من يكون سيد إفريقيا؟ هو سؤال كبير تندرج خلاصاته من الهيأة وقيمة التشكيل العام للمنتخبات الحاضرة في كأس إفريقيا للأمم، والجواب عليه في آخر المطاف يرمينا إلى النهائي الخالص بين صقري الحدث الكبير المفروض فيه أن يكون محمولا بالمفاجآت الصغيرة من البداية، لكن من دون أن تكون أحلام المنتخبات الصغيرة بعيدة إلى آخر رتوشات النهائي إلا بنسب ضئيلة كما اعتادت عليها النهائيات بحضور أقوى المنتخبات الحاضرة اليوم بعيارات غانا وكوت ديفوار والسينغال والمغرب وتونس بمعزل عن تصنيف منتخبات أخرى بقيمة زامبيا، الغابون، غينيا ومالي.. وانتظار الإحتمالات المفاجئة من قبيل بوتسوانا وبوركينافاصو والنيجر وليبيا.. وهذا الكشكول العام للمنتخبات يقدم لنا طبخة قوية لصقور الحدث أولا بميزان قواها التاريخية والإحترافية على أعلى مستوى من النجومية، وتطوره الكبير في التنظيم الجماعي والأدائي والحضور البدني كأولوية قائمة بنفسها وثالثا في ترسيخ الهوية الإفريقية في المشهد العالمي اعتبارا إلى أن أبرز المنتخبات الحاضرة مهيكلة بأسطول احترافي ناضج وغاية في الأداء العالمي. طبعًا هناك من يقول أن منتخب غانا هو المرشح الأول وسيد إفريقيا بحكم أنه أضاع النهائي السابق أمام مصر، واليوم يوجد بمعزل عن مصر صاحبة الإختصاص، وأقدر على الوصول إلى النهائي والتحكم في لقبه برغم إكراهات الإصابة وغياب أبرز نجومه الثلاثة، مع أن حضور إسيان وكيفين بواتينغ وأساموا جيان كان سيضع غانا في منصب سيد إفريقيا بلا منازع، ومع ذلك يظل غانا الجدير بالعالمية صاحب الصولة، ومن الضروري أن يكون في مصاف المربع الذهبي إذا لم يفاجأ بمعجزات بوتسوانا وغينيا ومالي. ثاني سادة إفريقيا هو كوت ديفوار الحاضر بالكومندو القديم الجديد وبملح مدربه فرانسوا زاوي وبدون استثناءات نجومة المعروفة اليوم في أرقى الأندية العالمية إلا في غياب وجوه شكلت في الماضي القريب ضرورة رسمية (روماريك، أكالي، وباكاري كوني) وهو من سيقول كلمة كأقوى مرشح برغم أن الفرنسي كلود لوراو لا يراه مرشحا بحكم أنه يهدر فرصا كبيرة للتتويج في سياق تهاونه في المباريات الفاصلة مثل خسارته أمام الجزائر بثلاثة أهداف لإثنين في ربع نهائي 2010، ما يعني أن كوت ديفوار قد يغير هذه الصورة التي تمنح جميع فصائله فرصة تقديم أقوى كأس ولقب يهديه لشعب كوت ديفوار في آخر فصول نجومية ديديي دورغبا الذي لم يفز بأي لقب إفريقي مع منتخب بلاده.. ثالث سادة إفريقيا هو المنتخب السينغالي المعروف بصلابته وهيجانه الصاخب في النهائيات التي كان وما زال يعلق عليها أمالا كبيرةً لحيازة اللقب أمام احتكار الأقوياء للحدث.. وربما قد يكون الفصل الأقوى في نظري بالقيمة التي يتعهد بها مدربه أمارا طراوري كجزء من عملة النجاح التي وصل إليها المنتخب السينغالي بأفضل نجومه الكبيرة في البطولات الأوروبية، وربما ستجدون في حواره دلالات معنى وقيمة ما سيحضره من أسلحة للتجاوب مع الخصوم وقراءتها خطوة بخطوة. أما رابع سادة إفريقيا فقد يكون المغرب إن هو عرف كيف يمتص رحيق ضياع السنين في الأحداث القارية بالوجه الجديد والرؤى الدلالية لمعنى الحضور من أجل الأهداف وليس التمثيلية كما تحظى بها المنتخبات الصغيرة.. وهذا ما يهمنا في صلب العمود أصلا لجعل منتخب المغرب سيد إفريقيا بثقله الإحترافي شريطة أن يكون مقاتلا وصارما ومتلاحمًا وحاضرًا بكل الأسلحة البدنية والتكتيكية والنفسية والذهنية وقارئا أيضا لفناجين الخصوم التي سيواجهها تباعا في المجموعة، وأعتقد جديا أن الإكراهات التي يعيشها لمنتخب الغاني لا تقل عن الإكراهات الخاصة بالمنتخب المغربي، برغم أن امتياز المغرب له حضور وازن لكامل محترفيه لكن بتناقضات بين التنافسية الجادة والتنافسية القليلة.. ومع ذلك يظل هذا المشكل مطروحا للحل في سياق سيرورة التحضيرات الماراطونية لجعل المجموعة متكاملة في التوحد الجماعي والعطائي، وربما قد يكون غيرتس الذي سيدخل المعركة القارية كسيد جديد من المدربين الأجانب أدرى بمعنى وجدلية القيمة الإفريقية التي أهدر فيها المغرب سنين طويلة من دون ألقاب، ولذلك أعتبر المغرب سيد إفريقيا بالدلالة المنطقية لأسطوله شريطة، أن يكون رجل المقاومة الوطنية بالغابون، ولن نذهب بعيدا برغم أن العديد من الأسماء الجديدة تدخل رهان كأس إفريقيا لأول مرة (16 لاعبا سيلعبون لأول مرة كأسا إفريقية)، وأخرى حافظت على توازنها القاري، لكن بألم الإخفاق (لمياغري، الشماخ، العليوي، بصير، خرجة، قادوري، حجي)، لذلك فأول الخطوة يجب أن يقفز على صراع تونس الحاضرة كسيد خامس وأبرز منتخب جاهز بالتحضيرات الجيدة ( 4 مباريات ودية) برغم أنه تأهل بصعوبة، وبهدية التشاد الفائز على المالاوي الذي كان قريبا من التأهل الرسمي، لذلك فسادة إفريقيا الخمسة هم من سيلعبون قرار الحسم، وقد يصل بعضهم تدريجيا إلى الربع والنصف بعمليات حسابية أقرب إلى الواقع، أي أن المغرب لو تسيد مجموعته ستكون له حسابات جادة مع مجموعة غانا في دور الربع، وسيتفاداها إن وصل إلى نصف النهائي لأنه في كل الأحوال سيلاقي إما خصم المجموعة الأولى والثانية.. ومن حقنا أن نحلم جميع والله ولي التوفيق.