدة دورات حصد خلالها الفريق نتائج جد متواضعة، وحتى عندما تمكن الفريق من العودة لسكة النتائج الإيجابية، فإن ذلك قد جاء بفضل أقدام مدافعيه في العديد من المناسبات، في وقت خرج فيه مهاجمو الرجاء عن دائرة الصراع حول لقب الهداف وهي حالة شاذة بالنسبة لفريق من حجم الرجاء أنجب هدافين مرموقين لا يسع المجال لذكر أسمائهم. 8 أخطاء التحكيم ساهمت الأخطاء التحكيمية كذلك في خروج الرجاء من دائرة الصراع حول اللقب ولعل المباراة التي أسالت الكثير من الإنتقادات، هي تلك التي جمعت الرجاء بأولمبيك آسفي وذلك بعد الإعتراض على مشروعية ضربة الجزاء وطرد المدافع بلمعلم قبل أن يتغاضى الحكم لحرش عن ضربة جزاء لصالح النسور في مباراة الديربي كان من شأنها أن تغير وجه المباراة، ومع ذلك لا يمكن تعليق شماعة الإخفاق على جانب التحكيم باعتباره جزءا من اللعبة ولتضرر فرق أخرى من هذه الناحية. 9 غياب التركيز إفتقد الرجاء في المقابلات الأخيرة للسرعة النهائية التي ظلت إحدى مميزات الفرق الكبيرة التي تتفوق على باقي الفرق من حيث النفس الطويل، ولعل هذا الجانب ما جعل البعض يرشح الرجاء للفوز باللقب بعد أن عاد بقوة في الثلث الثاني من البطولة، إلا أن الفريق لم يتمكن من الحفاظ على نفس التركيز الذي مكنه من التفوق على بعض منافسيه في الدقائق الأخيرة كما حصل أمام الفتح الرباطي وبنفس الطريقة سقط النسور أمام المغرب التطواني والوداد البيضاوي ما يعني عدم قدرة اللاعبين على التعامل مع ضغط هذه المباريات، ويمكن القول بأن الهزيمة أمام تطوان كانت المنعطف الحاسم الذي غيّر من مسار اللقب. 10 الإقصاء من العصبة كانت الهزيمة بمدينة آسفي هي بداية لتراجع نتائج الفريق تلتها الهزيمة القاسية أمام بركوم تشيلسي ثم الهزيمة بمدينة فاس، ولم يستطع الفريق التخلص من الآثار النفسية للإقصاء من منافسات عصبة الأبطال الإفريقية فيما تبقى من مباريات البطولة، ومن جانب آخر فيمكن القول بأن الرجاء دفع ثمن السياسة التي نهجها في السنوات الأخيرة وتهميشه لأبناءه والتركيز على عناصر انتهت صلاحيتها ولم تعد قادرة على تقديم الإضافة ويمكن القول بأن الجميع يتحمل المسؤولية في هذا التراجع وبالتالي وجب استخلاص الدروس والعبر والإستعداد بشكل احترافي لبطولة قادمة ستكون شاقة وصعبة.