نجاحات صغيرة وإخفاقات كبيرة عندما نودع سنة رياضية، فإننا بكل تأكيد نودعها وقد أقمنا لها جردا دقيقا وموضوعيا يهدف إلى الكشف عن نقط الضوء وأيضا عن زوايا معثمة في المشهد الرياضي، عن رياضات نجحت بكسب رهانها القاري أو العربي ورياضات أخفقت وفشلت وباتت بحاجة إلى كشف حالة وإلى مساءلة ومحاسبة.. ولئن كانت الألعاب العربية الأخيرة بالدوحة تمثل في واقع الأمر أداة للقياس والنقد والتقييم، فإنه بالإمكان القول أن رياضة ألعاب القوى التي سجلت للأسف سقوطا في إختبار العالمية بدايغو عندما خلا السجل خلوا تاما من أي ميدالية، حافظت بنوع من التتاؤب على صدارتها العربية وإن كان هناك ما يؤشر على وجود نوع من التصدع وفقدان السيطرة على مسافات كانت من إختصاص المغاربة، ما يقول بضرورة رفع درجة الإعداد والتركيز تحسبا لاختبار الأولمبياد بلندن بعد أشهر من الآن. الملاكمة هي الأخرى حافظت على الوثيرة وكرست الآمال المعلقة عليها للفوز بميدالية أولمبية رابعة في وجود ملاكمين بعيارات حلم ثقيلة، والدراجات أثبتت منحاها التصاعدي وفجرت رغبتها في أن يكون التألق مستقبلا عالميا وأولمبيا بعدما كان إفريقيا وعربيا، ورياضة الجودو كانت بلا منازع نقطة التحول في ألعاب العرب، فقد أكدت وجود رعيل جديد من الأبطال بمقدوره أن يحمل مسؤولية الدفاع عن الحلم الأولمبي.. ولأن التيكواندو والكراطي لهما هامش محترم لتقديم إضافات نوعية، فإننا سنعتبر أن حصيلتهما السنوية كانت في مستوى الإنتظارات.. إلا أن ما كان محبطا هو ما تسجله رياضات فردية مثل الجمباز، التنس والمصارعة من تراجع مهول، قياسا بما كانت عليه هذه الرياضات من ريادة في السابق، وهو تراجع يستدعي بلا أدنى شك وقفة صريحة مع الذات، تعيد ترتيب الأوراق أو بالأحرى تسمية مسببات التواضع والإخفاق. ويكون من الضروري أيضا أن نسمي سنة 2011 بسنة الموت البطيء للرياضات الجماعية التي تظل كرة القدم بحكم ما يرصد لها من إمكانات وما يلاحقها من متابعة جماهيرية الإستثناء الكبير فيها، فكرة السلة وكرة اليد والكرة الطائرة تحديدا تعيش على وقع هزات عنيفة لم تبق لغاية الأسف أي أثر أو حتى بصمة أمل في المستقبل، فبعد الإنكسار إفريقيا، جاء الإنكسار عربيا ليفضح حالة من الفوضى العارمة التي لا يمكننا الوقوف حيالها صامتين. وما دام أن للوزارة الوصية عقود أهداف صريحة تعطي وتحاسب، تمنح وتسائل، فإنه من الضروري التوجه ونحن على أعتاب سنة جديدة محملة برهانات كثيرة إلى كل هذه الرياضات التي خسرت أكثر من جولة والتي تسجل تراجعا مهولا لنبحث عن كل الموانع والمثبطات والمعطلات الوجودة فيها، معطلات وموانع موجودة أصلا في جنس التدبير والتسيير أكثر ما هي موجودة في الإمكانات..