لا أريد أن أكون شيطانا أخرس ضحينا بكأس إفريقيا لنعيد بناء الهوية المغرب مرشح قوي للفوز باللقب القاري لماذا تجعلون منا أكباش فداء بعد كل هزيمة؟
عندما تجلس لمحاورة صامويل إيطو فكأنك تتقمص دور المدافع أو الحارس، للرجل قدرة رهيبة على المراوغة وليس على التمويه، على التهديف وليس على التحريف.. لصامويل إيطو مغناطيس ساحر وجاذبية لا تقاوم، أريحيته، إنسيابيته وإنسانيته تضفي هالات من الإحترام على شخصه فتعظم من مكانته، ولصامويل أيضا قدرة رهيبة على الجهر بالحقائق مهما كان الثمن، فهذا الحوار برغم أنه كان بطابع إحتفالي، وهو ينجز بعد تسلمه جائزة الأسد الذهبي ل "المنتخب" كأفضل لاعب كرة قدم إفريقي لسنة 2010، إلا أنه كان مناسبة لإيطو ليعود إلى تصويب كرات من نار لا تحول البيت إلى رماد وحطام ولكنها تضيء سماء كانت وما زالت ملبدة بغيوم كثيفة.. هذا سفر صادق، أرجوكم أن تربطوا الأحزمة لأن صامويل إيطو سيحلق بكم إلى عوالم لم تعتادوها.. - المنتخب: ها أنت تتوج بجائزة "الأسد الذهبي" للمنتخب للمرة الثالثة مكافأة لك على ما حققته على مدار سنة 2010 من إنجازات كروية أنطولوجية. رائع أن تعتلي القمة مجددا، أليس كذلك؟ صامويل إيطو: شكرا على لباقتك.. شكرا لمجموع الصحفيين الرياضيين الذين مثلوا لجنة التحكيم ومنحوني هذا اللقب الفخري، والشكر أيضا موصول لصحيفة "المنتخب" التي أخذت على عاتقها تنظيم هذه الجائزة للإحتفاء بنجوم كرة القدم الإفريقية ولتحفيزهم على تقديم كل ما من شأنه أن يرفع قدر كرة القدم الإفريقية عالميا. شرف لي أن أحظى بهذه الجائزة للمرة الثالثة والتي تكافئ كل النجاحات الرياضية التي تحققت لي على مدار سنة 2010، أمل صادقا أن لا تكون المرة الأخيرة التي أنال فيها جائزة "الأسد الذهبي" الذي أهنئكم على روعة تصميمه. وطبعا المناسبة تلزمني بأن أتوجه لكل اللاعبين الأفارقة الشباب لأحثهم على الإستمرار في بذل الجهود لعلهم يحظون بشرف حمل هذه الجائزة الفخرية التي هي تكريم وتحفيز. - المنتخب: لنعد إلى سنة 2010 التي توجت فيها بطلا لإيطاليا مع أنتير ميلان ثم بطلا للعالم مع ذات الفريق، ونلت خلالها كأس إيطاليا، في النهاية كانت سنة في روعة وغنى سنة 2009 التي حققت فيها ألقابا بنفس المقاس الأسطوري مع ناديك السابق برشلونة؟ صامويل إيطو: نعم أتفق معك، هذه السنة هي في إنجازاتها وغناها بنفس مقاس سنة 2009 لما كنت في صفوف برشلونة الإسباني، إنما الفرق هو أنني هذه المرة كنت بألوان أنتير ميلان، دعني أكن صادقا معك، هذه الألقاب كلها هي ثمرة عمل جماعي، دليل قوي على أن الروح الجماعية غطت على كل شيء، وهي مناسبة أستغلها لأوجه لكل زملائي الشكر الكبير لكونهم ساعدوني على أن أقدم أفضل ما لدي خلال السنتين اللتين قضيتهما بميلان مع الأنتر، لقد فعلوا كل ما يستطيعونه لأشعر براحة نفسية ولا أتأثر بما إختلف علي من تقاليد وطقوس وشكل الحياة، ثم إنني أوجه تحية خاصة للرئيس موراتي الذي لم يدخر أي جهد ليسهل علي مأمورية الإندماج ولتكون الحياة بإيطاليا سهلة علي. - المنتخب: بعد سنتك الخرافية مع برشلونة (2009) والتي حصلت خلالها أيضا على جائزة الأسد الذهبي كأفضل لاعب كرة قدم إفريقي، كنا نعتقد أنك أصبحت من أهل البيت، ومن الصعب التصور على أنك سترحل يوما عن برشلونة، ما الذي إنتقل بك إلى إيطاليا، إلى نادي أنتير ميلان؟ صامويل إيطو: الله وحده هو الذي أراد أن يكون هذا التحول وبهذه الصورة في مسيرتي الرياضية، أنا رجل مؤمن بالقدر، وكثيرا ما لا أعاكس مجرى الأشياء، لذلك عندما عرض علي الإنتقال إلى إيطاليا لم أبد أية معارضة، صحيح أنني تعمقت في دراسة الخطوة واقتنعت بجدواها، وأظن أنكم توصلتم مثلي إلى أن القرار لم يكن خاطئا، لقد حققت مع الأنتير أشياء رائعة جدا.. - المنتخب: عندما يلعب إيطو لسنوات مع برشلونة ولسنتين مع الأنتير فإن ذلك يعني أنه تعود على اللعب في القمم العالمية، ألا يشعرك الإنتقال إلى روسيا للإنضمام لنادي مغمور إسمه أنجي بأنك نزلت من هذه القمم؟ هل كان الإختيار صائبا؟ صامويل إيطو : طبعا كان إختيارا صائبا، وعندما أقرر شيئا فلأنه يصب في مصلحتي على كافة الأصعدة، شعرت بأن هذا الفريق يحتاجني كما يحتاج لاعبين آخرين لإنجاح مشروع كبير.. - المنتخب: ألم يكن الجانب المغري فيه هو الجانب المادي؟ صامويل إيطو : عندما يكون لاعب كرة قدم في سني، ويبلغ ما بلغته من نضج ويحقق ما حققته يكون لزاما عليه أن يتفاعل مع كل المشاريع وأن يبدي الإستعداد الكامل لمساعدة الأخرين، لذلك فإن إنضمامي إلى أنجي الروسي يمثل مشروعا حياتيا، هو مشروع رياضي بالدرجة الأولى، لذلك فأنا شغوف بأن أساعد أنجي قبل نهاية عقدي على الوصول إلى ما يراهن عليه مسؤولوه. - المنتخب : كيف تقيم نصف موسمك مع أنجي؟ صامويل إيطو: صدقا أنا سعيد بما تحقق حتى الآن، فأنا أسجل وأساعد زملائي على التسجيل، الفريق يكبر وهذا أمر يملأني فخرا. - المنتخب: يلعب إلى جانبك بفريق أنجي لاعبان مغربيان هما امبارك بوصوفة والمهدي كارسيلا، وقبلهما كان الحسين خرجة زميلا لك داخل الأنتير، ماذا تقول عن الثلاثة؟ صامويل إيطو: فوق أنهم كلهم مغاربة، ينتمون لبلد أعشقه وأعز كثيرا ناسه، فأنا أعتبرهم أشقاء أفارقة يلعبون في مستوى جيد ولهم ملكات فنية وإبداعية كبيرة.. في السابق كنت أسعد الناس بمعاشرة عميد منتخب المغرب الحسين خرجة عندما جاء معارا للأنتير، لقد مرت فترة ستة أشهر في توافق تام وحققنا معا الفوز بكأس إيطاليا، أما بوصوفة وكارسيلا فهما لاعبان ناشئان بمهارات عالية، وأنا شخصيا أفعل المستحيل من أجل مساعدتهما على تقديم الأداء الذي يتوافق مع إمكاناتهما، إذا ما كنت مع لاعبين آخرين نحمل مشعل الكرة الإفريقية بأوروبا، فغدا سنضع هذا المشعل في أيدي لاعبين أمثال بوصوفة وكارسيلا ليواصلوا رحلة تشريف كرة القدم الإفريقية. اليوم أنا ألعب معهم دور المؤطر، أرسم لهم معالم الطريق ولكن عليهم أن يعرفوا أن الطريق نحو المجد صعب وشاق.. - المنتخب : المنتخب الكامروني وبشكل فاجأ الجميع خرج من سباق التصفيات ليكون غائبا كبيرا عن الأدوار النهائية لكأس إفريقيا للأمم عام 2012 بالغابون وغينيا الإستوائية، هل تجد لهذا الأفول سببا؟ صامويل إيطو: تعرفون، منذ سنوات ونحن نعيش مشاكل داخل فريقنا الوطني، لأول مرة واجهنا المشكل، وقلنا إذا كان التغيب عن كأس إفريقيا للأمم هو ما يمكن أن نضحي به لإنهاء هذا المشكل فليكن، لطالما أن الأهم بالنسبة لنا هو أن نعيد بناء المنتخب الكامروني ليكون في مستوى تطلعات جماهيره وليحقق إنتظارات كل أبناء قارة إفريقيا باعتبار أن منتخب الكامرون يمثل لإفريقيا نقطة ضوء كبيرة.. اليوم هناك ورش كبير مفتوح، رهانه الأكبر هو ترميم البيت وإصلاح ما ظهر من إختلالات حتى وإن كلفنا ذلك التغيب عن منافسة كروية دأبنا منذ مدة على حضورها، فلا أحد يقبل بأن يحضر منتخب الكامرون كأس إفريقيا للأمم وكأس العالم بصورة مهزوزة ومشروخة.. - المنتخب: بالإقصاء المفاجئ لمنتخب الكامرون، ومنتخب نيجيريا وبخاصة منتخب مصر حامل الرقم القياسي في عدد مرات تتويجه بطلا لإفريقيا، قال البعض أن كأس إفريقيا للأمم 2012 لن تكون مثيرة، وقال البعض الآخر إن إفريقيا جديدة تولد؟ صامويل إيطو : على العكس، الكأس الإفريقية ستكون مثيرة وذات فرجة عالية، ما يجب أن يعرفه الكل أن دولا جديدة ولدت وفرضت نفسها بالعمل، وإذا كانت هناك منتخبات قد أقصيت فلأنها فرطت في أشياء ما.. إذا ما كان هناك من يرى أن إقصاء منتخبات مثل الكامرون ومصر قد شكل مفاجأة صاعقة، فإنني أرى في ذلك فرصة لإكتشاف منتخبات أخرى، لا بد وأن نكون فخورين بمولد قوى كروية جديدة لأن ذلك سيعزز مكانة كرة القدم الإفريقية، لذلك تجدني سعيدا بهذا التنوع وبهذه الخصوبة وباتساع قاعدة المنتخبات الكبيرة أكثر ما أنا حزين على إقصاء منتخب بلادي. - المنتخب: تقصد أن القاعدة إتسعت ومعها تتسع تضاريس الكرة الإفريقية؟ صامويل إيطو : لو ظل الأمر حكرا على المدارس الكروية الإفريقية التقليدية فإن ذلك سيرمز إلى أن هناك نوعا من الكساد الكروي وأن هامش التألق يبقى ضيقا، إنما بميلاد هذه القوى الكروية الجديدة، فهذا دليل على أن كرة القدم الإفريقية بعافية كبيرة، أي أنها تشجع على ميلاد منتخبات جديدة، وهذا أمر يجلب لنا جميعا السعادة. - المنتخب : هل تعتقد أن بمقدور منتخب الكامرون العودة سريعا إلى الواجهة، بوجود لاعب وقائد في تجربة وخبرة صامويل إيطو؟ صامويل إيطو: الأمر يتوقف على حالة ذهنية لا بد وأن تحضر كلما حصلت الأزمة، قلت لك أننا ضحينا بكأس إفريقيا للأمم لنعيد ترتيب البيت ولنتفادى الوقوع في مشاكل كالتالي سقطنا فيها في الماضي، أتصور أننا اليوم في وضعية ذهنية وفكرية تؤهلنا لإعادة بناء منتخب الكامرون بشكل لا يتسبب في وقوع نفس الأخطاء كما في السابق، لذا فأنا سعيد بأننا نبني مشروعا جديدا سيساعدنا على العودة بأسرع وقت إلى الواجهة. - المنتخب : خضتم مبارتين عن دورة إل جي الدولية أمام منتخبي السودان والمغرب وهما معا مؤهلان لنهائيات كأس إفريقيا للأمم، هل أكدت الدورة على أنكم في السكة الصحيحة؟ صامويل إيطو: لا أحد يجادل في قيمة وقوة المنتخبين السوداني والمغربي وبخاصة المغربي، لذلك فإن اللعب أمامهما بتشكيل جديد يعتبر أكبر إختبار، ويمكنكم كنقاد أن تصدروا حكما موضوعيا عن المنتخب الكامروني ليس من خلال فوزه بلقب الدورة، ولكن من خلال الأداء العام الذي قدمه في المبارتين معا، أعتقد أننا قدمنا صورة واعدة وأكدنا أننا في الطريق الصحيح، ثم إنها فرصة لأقدم الشكر الكبير للجماهير المغربية التي إستقبلتنا بحفاوة كبيرة، أنا أعرف أنها جماهير عاشقة لكرة القدم ومتمتعة بروح رياضية عالية، ولكن ما أسعدني هو أجواء الإحتفالية التي أضفتها على المباريات. - المنتخب: أنت من تعرف كرة القدم المغربية عن قرب، كيف تقيم أداء منتخب المغرب، وهل تعتقد أنه سيكون من المنافسين على اللقب الإفريقي؟ صامويل إيطو : المغرب مرشح للفوز بلقب كأس إفريقيا للأمم لأنه يتمتع بخبرة وتجربة وبعمق إفريقي، عليه أن يتعامل مع كل مباراة على حدة إلى أن يبلغ المباراة النهائية ويصبح قريبا من اللقب.. من حظ المنتخب المغربي أنه سيواجه منتخبات أقل منه تمرسا بأجواء كأس إفريقيا للأمم، لذا عليه أن يستثمر هذا المعطى ويجعله يلعب لصالحه ليتغلب على حماس المنتخبات الأخرى. - المنتخب: لم تشهد كرة القدم الإفريقية عبر تاريخها الطويل وصول لاعبين إلى قمة كرة القدم العالمية كما هو الحال اليوم مع نجوم من أمثال إيطو ودروغبا، مؤسف أن لا نجد لاعبا إفريقيا يحصل على جائزة الكرة الذهبية كأحسن لاعب كرة قدم في العالم ولا نجد منتخبا إفريقيا يصل إلى نهائي كأس العالم؟ صامويل إيطو: كل هذا مرتبط بكم أنتم كصحفيين وبكم أنتم كمسيرين أو كسؤولين عن الأندية والإتحادات، إذا ما كان مؤكد أن هناك لاعبين أفارقة يستطيعون المنافسة على جائزة أفضل لاعب في العالم أو أن هناك منتخبا إفريقيا بمقدوره الوصول إلى نهاية كأس العالم، فإن الضرورة تحتم أن تتكاثف الجهود للوصول إلى هذه القمم. لغاية الأسف إلى اليوم ما زلنا في مشهدنا الكروي الإفريقي نتدبر بعض الأشياء بطريقة هاوية، يجب أن نتوقف عن القول بأننا قارة فقيرة بدون إمكانيات، لو صحيح أن الإحتراف يحتاج إلى إمكانات مادية فإن ما هو صحيح أيضا أن إفريقيا يمكنها أن توفر هذه الإمكانات، وأقلها أن نكون منظمين، أن تكون لنا الإرادة لكي نعطي للاعب الإفريقي ما يحتاجه من إمكانات ليتطور ويصل إلى ما وصله اللاعب بقارة أوروبا أو غيرها. - المنتخب: بعد أن إقتحمت البطولة الإسبانية باللعب لمايوركا ثم لبرشلونة وبعد أن دخلت البطولة الإيطالية للعب لنادي أنتير ميلان، كنا نتوقع أن تجرب اللعب في بطولة أنجلترا، لماذا لم تجرب الإنضمام لفريق أنجليزي؟ صامويل إيطو: بعد أن إلتحقت بمايوركا وجدت أن الناس كانوا سعداء بذلك، تمكنت من التألق بلا حدود في الليغا الإسبانية، وعندما قررت الذهاب إلى إيطاليا منضما لنادي أنتير ميلان، قيل لي أنك أخطأت، فهذه البطولة لا تلائم اللاعبين الأفارقة، فأظهرت لهم العكس وقدمت موسمين رائعين، وكل هذا فعلته لأظهر أن اللاعب الإفريقي يمكنه أن يبصم على أداء جيد في أي بطولة، ولكي أجبر الآخرين على إحترامنا كلاعبين أفارقة حتى لا ينظروا إلينا من لون البشرة ولكن من زاوية موهبتنا. بالحضور الجيد في الليغا الإسبانية والكالشيو كان ينقصني أن أضع بصمتي في البطولة الأنجليزية، لا أخفيك أنني فكرت في الأمر، لكنني فضلت أن أدخل مغامرة جديدة أثبت فيها ذاتي، وإذا ما تمكنت من أن أصعد بنادي أنجي الروسي من المستوى المغمور الذي يوجد فيه إلى مستوى العالمية، فسيكون ذلك أمرا رائعا. - المنتخب: هل تفكر يوما في العودة للعب بالكامرون؟ صامويل إيطو: ضاحكا.. للفريق الوطني أو لناد كامروني؟ - المنتخب: لناد كامروني؟ صامويل إيطو: لا.. لا أعتقد ذلك، أنا على مشارف الإعتزال، لم أعد صغير السن، هناك سنوات ما زالت أمامي، أريد أن أهبها أولا لمنتخب بلادي وثانيا لقارتي الإفريقية، فأنا صاحب رسالة، أنا سفير لكرة القدم الإفريقية، وعلي أن أستمر في الدفاع عن الشخصية الإفريقية.. محزن أنني شخصيا مررت بمحاداة حلم كبير، فعندما تأهلنا لكأس العالم لسنة 2010 التي أقيمت لأول مرة على أرض إفريقيا، قلت أنه من الضروري أن نؤرخ لهذا الحدث بالوصول إلى ما هو أبعد، بالفوز بكأس العالم. للأسف ذلك لم يحدث، ولكن لا يجب أن نعيش على مجرد الأسى والأسف، يجب أن نتوجه بتفاؤل وبأمل إلى المستقبل.. - المنتخب: لماذا يتهمك بعض الصحفيين بتعنيفهم وبمواجهتهم بجفاء؟ صامويل إيطو: (مستغربا) عنيف مع الصحفيين؟، لا أدري إن كان ما يعنونه با�